حزب العمال الكوردستاني البكك وإيران.. حسابات الماضي الحاضر والمستقبل

حزب العمال الكوردستاني البكك وإيران.. حسابات الماضي الحاضر والمستقبل
  • الجزء الخامس

الطرفان اتفقا على عدم التطرق لمشاكلهما الداخلية وإبقائها سرّاً

كما قلنا في الأجزاء السابقة أنه ينبغي على المحللين التاريخيين والخبراء المختصين في هذا المجال القيام بتحليلات أكثر عمقاً في الحرب التي دارت بين حزب العمال الكوردستاني البكك والحزب الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- لأن هذه الحرب في حقيقتها لم تكن حرب بين البكك والبارتي، بل كانت حرباً بين إيران وقوى حلف الشمال الأطلسي -الناتو- وتعود أسباب هذه الحرب إلى نية إيران في استخدام أراضي جنوب كوردستان وتحويلها لساحة استراتيجية لحروب أكبر لها في المنطقة، فمن الواضح أنه في نظرية (إيران القديمة) ووفق ذهنية السلطات المحتلة في طهران والقومية الفارسية أن كافة أجزاء كوردستان هي ضمن الأراضي الإيرانية، فهم يرون أن الكورد بمثابة غصن من شجرة القومية الفارسية أو ما يسمّى بـ(الأمة الإيرانية) وهم يعتقدون أن الكورد انشقّوا عنها لفساد الحكومات السابقة لطهران وعدم أهليتها، وأنه من الضروري عودة هذا الفرع للأصل والعودة لحض إيران، فلو نظرنا إلى الموضوع من هذه الزاوية لعرفنا السبب الرئيسي وراء التدخلات الإيرانية في المنطقة، وأنها تعدّ نفسها صاحبة حق مشروع في هذا التدخل السافر في جنوب كوردستان، وأنها ترى أنها بمثابة أراضيها، ولكن هل سيسمح لها المجتمع الدولي بهذا؟!

فالخطط الإيرانية ومؤامراتها في المنطقة أصبحت سبباً لحلف الشمال الأطلسي -الناتو- بفسح المجال أمام تركيا لنقل قواتها لجنوب كوردستان، وبناء قواعد عسكرية لها فيها، على عكس ممّا تقوله البكك، فليس تواجد هذه القواعد العسكرية للمحتلين الأتراك بطلب من الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- ولا من أجله، بل سمح الناتو لتركيا بعبور جنوب كوردستان والتمركز هناك لمواجهة التمدّد الإيراني.

الناتو يسمح لتركيا بالانتشار وبناء القواعد العسكرية في جنوب كوردستان لمواجهة الخطط والمؤامرات الإيرانية في المنطقة

نعم، قد نتطرّق كثيراً للعلاقات بين إيران والبكك والإتحاد الوطني الكوردستاني، غير أنّنا هنا سنتحدّث باختصار وفي أسطر قليلة عن آثار هذه العلاقة الثلاثية، فرغم أن هذه العلاقات تعود لسنين كثيرة مضت، غير أنه تم إجراء تحديثات وإعادة إحياء لهذه العلاقات مؤخّراً، فكلّما أرادت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تنفيذ خططها القاضية لتأزيم الأوضاع في جنوب كوردستان نراها تمتّن وتعمّق من علاقاتها مع البكك والإتحاد الوطني، فمنذ بداية مجيء داعش للعراق عام 2014 ولغاية اليوم، أصبحت العلاقات الثنائية بين البكك والإتحاد الوطني سبباً في الاضطرابات الأمنية واستهداف الاستقرار والأمان في الإقليم، وإحدى أوضح صور هذه العلاقات أحداث 16 أكتوبر الخيانية عام 2017، والتي نتج وراءها بيع قدس كوردستان -كركوك- للأعداء المحتلّين من الحشد الشعبي والجيش العراقي، ومن المؤسف أن هذا لم يصبح سبب إعادة احتلال جزء من أراضي جنوب كوردستان فحسب! بل لن تنتهي آثارها السلبية على فكر الحركة التحرّرية للشعب الكوردي، وخلقت نظرة مغايرة للمجتمع الدولي حول نضال وكفاح هذه الأمة وحركتها التحرّرية بحيث قد نحتاج لعقود من الزمن لتغيير هذه الرؤية الحديثة والسلبية للمجتمع الدولي!

فإحدى بنود الاتفاقية بين البكك وإيران والتي تحدّثنا عنها بالتفصيل فيما سبق، هي: على البكك إدامة حربها مع تركيا، فالجمهورية الإسلامية الإيرانية على اعتقاد تام أن إيقاف الحرب بينهما ستضرّ بإيران، وكلّما أوقفت البكك حربها مع تركيا حذّرتها إيران وهدّدتها، بل تعدّى الأمر ذلك باعتقال بعض مقاتليها -كريلا- بعض المرات وتسليمهم لتركيا ليتمّ إعدامهم بيد الدولة التركية، كما قصفت بعض المرات بعض مقار البكك، مثال ذلك عام 1993 عندما أعلنت البكك هدنة وقف إطلاق النار مع تركيا حينذاك سلّمت إيران 30 كريلا لتركيا.

غير أن البكك لم تتحدّث ولو لمرة عن تسليم مقاتليها -الكريلا- من قبل الدولة الإيرانية لتركيا! أو غيرها من المشاكل مع إيران، لأن البكك ترى هذه المشاكل كمشاكل عائلية، وأن الطرفين قد اتفقا على عدم التطرق لمشاكلهما الداخلية وإظهارها للعلن، على هذا سنحاول إثراء الموضوع بالحديث عن بعض العلاقات الاقتصادية -التجارية- بين البكك وإيران.

السؤال المطروح هنا: هل فعلاً تتاجر البكك بالمواد المخدرة؟

قد تطرّقنا قبل الآن إلى أن إيران سمحت للبكك بالتمركز على بعض المناطق الحدودية، وسمحت لها بالقيام بأنشطة تجارية متنوعة، وإحدى هذه الأنشطة كانت الأنشطة الجمركية، فالبكك تفرض جمارك رسمية على تلك المعابر الحدودية، فهي تأخذ ضرائب فعلية على الاتجار بـ(البشر، السجائر، النفط، المواد الكحولية، الأغنام والمواعز..) فهي ترى أن لها الحق في الحصول على ضرائب ورسوم جمركية كونها ترى أنها تحمي تلك المناطق! فتؤخذ رسوم جمركية علنية على هذه المواد، والكلّ على علم بهذا، غير أنه هناك جانب آخر مغاير تماماً تحاول البكك بكلّ قدراتها إخفائها طي النسيان ألا وهو التجارة بالمخدرات!

فهنا نتساءل: هل فعلاً تتاجر البكك بالمواد المخدّرة؟! هل هناك أدلة على قيام البكك بالتجارة بهذه المواد؟! هل الجمهورية الإسلامية الإيرانية على علم بهذه التجارة؟!

لمعرفة أجوبة مقنعة وردود صحيحة لهذه الأسئلة، سننشر بعض أهم المعلومات حول العلاقات بين البكك وإيران…

ترقّبونا..

مقالات ذات صلة