رؤية الـ PKK لباقي أجزاء كوردستان كرؤية الطفيلي للمضيف
كما قلنا سابقاً، لغاية الآن لم تتّخذ البكك أية خطوة إيجابية وداعمة تجاه ما يتعرّض له كافة أجزاء كوردستان من مصائب وكوارث ومآسي، غير أنّنا رأينا بأم أعيينا أنه كلّما دعت البكك لتظاهرة أو اجتماع في أوروبا، قام الشعب الكوردي من كافة أجزاء كوردستان في أوروبا بتلبية ندائها حتى وإن لم يكونوا من كوادرها أو أعضائها أو أنصارها ومؤيديها، قاموا بكل شغف وقدر استطاعتهم ببذل كافة جهودهم، سواء في ذلك أعضاء الإتحاد الوطني أو حزب كومه ل أو الديمقراطي الكوردستاني، فالكل كانوا يشاركون في هذه التظاهرات والاحتجاجات، غير أنّنا لم نر البكك ولو لمرة واحدة دعمت وساندت قضية أي جزء آخر لكوردستان، أو طالبت كوادرها وأعضاءها وأنصارها بدعم تظاهرة خاصة بهذا الجزء أو المشاركة فيها، فحالات الإعدام التي حصدت أعداداً هائلة من شباب شرق كوردستان وما زالت، وفي الذكرى السنوية للإبادة الجماعية لمدينة حلبجة الشهيدة وحملات الأنفال، وغيرها من مناسبات جنوب كوردستان، كانت تُقام أنشطة وفعاليات لها خارج البلاد، غير أن البكك لم تشارك فيها أبداً، بل الأمرّ من هذا والأبشع أنها دائماً ما حاولت تحريف مسار تلك المظاهرات والاحتجاجات والفعاليات! مثال ذلك، مسألة هجوم داعش على شنكال، تلك الجريمة الوحشية الهمجية ضد الكورد الإيزيديين، والتي يندى لها جبين البشرية، فقد استغلّتها البكك وحرّفتها عن مسارها وأهدافها لاستخدامها كورقة ضغط لصالحها، والقيام بتحريف الحقائق وتزييف الوقائع!
والأوضاع أشد سوءاً على غرب كوردستان، فما زالت البكك تنظر لهذه البقعة كنظرتها لها في فترة تواجد أوجلان في سهل البقاع! ما زالت تنظر إلى الكورد كمقيمين لاجئين وغرباء على أرض غرب كوردستان! فيقال بأن جميل بايك عاد لسوريا، ومن المقرّر أن يبقى هناك، وليس بعيداً أن نرى شعار (شمال، جنوب، وشرق) كوردستان وفصل غرب كوردستان من المعادلة ومن صميم كوردستان الكبرى من قِبَلِ البكك! والحق أن لقاء جميل بايك المتلفز حول غرب كوردستان وبالأخص رؤاه المعادية للقومية والوطنية، ورؤيته حول وحدة الصف الكوردي والاتفاقية التاريخية بين أحزاب غرب كوردستان، وكذلك حول الاتفاقية المبرمة بين إدارة غرب كوردستان والشركة النفطية الأمريكية، وقوله بأولوية النظام السوري وأحقيته بالنفط بل اعتقاده بأن هذه سرقة لواردات وثروات الدولة السورية، كل هذه الرؤى والمواقف دليل على كشف ما كان مستوراً ومخبأً تحت شعارات برّاقة مزيفة كانت تخدعنا وتضلّلنا نحن أهالي روجافا!
أخيراً، وكشابٍ من غرب كوردستان أمضى فترة ذهبية من عمره في صفوف البكك وأضاعها في خدمتها، في حين كنت معتقداً آنذاك أنّني أخدم القضية الكوردية وحركتها وكوردستان، أدعو الشباب بعيداً عن التعصب الحزبي والإيديولوجي أن يعيدوا النظر بعقلية وبعيدة عن المشاعر والعواطف التي لا أساس لها في هكذا مجال، أن يعيدوا النظر إلى نموذج وأساليب البكك، ومكاسب وانجازات هذا التنظيم للكورد، ويضعون هذا في كفة ميزان ويتأملوا حجم الخسائر والأضرار التي ألحقه هذا التنظيم بكوردستان وما تسبّبته من دمار ومآسي لشعب كوردستان وأرضها ويضعوه في الكفة الأخرى للميزان ويزنوها!
وأن يقرّروا آنذاك هل أن هذا التنظيم تأسّس فعلاً ليخدم القضية الكوردية والشعب الكوردي وتحرير كوردستان، أم أنه مشروع احتيالي واحتلالي لتحريف مسار الحركة التحرّرية القومية والوطنية الكوردية من الطريق القويم والأهداف المشروعة!
وأن يأخذوا بعين الاعتبار أنه وفي فترة تأسيس البكك كانت القوة الخفية والكامنة لقومية كبيرة في شمال كوردستان في حالة غليان وتأجج، لو لم يتم استيعابها وانحصارها والتحكم بها عن طريق تأسيس البكك فمما لا شك فيه أنها كانت ستهزّ عرش الدولة التركية وتزلزله.
وألا ننسى خلال تفكيرنا ومقارنتنا كشباب باقي أجزاء كوردستان، أنه لو تمّ تسخير القوة الشبابية التي خدمت البكك في كافة أجزاء كوردستان خلال هذه الفترة لخدمة بقعتنا من كوردستان -غرب كوردستان- فكيف كانت النتائج والإنجازات والمكاسب آنذاك؟! والقوى والطاقات التي أهدرت في سبيل البكك لو لم تُهدر عبثاً، لزادت الطاقات القومية والإيجابية بشكل لا يصدّق، فمثلاً لولا حرب البكك ضد جنوب كوردستان لعدّة سنوات وإجبارها على الدفاع عن نفسها، ولولا تسبّب البكك بجرّ الجيش التركي واحتلاله جزء من أراضيه وإخلاء الكثير من مناطقه، لولا كلّ هذا ألم يكن إقليم جنوب كوردستان في حالة أقوى الآن؟ ولو لم يتم بيع غرب كوردستان في أبشع وأسوأ عملية تجارية مريبة للبكك، ولو لم يتعرّض بسبب البكك وبحجّتها لاحتلال ودمار أزيد من قبل تركيا، ألم تكن الحركة التحرّرية الكوردية وكوردستان استفادت من الأوضاع بشكل كبير ومختلف تماماً عمّا يحصل الآن؟!!
وكذلك في شرق كوردستان، لو لم يتم تحريف القوة القومية والوطنية في ظلّ المشروع التضليلي والاحتيالي للبكك عن طريقها القويم والحق، وتسخيرها وتوجيهها نحو أحضان الإصلاحيين الفرس والجمهوريين الأتراك، لو لم تلبي البكك لنداء إيران ولم تتمركز وتتموضع في قنديل والمناطق الحدودية بين جنوب كوردستان وشرقها، ولم تكن صاحبة دور مسيء في الانتهاكات والتدخّلات، فهل كانت الحركة التحرّرية الكوردية وكوردستان مستفيدتين آنذاك أم لا؟!
باختصار، لو نظرنا بمنطق وفكرنا بعقلية وقرّرنا بجرأة، ينبغي علينا تقبّل مرارة حقيقة أن كوردستان بدون وجود البكك أقوى وأفضل، وأن الحركة التحرّرية الكوردية لكانت في مراحل متقدمة من مسيرتها، وأن باقي أجزاء كوردستان لم تكن قوتها لتهدر هباءً رغم قلّتها وتواضعها ولاستفادت من هذه القوى، ولمّا انحرفت قضيتهم من مسارها الصحيح،
وكلّنا أمل أن يكون مستقبل الهوية القومية الكوردية مشرقاً، ويبلغ مستوى بحيث يستحيل على المحتل تضليله والتحايل عليه عن طريق مشاريع احتيالية مزيفة كالبكك، وتعرّضها من ورائها لنكسات وأزمات ومشاكل لا طائل تحتها، نأمل أن لا تضيّعوا قوى وطاقات ودماء شباب الكورد سدى ووراء شعار “أخوة الشعوب” وتحرّفوها عن مسيرة الكوردايتي المشروعة والمباشرة، كما نأمل أن ينتهي الدور الطفيلي للبكك في كافة أجزاء كوردستان وإلى أبد الآبدين.