حقيقة مخيم مخمور والمؤامرة الدنيئة للبكك

حقيقة مخيم مخمور والمؤامرة الدنيئة للبكك

الجزء الأول

لماذا أصبح مخیم مخمور منطلقاً للإنقلابات ومعارضة حکومة الإقلیم؟

منذ فترة والمواضیع الساخنة علی السوشیال میدیا تدور حول الحصار الذي یمارس علی مخیم مخمور للاجئین، ویتم تحت هذا الغطاء محاربة ومعاداة حکومة إقلیم جنوب کوردستان، کما نشرت تفسیرات منحرفة وسیناریوهات خاطئة بشأن مواقف حکومة الإقلیم واستهدافها، وکان منبع نشر هذه التفسیرات والتحلیلات والسیناریوهات وسائل إعلام البکک والأحزاب التابعة والمستظلة بها ونشطائها علی السوشیال میدیا مما لا شك فیه.

قبل وجود أي حدث علی أرض الواقع تعد البکک سیناریوهات وتؤلفها وتنشر علی وسائل إعلامها أن هناك حصاراً حول مخیم مخمور، غیر أن الحقیقة والواقع مغایران تماماً عن هذه السیناریوهات، ولا وجود لأي حصار حول مخیم مخمور، وأن المخیم تابع لبغداد، وأن علاقاتها ما زالت مستمرة ومتواصلة معها، وفي ذات الوقت لا تتم في هذا المخیم أیة أعمال خارجة عن قوانین حکومة إقلیم جنوب کوردستان، غیر أن البکک تحاول تحویل مخیم مخمور لقاعدة إنقلابات ومعارضة، وإستخدام المخیم لمعاداة إدارة إقلیم جنوب کوردستان، ولهذا تمت إثارة هذا الموضوع ومناقشته الآن، فکیف ذلك؟

إقلیم کوردستان لم یظهر لمخیم مخمور خارج الأطر الدستوریة غیر العفو والصفح

تم إنشاء مخیم مخمور عام 1998، ویبتعد قرابة 65 کم عن العاصمة أربیل، ومنطقة مخمور رسمیاً خارجة عن إدارة سلطات کوردستان، وهي تحت سلطة الحکومة العراقیة، وهي تابعة لمحافظة الموصل إداریاً، ولیست لحکومة جنوب کوردستان أیة سلطة رسمیة علیها.

ولغایة عام 2003 کانت الطریق التي تربط منطقة مخمور بالعاصمة أربیل خاضعة تحت حراسة السلطات العراقیة، ولم تکن هناك أیة علاقات تربط العاصمة بمخمور، وبعد عام 2003 وانهیار نظام صدام محیت تلك الحدود، ورغم إرتباط مخیم مخمور بالحکومة المرکزیة وتبعیته لها رسمیاً إلا أن حکومة جنوب کوردستان تعاملت مع منطقة مخمور کجزء منها ومن جسد کوردستان، وتم فتح جمیع الأبواب لأهالي المخیم وعلی مصارعها.

ورغم عدم مشروعیة وقانونیة ودستوریة هذه الخطوة إلا أن حکومة إقلیم جنوب کوردستان فتحت أبواب جامعاتها لشباب مخیم مخمور وطلابها، وهیأت وزارة التربیة في حکومة إقلیم جنوب کوردستان رواتب معلمي المخیم، وفي الوقت نفسه قامت الحکومة بفتح کافة الممرات أمام المخیم لإنشاء علاقات مع وزارة الصحة في الإقلیم وفي مجالات شتی، وقامت بتوفیر کافة المستلزمات والاحتیاجات للمخیم وبطرق رسمیة، وحسب القوانین العراقیة فإن الجنسیة العراقیة التي مُنحت لأهالي مخیم مخمور یعمل بها في حدود مدینة الموصل حصراً غیر أن حکومة جنوب کوردستان فتحت طرق أربیل ودهوك وزاخو للاجئیها، وبهذا إستطاع آلاف الأشخاص من ساکني المخیم أن یحصلوا علی وظائف وأعمال خاصة في هذه المدن، ففتحوا المعامل والمصانع، ورفعوا من مستواهم الإقتصادي والمعیشي، ورغم تحسین العلاقات بین البکک والإتحاد الوطني الکوردستاني إلا أن الإتحاد ڵم یفتح المجال لحاملي جنسیة المخیم ولم یسمح لهم بالتجوال بحریة وأمان وسلام في المناطق الخاضعة لسلطتهم وسیطرتهم.

البکک لم تکن ترید إنتشار ساکني المخیم واستیطانهم

عام 2004 وفي الوقت الذي لم تتشکل فیه أیة حکومة مرکزیة في العراق بعد، قدم قیادي رفیع المستوی في إقلیم جنوب کوردستان إقتراحاً للهیئة الإداریة العلیا لمنظومة المجتمع الکوردستاني الـ ك ج ك حول مخیم مخمور قال فیها: “لم تتشکل الحکومة المرکزیة بعد، وشعب مخیم مخمور شعب مغدور ومهضوم الحقوق، لنتحصل لکم علی الجنسیة العراقیة” غیر أن البکک ردّت الإقتراح بشدة، لأنها لم تکن مهتمة بإیجاد حلول لمشاکل أهالي مخیم مخمور، بل کان هدف البکک إستخدام مخیم مخمور کدعایة لها وورقة ضغط في الأوقات والأماکن المناسبة والضروریة!

وبالتزامن مع هذ ا، وفي ترکیا وبالذات حول قضیة إعادة القری والتي کانت تدار مع محکمة الإتحاد الأوروبي المختصة بحقوق الإنسان، لمحت فرصة جیدة لأهالي مخیم مخمور بصدور قرار یحق لهم علی ضوئه بالعودة إلی مناطقهم غیر أن البکک ردت هذا أێضاً، لم ترد البکک عودة هؤلاء الناس لترکیا، غیر أننا نستطیع أن نقول بأن نصف سکان مخیم مخمور عادوا لترکیا بطرق خفیة، وحصلوا هناك علی الجنسیة الترکیة، وخدم الکثیر منهم کجنود الدولة الترکیة، ورجع الكثیر منهم لقراهم وعلی ممتلکاتهم، وطالبت البکک شعب مخیم مخمور بالتستر علی هذه الحقیقة وإخفائها وتغطیتها.

لماذا لاترید البکک التخلي عن مخیم مخمور؟

رغم التقارب الشدید والاحتضان الذي تلقاه مخیم مخمور من قبل حکومة إقلیم جنوب کوردستان، إلا أن البکک دائماً ما کانت تعمل في إتجاهین لإیجاد الفرقة وإبعادهما عن البعض، فمن الناحیة التربویة والتثقیفیة وعقد الإجتماعات کانت تحاول توجیه المخیم ضد حکومة جنوب کوردستان، ومن ناحیة أخری کانت تحاول إستخدامهم کسلاح ضد حکومة جنوب کوردستان.

کررت البکک عدة محاولات لتکوین قاعدة جماهیریة في جنوب کوردستان غیر أنها لم تفلح في مسعاها هذا، لذا إستخدمت أهالي مخیم مخمور کقاعدة جماهیریة لها في الجنوب، فحزب (PÇDK) والتابع للبکک في جنوب کوردستان والذي إستخدم أهالي مخیم مخمور لتظاهراتها وانتخاباتها ومصالحها السیاسیة، قام هذا الحزب بزج أهالي المخیم في تظاهرات واحتجاجات نظمتها هي في العاصمة أربیل، ورغم کل هذه المحاولات والمواقف العدائیة للبکک ضد حکومة إقلیم جنوب  کوردستان، غیر أن حکومة الجنوب تعاملت مع مخیم مخمور کجزء منها وقطعة من جسد کوردستان.

ومع بدأ معرکة إرهابیي منظمة داعش علی جنوب کوردستان، غیرت البکک استراتیجیتها في الجنوب بأمر من عبد الله أوجلان من أجل الإقلیم المسمی عنده بـ(إقلیم الخط الأوسط)، نفذت البکک مؤامرة تثبیت قواتها العسکریة هناك، یبدأ هذا الخط من شنگال ووصولاً لخانقین، ومخیم مخمور في هذا الخط یعتبر الإقلیم الأهم، أي منطقة مخمور التي تبدأ من جبل قرجوخ الإستراتیجي الفاصل بین العاصمة أربیل وقلب کوردستان کروکوك، والذي یصل بالقرب من آبار نفط کرکوك، کما أن مخمور تقع بمعبر مدینتي الموصل وکرکوك.

قبل إرسال البکک لمقاتلیها -الکریلا- في آب عام 2014 لکرکوك، قامت بتثبیت المقاتلین في مخمور، کما قامت في الوقت نفسه بتنظیم وتشکیل خلایا عسکریة من أهالي مخمور.

بعد آب 2014 وعند مهاجمة منظمة داعش الإرهابية علی المخیم، وجهت البکک شعب المخیم نحو بلدة جوارقورنە المتآخمة لجبل قندیل، وآنذاك إقترح الحزب الدیمقراطي الکوردستاني -البارتي- توطینهم وإیواءهم في محیط العاصمة أربیل، إذ أن مخمور منطقة متآخمة مع المناطق العربیة، ولإبعاد خطورة هجمات داعش علی أهالي المخیم ومنعهم من التعرض لأیة مآسي وکوارث، کما طالب الدیمقراطي الکوردستاني من منظومة المجتمع الکوردستاني الـ ك ج ك نقل المخیم لداخل حدود الإقلیم، غیر أن البکک صرحت بأنهم سیستوطنون أهالي المخیم بالقرب من مدینة السلیمانیة، غیر أنه وبعد مضي شهرین أقنعت البکک أهالي المخیم بالعودة إلی المخیم، وتم توظیف القیادي في المنظومة والمدیر السابق للمخیم (رضا آلتون) لهذا الغرض، فهنا نتساءل لماذا قامت البکک بإقناع ساکني المخیم بالعودة للمخیم حیث الخطر المحدق حولهم؟

إتفاقیة جمیل بایق وحیدر العبادي بإشراف قاسم سلیماني

خلال الحرب مع داعش حاولت البکک وبشکل یومي وفي العراق وکوردستان عقد إتفاقیات بین تنظیماتها والجانب العراقي وبإشراف ومراقبة إیرانیة، وبدءاً من الحدود العراقیة والسوریة وشنگال ووصولاً لخانقین، وقد عقدت إتفاقیة علی مساحة واسعة، غیر أننا سنؤجل الحدیث عن تلك الإتفاقیة لوقت آخر، وسنخصص هذا الموضوع للمؤامرات التي حدثت داخل مخیم مخمور!

کانت البکک تهدف من کل هذا تشکیل قوة عسکریة للمنطقة التي کانت تسمیها بـ “إقلیم (الخط الأوسط)” کما کانت تحاول إضفاء الرسمیة والشرعیة علی هذه القوات حسب القوانین العراقیة، هادفة من وراء کل ذلك بناء مؤثر سیاسي قوي وورقة ضغط قویة للتأثیر علی حکومة جنوب کوردستان ولکي تکون صاحبة قاعدة کبیرة وقویة، وفي الوقت نفسه عقدت إتفاقیة مع الإتحاد الوطني الکوردستاني لسلب القوة والشرعیة من الحزب الدیمقراطي الکوردستاني، إذ تم آنذاك عقد إتفاقیة بین نائب رئیس الوزراء العراقي آنذاك (حیدر العبادي) وممثل (جمیل بایق) وبرعایة قاسم سلیماني وتحت إشرافه.

والبکک من خلال هذه الإتفاقات کانت تحصّل المساعدات اللوجستیة والعسکریة من الجانبین العراقي والإیراني، غیر أن الهدف الرئیسي للبکک کان إضفاء الشرعیة والصفة الرسمیة علی قوتها العسکریة، واستحصال الرواتب من الحکومة العراقیة، ولهذا قامت بتشکیل قوات تحت تسمیة المنطقة التي نُظمت فیها مثل “قوات حمایة شعب -تلك المنطقة-“! وبدأت بتنظیماتها، وکان مرکز هذه التنظیمات والعمل کرکوك وشنگال، وتم إندماج “وحات حمایة شنگال” ضمن میلیشیات الحشد الشعبي الشیعي، وأصبحت کقوات رسمیة، ویستلمون شهریاً “370” دولار کراتب لکل مقاتل من بغداد، وکانت قوام هذه القوة العسکریة ما یقارب 290 مقاتل، 40 منهم من شباب شنگال، وما یقارب 250 من مقاتلي البکک -کریلا-، کما رفعوا الأعلام العراقیة في المنطقة.

وتحت مبرر الحرب ضد تنظیم داعش الإرهابي واصلت البکک ترسیخ قواتها العسکریة في الإقلیم، ووزعت وحداتها العسکریة في کافة الأقالیم الجبلیة في مخمور، وتم عقد لقاءات بین البکک والجانب العراقي لغرض تشکیل قوة مؤلفة من 500 شخص، وکانت ثلثي هذه القوة من مقاتلي البکک وتنظیماتها، والبقیة کانت من شعب مخیم مخمور، وحاولت البکک المشارکة في عملیة تحریر مدینة الموصل تحت مسمیات کثیرة منها وحدات حمایة شعب مخمور ووحدات حمایة شنگال، وفي هذا الصدد عقدت العدید من المعاهدات السریة والتي تشوبها الغموض والسریة.

ماذا الذي کان یفعله مقاتلوا البکک -کریلا- عند حصول المواجهة العسکریة بین بیشمرکة کوردستان والحشد الشعبي الشیعي؟

غیر أن أجندة الدول الإقلیمیة کانت شدیدة الإختلاف، فلم تقبل مشارکة البکک في العملیة العسکریة لتحریر الموصل جراء المؤامرات والخطط الدولیة المتباینة والمبنیة علی المصالح الدولیة، ولم تنل قوات وحدات حمایة شعب مخمور الشرعیة والصفة الرسمیة، ورغم کل هذا فقد شکلت البکک قوة عسکریة ضخمة في تلك المنطقة واستوطنتها هناك، وهي مازالت تمتلك علاقات وطیدة مع الحکومة العراقیة، وهذه القوة الضخمة في مخمور لا تحمي مصالح إقلیم جنوب کوردستان، وإنما تقوم بحمایة الدولة العراقیة وحراستها.

وبعد إستفتاء الإستقلال الذي أُجري في الـ 25 من أیلول 2017، بدأت قوات میلیشیات الحشد الشعبي الشیعي العراقي بهجومها لاحتلال أربیل من خط مخمور، وحصلت مواجهات حادة ومعارك عنیفة بما یبعد مسافة 6 کیلومترات من مخمور بین بیشمرکة کوردستان ومیلیشیات الحشد الشعبي الشیعي العراقي، والمعرکة التي بدأت یوم 24\10\2017 إستمرت لمدة أسبوع کامل، واستشهد هناك العدید من عناصر بیشمرکة کوردستان، وکان 350 مقاتلاً -کریلا- من مقاتلي البکک ینظرون إلی هذه المعرکة العنیفة علی کوردستان والعاصفة التي عصفت بها من غیر أن یحرکوا ساکناً أو یشعروا بذرة من الضمیر الإنساني والقومي والوطني!

وکانت البکک قد حسبت حسابات أخری، فکانت تعتقد أن قوات البیشمرکة ستنهار وتسقط أمام میلیشیات الحشد الشعبي العراقي، وأن واقع إقلیم کوردستان سیتغیر، وأن البکک ستظهر علی الساحة السیاسیة الجدیدة کقوة مسیطرة وصاحبة سلطة! قد یکون هذا التحلیل تحلیلاً حاداً ومرّاً، غیر أن البکک کانت تری تحقیق أحلامها من هذه الحرب علی إقلیم جنوب کوردستان، ألم یکن هذا ما حصل في شنگال؟! عادت قوات الپیشمرکة لحدودها قبل حرب داعش غیر أن قوات البکک “وحدات حمایة شنگال” إعترضتها، واستقبلت میلیشیات الحشد الشعبي الشیعي العراقي بطریقة رسمیة، والآن وفي بلاد الکورد الأصلیین ومنبع الإیزدایتي وشنگال یرفع العلم العراقي مقام علم کوردستان!

وقد سجلت قوات البیشمرکة أروع بطولات المقاومة والملاحم التأریخیة في “سحیلا وبردي” وحطموا کافة المؤامرات الدنیئة والدنسة التي حیکت ضدهم من قبل الأعداء، والبکک ما زالت تحاول إستخدام مخیم مخمور وشعب مخمور ضد إدارة حکومة إقلیم کوردستان.

مقالات ذات صلة