الـ PKK مشروع لمحو الحركة القومية الكوردية وإزالتها
جزء من كتاب (الـ PKK مشروع لمحو الحركة القومية الكوردية وإزالتها) دراسة عن إيديولوجيا وتأريخ حزب العمال الكوردستاني البكك.
(الآبوجية-ئابوئيزم) والحياة الإيديولوجية لعبد الله أوجلان
المرحلة الثالثة من الحياة الإيديولوجية لأوجلان
مرحلة القومية – الاشتراكية
في هذه المرحلة كانت الإيديولوجية الماركسية اللينينية هي السائدة على ممارسات وتصرفات وأفكار أوجلان، غير أنه مزج بها الأفكار القومية أيضاً، يقول أوجلان بهذا الصدد: “عام 1974 وفي فترة انشغالي بوضع الخطوط العريضة لتنظيمات البكك، عقدت كونفرانساً، كنت أحاول العمل آنذاك جاهداً على لفظتين فقط (كوردستان والاحتلال) ولم أكن في مستوى بارز ومتمكّن ومنظم في الحوار والإلقاء، غير أنني ومقارنة بالناس البسطاء كنت في مستوى رفيع وبارز” أوجلان: 2008، ص53.
فبتكتيك رفعه لشعار (شمال – جنوب – شرق -غرب، وطن واحد نضال واحد ومسيرة واحدة) فبهذا الأسلوب الشكلي قفز أوجلان قفزة عريضة متخطّياً مرحلة الحكم الذاتي والفدرالية، رافعاً شعار استقلال كوردستان الكبرى، ولم تكن الخطوة نابعة من الثقة المطلقة باستقلال كوردستان، بل لحشد المزيد من القوات ومحاربة الأحزاب الكوردستانية الأخرى، إذ يعترف هو أخيراً بذلك ويذكر ذلك في هذا الكتاب، فهو يتّهم الأحزاب والقوى الكوردستانية التي لا ترفع شعار استقلال كوردستان ويدينها ويجرمها، وتخطّى خطوات أحادية الجانب مستغلاً آمال وطموحات الشعب الكوردية ووفق تحليل نفسية القومية الكوردية وحبّهم وعطشهم لاستقلال كوردستان، فنفّذ خطوات للهيمنة على الأجواء السياسية والثقافية الكوردستانية، غير أنه بعد ذلك “هو بنفسه” أصبح معادياً ومناهضاً لتأسيس الدولة الكوردية.
أوجلان: أقول وبصراحة، لست ممّن يعرّض حياته للخطر في سبيل المسيرة القومية، كما لن أضحّي بنفسي أبداً
ويستمرّ أوجلان في تهديداته للحركة التحرّرية الكوردية، فيقول: البكك كشفت الحقائق، وبهذا ستفقد الحركات الأخرى تأثيرها، وستكون على مفترق طرق، فيكون مصيرها إمّا أن تتقبّل تلك الحقائق والاندماج معها كجزء منها، أو الزوال” أوجلان: 2008، ص62.
ويقول كذلك: لست إنساناً قومياً متعصباً ومخلصاً، وهذا واضح جداً، وما بدر منّي من دعوة ونضال وكفاح للشعب الكوردي فهو بسبب كونه شعباً مضطهداً وكوني متأثراً بنضال المضطهدين، وليس بسبب كوني كوردياً، بل لكون الكورد شعباً مضطهداً، وأنا وطني تحرّري، وأقول بمليء فمي -صراحة- أنا لست ممّن يعرّض حياته للخطر في سبيل المسيرة القومية، كما لن أضحّي بنفسي أبداً. أوجلان: 1996،ص46.
وتجدر الإشارة إلى أن أسس تغيير أوجلان بدأت من هذه المرحلة، فهنا كثيراً ما تساءل أوجلان عن استقلالية إرادة البكك ورفعها لشعارات كوردستان موحدة ومستقلة وغير مجزأة، والذي يتّضح أنه انعدمت البدائل في تلك الفترة، وإلا لأعلن عنها في هذه المرحلة.
يقول أوجلان خلال لقاء له مع ديفيد كرون: هناك حملة ومتابعة حول أن حزبنا تنظيم تحرّري وأنه سخّر كلّ ما يملك من أجل خدمة الدولة المستقلة، وهذا ليس صحيحاً، وإنما هو دعاية وتعظيم، فالمطالبة بالاستقلال أو الدولة المستقلة والاستقلال التام لا ينسجم مع حقائق عالمنا اليوم، فالواقع الدولي مغاير تماماً، وبأخذ هذه الحقائق بنظر الاعتبار يتّضح أن الحديث عن البكك واستعدادها للاستقلال بأي ثمن كان ليس صحيحاً على الاطلاق. أوجلان: 2002، 159-162-163.
لغاية الآن يتّضح لنا أن إيديولوجية أوجلان إنما هي مزيج من الإسلام والقومية والماركسية اللينينية، وقد استمرت هذه المرحلة لغاية 1999، أي لغاية اعتقال أوجلان، وأن كافة سياسات البكك ومنذ عصر النضال والكفاح المسلح مع تركيا في ثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرم ومطلع الألفية الثانية، وأنها كانت في عملية تحديث مستمر طيلة الوقت، وأنها بدأت بمرحلة جديدة وإعادة تهيئة حديثة بعد ذلك وبعد الألفية الجديدة.
للموضوع بقية …