رؤية الـ PKK لباقي أجزاء كوردستان كرؤية الطفيلي للمضيف
لو تأمّلنا طبيعة العلاقات بين البكك وباقي أجزاء كوردستان ولو بنظرة خاطفة وسريعة، لوجدنا أن الكورد في غرب كوردستان وجنوبها وشرقها ضحوا بكل غال ونفيس، بدمائهم وأموالهم وأنفسهم وكل ما يملكون من أجل البكك، وتعاونوا معها بشتى الوسائل ومختلف الطرق، فمنذ تأسيس هذا الحزب دعموه وضيّفوه وقوّوا شوكته وأيّدوه ونصروه، غير أنه وللأسف الشديد جنوا حصاداً مرّاً مقابل هذا المعروف إذ اتضح أن العمال الكوردستاني تأسّس لمعاداة كوردستان ومحاربتها!
فعدا الدمار والهلاك، لم يذق هذه الأجزاء من كوردستان غير الخيانة! ما يثبت حقيقة ما نقوله إن العلاقة بين البكك وبين أجزاء كوردستان كعلاقة الطفيليات بالأجسام المضيفة لها، والتي تحصل على التغذية المباشرة من الجسم المضيف من غير أن تفيده بشيء غير إلحاق الأضرار والخسائر به، كذلك البكك فقد أجادت دورها الطفيلي المغذّي على باقي أجزاء كوردستان، وتعريضها لمخاطر جمّة تهدّد كيانها.
بعد إمضاء إيران على الاتفاقية الاستراتيجية مع البكك، أصبح هذا التنظيم جزءاً من المشروع الإقليمي الفوضوي، والذي يضم كل من إيران، سوريا، حزب الله اللبناني، حركة حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، ومجموعة من التنظيمات الأخرى الرديفة والموالية للنظام الإسلامي في إيران، ولتنفيذ هذه الأجندات تم تموضع جزء من قوات البكك على حدود شرق كوردستان، وبادئ الأمر تعاون شرق كوردستان بكل ما يملك معها، فحرّموا فلذّات أكبادهم من كسرة خبزهم وأطعمت البكك بها! بل حتى التنظيمات القومية والوطنية في هذا الجزء من كوردستان والتي تفتخر بمسيرتها التأريخية النضالية المشرقة قدّمت الأسلحة والعتاد لهذا التنظيم إضافة للخبرات والاستشارة العسكرية، وأبرز مثال على هذه المساعدات ما قدّمته (كومله -مجموعة كوردية معارضة ذات توجه يساري نشطت في شرق كردستان، تأسّست عام 1967 بهدف الانفصال عن نظام الشاه، وهو فرع كوردستاني للحزب الشيوعي في إيران) لحزب العمال الكوردستاني البكك.
غير أنه وللأسف الشديد لم ينجو شرق كوردستان من خباثة وخيانة البكك كجنوب كوردستان وغربها، فالبكك الطفيلية وعوض ردّ الإحسان بالمثل وتقدير هذه المساعدات بدأت بضرب تأريخ النضال والمقاومة في شرق كوردستان!
فشرق كوردستان الذي اتّسم بولادة أول حكومة كوردية معاصرة (جمهورية كوردستان) والذي ضمّ جزءاً من رموز ومقدسات الأمة والقومية الكوردية كـ(علم كوردستان وبيشمركتها والجيش الوطني الكوردستاني ..) بنضال شعب شرق كوردستان ودعم وتعاون الثوار القوميين الوطنيين والمخلصين من باقي أجزاء كوردستان، وبالأخص من جنوب كوردستان، والذي حقّق أعظم الإنجازات التأريخية للكورد، تمّت محاربة كل هذا ومحاولة الإساءة إليه من جانب البكك، فقد تم الإساءة لعلم كوردستان وتشنيعه وتبغيضه من جانب البكك، ذلك العلم الذي رفعه القاضي كعلم لأول جمهورية كوردستانية، وسلّمه للبارزاني الخالد بعد انهيار الجمهورية! غير أن البكك استبدلته بعلم أشبه بأعلام الدول الإفريقية من شبهه بعلم كوردستان!
وتم استبدال مصطلح البيشمركة بمصطلح المقاتلين -كريلا-، ولم يذكروا القاضي محمد بخير يُذكر في أدبياتهم وكتاباتهم الإيديولوجية، بل لا تحتوي أصلاً على أدنى ذكر له!
والدليل على ذلك، خلال مقطع فيديو نشرته البكك لزيارة الشخصية الكوردية (علي قاضي) ابن الشهيد الخالد قاضي محمد للبكك، يتحدث أوجلان عن القاضي محمد رئيس جمهورية كوردستان، يتّضح من خلال حديثه أن أوجلان لا يملك أية معلومات عن هذه الشخصية الكوردية الخالدة والبارزة، بل والأمرّ من هذا أنه لا يقدّره حتى!
وعندما قام الشعب الكوردي في شرق كوردستان بتظاهرة جماهيرية ساخطة لنقل أوجلان لتركيا، وأدانوا الحادث واستاؤوا لها، وعبّروا عن مطالبهم القومية والوطنية، آنذاك امتعضت البكك واستاءت أكثر من النظام الإيراني، ووصفت الشعب المتظاهر -وبوجوه عبوسة غاضبة- وصفتهم بمستعبدي أمريكا وإسرائيل والكمالية!
ممّا مر يتّضح أن خيانة البكك تجاه شرق كوردستان لا تعدّ ولا تحصى، فتسليم كوادر وقادة وزعماء حركة (ئاكري سور-النار الحمراء) للإطلاعات الإيرانية، وإطلاق النار على فرقة اتحاد الثوريين (حزب حرية كوردستان -حالياً) واستشهاد العشرات من بيشمركة هذا الحزب، واستشهاد بيشمركة الحزب الديمقراطي ومحاولة الوقوف بل ومنع انتفاضة شرق كوردستان، وتقديم التقارير والمعلومات للجمهورية الإسلامية الإيرانية حول الأنشطة العسكرية للأحزاب الكوردية فيها، واغتيال واختطاف الفقراء العاملين في هذه البقعة من كوردستان والتي كانت آخر حالة لها تصفية سامان دانشور وسوران أختر سمر في منطقة هورامان، وتهريب واختطاف الأطفال من غالبية مناطق شرق كوردستان جزء آخر من خيانة البكك لشرق كوردستان.
والحق أنه لا يوجد هناك دورٌ ملائكي للبكك تجاه شرق كوردستان، وأي مصطلح علمي يستطيع أن يجمع بين كافة هذه الخدمات والتضحيات لشرق كوردستان إزّاء هذا الكم الهائل من الخباثة والخيانة الدنيئة للبكك في ظل تعريفه؟!
ومع أن الكورد في شرق كوردستان باتوا يدركون نوايا البكك الخبيثة تجاه قوميتهم ومحاربتها لكل مقدساتهم، ويعرفون حقيقتها أكثر على مرّ الأيام، وأنهم نظّموا العشرات من الحملات المناهضة لتواجد البكك في شرق كوردستان، غير أنه ينبغي على ورثة أول جمهورية كوردستانية ومسيرة المرشد الخالد القاضي محمد أن يتنبّهوا أكثر ويتيقّظوا جيداً من تطفّل البكك على الدماء الكوردية والقوى القومية في شرق كوردستان لصالح الدولة التركية وتحت مسمى “أخوة الشعوب” وكذلك في ظل مشروع الهلال الشيعي الإيراني.