عندما يُخصى الرجال!

عندما يُخصى الرجال!
  • الكاتب: بوبه أسر

قد يشتكي بعض المخلصين لشعوبهم دوماً قائلين: لماذا هذا الصمت المطبق من مثقّفينا تجاه تصرفات وممارسات البكك المنحرفة والخاطئة والتي لا تصبّ في المصلحة الكوردية؟

فحسب فهمي ومعرفتي أنه لم يبق مثقفون في شمال كوردستان، نعم لم يبق أحد، وتم تخصّي -الخصي أو الخصاء هو إزالةُ الأعضاء التناسليّة الذكرية بما في ذلك القضيب والخصيتين- غالبيتهم من قبل البكك، لهذا نراهم صامتون لا ينبسون ببنت شفة، لماذا؟؟

لأن غالبية المطابع ومواقع النشر في الشمال تابعة للبكك، ومن يتحدث عن البكك مثلي وينتقدها بسبب ممارساتها وتصرفاتها غير المنصبّة في مصلحة الشعب، فلا ينشر له مقال ولا يُطبع له كتاب!

فلو انتقدت البكك في مقال أو كتاب لك، فستعتذر هذه المطابع ومواقع النشر منك وتقول: لا نستطيع نشر كتاباتك المتطرفة والحادة ونقدك اللاذع! فلو كنت في وطن كانت الصحافة والطباعة ومواقع النشر حكراً بيد طرف أو حزب معين وتحت تأثيرها، فمن المستحيل أن تنشر لك شيئاً وبالأخص إذا كنت قد انتقدت هذه الجهة! ومن المستحيل أن يُنشر لك مقال أو كتابة في شمال كوردستان.

لهذا تولّي مواقع النشر هذه الاهتمام والأولوية باسم الكاتب واسم الكتاب والمقالة أكثر بكثير من موضوع الكتابة وصلبها، ويتم صدور قرار نشر الكتاب أو عدم نشره من قبل البكك، ولهذا السبب لا يتجرأ كاتب على الحديث، والتزام الصمت أولى له! لكي يُطبع ويُنشر له كتاب فهو يفضّل الصمت!

نعم، فهو أصمّ أبكم أعمى لا يسمع ولا يرى لئلا يتحدّث أو يقول شيئاً! لأنه سيسمع ما ليس في صالح شعبه، وعندما يرى أو يسمع ما لا يخدم مصالح أمته ويشعر بآلام شعبه سيراجع نفسه ويحاسبها، آنذاك سيتحدث ويكتب، ولو تحدّث وكتب فلا يُنشر له مقال ولا يُسمع له صوت!

أمّا إذا كانت كتاباتك مناهضة ومعادية ولو قليلاً لمواقف البكك وقراراتها فهذه من كبرى المصائب والهلاك لك! فردّ مواقع نشر البكك لك ستكون: لا نستطيع نشر كتاباتك ولن ننشرها، فأسلوبك حادّ ونقدك لاذع!

وغيرها من المواقع أيضاً لن تنشر لك شيئاً بحجة التكاليف الباهظة للنشر وعدم إمكانياتها المالية، فهي تتجنّب نشر كتاب أو نتاج لا يوافق هوى البكك وأفكارها، والحق أنها لا تستطيع نشره خوفاً من البكك!

فهذا هو واقع الحال في شمال كوردستان، فلن يُنشر لك شيء كتبته عن مواقف البكك المعادية لمصلحة الشعب والأمة الكوردية.

فبعض كتّابنا ومثقفيناعندما يتوجّهون لتركيا وشمال كوردستان لإظهار أنفسهم وتقديم ندوات وحوارات في ظل أنصار البكك ومقربيها وبدعمهم، للشهرة أو أي سبب آخر، فكيف سينتقدون البكك؟! ولو فعلوا فلن يكون بمقدورهم تقديم أية ندوات أخرى! فهم أيضاً ولهذه الأسباب يلتفتون عن ممارسات البكك ويتجنبونها والتي لا تخدم مصالح الشعب والوطن!

ولهذه المصالح الشخصية الضيّقة، فكيف سينتقد المثقفون أخطاء البكك وممارساتها المنحرفة؟!

فالواضح أن العصر هو عصر المصالح، وكلّ يقدّم مصلحته على الجميع بل وحتى على مصالح الأمة والوطن، وفي هذه الأوضاع والأوقات تتجلى المصالح الشخصية الضيقة وتهيمن على الواقع، وهذا هو سبب صمت المثقفين الكورد!

ولهذا ينبغي علينا ألا نلوم وننتقد في تركيا وشمال كوردستان، فكلّ شيء ممزّق، وانعدمت المعايير أساساً، وصمت المخلصون الوطنيون.

فالكتّاب لا يستطيعون نشر نتاجهم الفكري الناقد للأحداث، كون غالبية أصحاب مواقع النشر في شمال كوردستان موالين تابعين للبكك، أو كانوا بككةً قديماً، وسواء في ذلك أكنت منهم أو موالياً وتابعاً لهم فلن تستطيع ألا تكون منهم! فالبكك احترفت مهنة الرهيب منذ زمن لمعارضة نشر أي نتاج يخالف فكرها ونهجها، وكمّمت أفواه المناهضين وأسكتتها.

اختصار القول هو أن البكك أحدثت اضطراباً عظيماً في شمال كوردستان، وقامت بخصي الكتّاب والمثقفين، وهيمنت بل واحتكرت مواقع النشر في الشمال، وغالبية مواقع النشر إمّا لها أو اشتراها، لهذا لا يتمتّع أحد بحرية نشر نتاج أو فكر إلا بموافقة البكك وضمن أطر فكرها ونهجها ويخدم مصالحها.

فهذا فعلاً موضوع متشابك متداخل، موضوع يفتقد للوضوح، وأرجو أن أكون قد وفقّت في تسليط بعض الضوء عليه ورفع العتمة عنه، وتوضيح أسباب صمت المثقفين.

مقالات ذات صلة