کیف تم تحبیب الکمالیزمیة؟

کاني یلماز – الجزء الثاني

إستقلال جنوب کوردستان کقیام إسرائیل صغیرة ثانیة

الکادر القیادي السابق لحزب العمال الکوردستاني البکک یوضح حقائق وأسباب إنشقاقهم عن البکک.

أردنا وحاولنا تقنین تقییمات مؤتمر أوربا وجعلها أسسا رسمیة، واعتمدنا علی هذه الأسس، ولکي نستطیع وبسیاسة دیمقراطیة إزالة الرؤیة الضبابیة ونسیطر علی التشتت والخلافات التي تعصف بالبکک، وحقن الدماء المهدورة.

نستطیع القول بأن المؤتمر الأول -مؤتمر الشعب- بعث في أعماقنا الأمل، وأشعل فینا روحا حماسیة، غیر أن فکرة الإنشقاق عن التنظیم لم تغب عن أذهاننا وأفکارنا، وقد یکون هناک من کان یرید الإنشقاق عن هذا التنظیم غیر أن هذا الإنشقاق لم یکن فکریا، وإنما لإدارة حیاته الطبیعیة وهذا شيء طبیعي ووارد، ولماذا أتحدث بهذه الکلمات؟ لأن مثل هذه الحالات کانت موجودة وبکثرة، غیر أن إنشقاقنا عن التنظیم کان إنشقاقا فکریا.

فلو کانت أفکارهم تحمل تغییرات أساسیة في طیاتها، وتم تطبیقها، کما لو کان إختلاف وجهات النظر والخلافات التنظیمیة یتم تسییسها وإدارتها برؤیة دیمقراطیة، لما أهدر التنظیم هذا القدر من الدماء وأضاعتها، کما أن التنظیم نفسه لبقي موحدا ولما إنشق نصفین، غیر أنه حصلت تدخلات في هذه الجوانب.

فقد کانت هناك نشرة معروفة ومشهورة والمسماة بـ (25 شباط) والتي کتبها دوران کالکان بنفسه واتهمنا فیها بالخیانة ومن هنا بدأ هذا الأمر، ورغم أننا کنا في صفوف البکک آنذاك ونناضل في الساحة العراقیة، إلا أن هذه المداخلات کانت تتم عن طریق المحامین من قبل إیمرالي، وعلی الرغم من أن جمیل بایك لم یکن یمتلك صلاحیات آنذاك ولم یکن یتبوأ أي منصب رسمي إلا أنه رأی من حقه التدخل، فقام بالتشهیر کما قام بتوسیع هوة الخلاف والشقاق، ووقعوا في أزمة حادة فیما بینهم، ولم تطبق أیة قرارات لمؤتمر الشعب، بل خلت الحیاة التنظیمیة من هذه القرارات، وقد إنتخبنا واخترنا السیاسیین المدنیین وفوضناهم إدارة التنظیم في المؤتمر الأول، لحمایة هذا الفکر، غیر أننا لم نلمس ما کنا نأمله، بل واجهنا عکس ما أردناه، لأن من إنتخبناهم من محیط السیاسة المدنیة کانوا عدیمي التأثیر وفاقدي الإرادة، وذو شخصیات مهزوزة وضعیفة سیاسیا، کما لم یکونوا بمستوی مسؤولیاتهم ولم یقوموا بواجبهم، کما لم یستطیعوا الإرتقاء بالتنظیم لمستوی دیمقراطي مؤمل لأنهم قدموا من أطر السیاسة المدنیة.

وهذه التطورات أصبحت سببا أن توجهنا العملیة نحو المؤتمر الثاني، فعند مشارکتنا في المؤتمر کان التنظیم یعاني التشتت والإنقطاع، إذ أثرت التدخلات علی التنظیم بصورة کبیرة، فحتی أصحاب المباديء المدنیة والسیاسیین المدنیین تأثروا بأفکار الأصولیین المتشددین تأثیرا واضحا، إندمجوا فیهم.

وخلال المؤتمر تسببت مداخلات أوجلان من مرکزه بإیمرالي وبالأخص فیما یتعلق بقرار إعلان الحرب، بوضع القرارات التي صدرت من المؤتمر الأول بشأن الإشتراکیة علی الرفوف من غیر نقاش! فقام أحد المحامین وأمسك بالمیکروفون وقال: (یجب إعلان الحرب في الأول من حزیران) وثقل هذه الکلمة وتأثیرها وفي هذا الوقت والأشخاص الذین کانت لهم علاقات خاصة وکذلك المذکرات التي کانت تبعث من إیمرالي للتنظیم والتي کانت تصل للمحافظین، وتعلیمات إیمرالي کلها کانت تجمع في غار وتصدر کتعلیمات للمؤتمر، فتم تهمیش کافة قرارات المؤتمر الأول -مؤتمر الشعب- وصدر قرار إعلان الحرب، وتغلب علینا أصحاب العلاقات الخاصة بشکل عنیف.

فتحدث رفاقنا في المؤتمر بعد ذلك بأنهم أجبروا علی الإنفصال والإنشقاق، فتحدثوا بشکل مختصر، وأساس هذه الحقیقة ‌هي أن کلنا له سلبیات وإیجابیات، وکلنا مسؤولون عما یصدر منه، فسلبیاتنا وإیجابیاتنا التي طبقناها خلال الـ 25 سنة الماضیة تجاه قومیتنا وأمتنا، نری أنفسنا مسؤولین بتحمل أعباء جزء من الجرائم التي أرتکبت بحق شعبنا، فأستطیع القول بأننا إلتحقنا بهذا النضال من أجل الکوردایتي، ناضلنا في صفوف هذا التنظیم خلال25  لـ 30 عام بلا إستثناء من أجل تحریر شعبنا، أمضینا سنوات عمرنا في هذا الطریق، فوصلنا لنقطة أصبحت تضحیاتنا في سبیل هذا التنظیم في شمال کوردستان بلا هدف.

وتم تحویر وجهتنا السیاسیة بعملیة إیمرالي، فتم تغییر بیاننا السیاسي الأول والذي کان یهدف لبناء کوردستان حرة ومستقلة وموحدة بجمهوریة دیمقراطیة لا یعرف أحد کنهها وحقیقتها، کنا أصحاب آیدولوجیة واقعیة للألفیة الثانیة بأن نعیش سویا في ظل تغییرات دیمقراطیة، غیر أن آیدولوجیتنا تعرضت لعوائق جمة في طریقها بحیث کلما بعثت رسالة من إیمرالي فإنها تفسر بالکمالیزمیة توجها وتقییما.

وکلنا یعرف أن المصائب والکوارث والنهایات المریرة لشعبنا کانت سببتها الکمالیزمیة، ولهذا فمن الخطأ أن نلتحق بهذا النضال ونخدمه، ومقابل هذه الحرکة العظیمة فقد تم تحبیب الکمالیزمیة وتفسیرها من جدید في جمهوریة لم تکن معادیة للکورد في جوهرها الثوري! بمعنی ینبغي أن ننظر إلیها کواجب علینا نحن الکورد ونحمیها.

وقد تدخلت الولایات المتحدة آنذاك في العراق علی مستوی إقلیمي، وکان من الممکن أن یحدث في شمال کوردستان وباقي أجزاء کوردستان ما حصل ونتج عن هذا التدخل في جنوب کوردستان، وقد أخذت البکک موقفها الخاص من التدخل الأمریکي في العراق، وحصلت تطورات هامة في جنوب کوردستان، وکانت تتوجه نحو الحریة وکیان مستقل، ولم تکن المشکلة والعقدة في الأحزاب التي یمتلکون قاعدة قویة في جنوب کوردستان -الحزب الدیمقراطي الکوردستاني والإتحاد الوطني الکوردستاني- غیر أن الجماعة الأصولیة المتشددة والتي کانت تقود تنظیمات البکک کانت کافة تفسیراتها وتحلیلاتها وتقییماتها للواقع الجدید في کوردستان مغایرة ومعاکسة للواقع، کان ینبغي علی الکورد في باقي أجزاء کوردستان أن یدیروا تنظیماتهم حول مفهوم الاتفاق القومي، غیر أن تنظیمات البکک لم تتحمس لهذا، وهذه کانت المرة الأولی التي کان من المفروض أن تخرج الحرکات السیاسیة الکوردستانية بواقع علی الساحة، وفسرت کوردستان علی أنها دولة إسرائیل صغیرة وهذا ما أقلقنا، وقلقنا الأساسي کان من مبدأ إعلان الحرب وقد دخل قرار إعلان الحرب حیز التنفیذ في الأول من حزیران، وکنا  قوة تنظیمیة مقاتلة، کنا حرکة قتالیة وقد ظهرت نتائج مهمة لهذه الحرب علی الساحة، وفي عام 1999 کانت قد صدرت تعلیمات من إیمرالي بإنهاء الکفاح المسلح ووضع السلاح، وعدم حمله مرة أخری، وأن الحرب لا تحقق أیة نتائج إیجابیة، ولیس من الممکن أن نصل لأیة نتائج بنضالنا المسلح، ومن الیوم فصاعدا سنکافح ضد حقوقنا علی أسس النضال الدیمقراطي، وبهذا القرار تم إعلان وقف إطلاق النار ووضع السلاح في وقت قلما کان التنظیم یحارب بهدف إقامة کیان مستقل، وتم إعلان هذا القرار للتنظیم بکل وضوح وشفافیة وانفتاح.

ترقبوا الجزء الثالث …

مقالات ذات صلة