أعضاء الـ PKK سيحزنون ولكن…!

أعضاء الـ PKK سيحزنون ولكن...!

أثرت معاداة البكك لحكومة جنوب كوردستان، وشراكتها الاستراتيجية لسرطان الشرق الأوسط -إيران- تأثيراً سلبياً على مصير الكورد ومستقبلهم في المنطقة، فقائدهم المسجون أوجلان باتفاقاته مع تركيا، والبكك بمعاهداتها مع إيران وتنسيق شراكة استراتيجية معها، فهاتان العلاقتان ستؤثّران سلباً على المئوية عام من نضال الكورد وكفاحهم الدامي خلال هذه الحقبة الزمنية الطويلة، وخارطة الطريق التي أعدّتها البكك للقضاء على حكومة جنوب كوردستان إنما هي جزء من خارطة طريق إقليمية وفق أجندات خارجية استراتيجية.

فلو حلّلنا الأحداث الواقعية بعيداً عن السياسات التي بنيت البكك عليها منذ تأسيسها، لاستطعنا إيجاد صورة واضحة لهذه المؤامرة في صيف عام 2020، فالبكك تحاول إجهاض مشروع وحدة الصف الكوردي في غرب كوردستان، كما لم تتوقّف تحركات البكك وفق المصالح الإيرانية وتصاميمها في منطقتي زينة ورتي، كما سلّمت البكك المناطق الخاضعة لسيطرتها منذ ما يقارب الـ 40 سنة كمناطق حفتنين وجبال متين عامة للدولة التركية وأخلتها من تواجدها الشكلي حتى، فكلّ هذا جزء من خارطة الطريق الاستراتيجية للبكك! وخلال الشهر الماضي اغتالت البكك مدير آسايش معبر سرزير الحدودي، وفتحت أبواب شنكال في وجه أصدقائها من الحشد الشعبي من أجل الضربات التركية، وتحضّرت للقيام بعمليات إرهابية وذلك بتنفيذ هجمات على البعثات الدبلوماسية في أربيل، وآخرها -قبل ما حصل اليوم- هو تفجير أنابيب نفط جنوب كوردستان التي تعتبر المصدر الرئيسي بل شبه الوحيد لقوت الشعب الكوردستاني في الجنوب، وبهذا أتمّت البكك الجانب العملي والنشاطي من استراتيجيتها!

البكك وعدم اتخاذ أية خطوة ضد قوات المحتل في الإقليم

لو قيّمنا هذه الأحداث واحدة تلو الأخرى لانتفت أية مصلحة للكورد في ثنايا جميعها، بل لأثبتت كلها أن البكك في خضم مؤامرة عميقة وغاية في الخطورة، والجدير بالذكر أن البكك ولغاية اليوم لم تنفّذ أية خطوة معادية تجاه قوات المحتل في جنوب كوردستان ولن تستطيع تنفيذها، بل هي تخدم في كافة الأحداث إما الجانب التركي أو الجانب الإيراني، وما تديره من معارك شكلية مع تركيا لا يغيّر من حقيقية ما مرّ شيئاً، فالبكك ومن دون أخذ الموافقات الرسمية من الاستخبارات الإيرانية (اطلاعات) لا تستطيع التحرك قيد أنملة، غير أن هذه المرّة تختلف قليلاً عن سابقاتها، فهي تقوم ببذل كافة جهودها وطاقاتها وصرف ما في جيبها من أجل إشغال الرأي العام بالأحداث وتغطية فشلها الداخلي وعلى الساحة العسكرية والدبلوماسية مثل أردوغان وكافة القوى الاحتلالية الإقليمية، فشنّها لهذه الهجمات ليس إلا دليلاً على محاولتها الحفاظ على كيانها من السقوط والانهيار وهي على حافة الهاوية، فتحليل هجمات البكك للقضاء على حكومة جنوب كوردستان على أنها خلافات سياسية قياس مع الفارق وتحليل غير صحيح، فالحقيقة هي أن البكك وبالتنسيق مع الاستخبارات الإيرانية والقوى الشيعية العراقية تقوم بعداوة واضحة غير خافية وهجوم مكشوف على إقليم جنوب كوردستان، وهنا ينبغي على مثقفي الكورد وفنّانيه وناشطيه المطالبة بوقف هذه الخيانة والوقوف بوجه البكك ومخاطبتها بـ(كفى!) فالربط بين إحاكة مثل هذه المؤامرات المدمرة بحجة وجود مساؤئ لحكومة إقليم جنوب كوردستان تحليل لا نصيب له من الحقيقة أساساً، فالعدو المحتل يحاول إعادة رسم ملامح اتفاقية لوزان جديدة مرّة ثانية، وتقسيم المقسّم أصلاً مرة أخرى! وفي هذا الإطار فهم يبذّلون كل جهودهم للقضاء على واقع إقليم جنوب كوردستان، ذلك الإقليم الذي يعتبر الملجأ والملاذ الوحيد للكورد، والمؤسّسة السياسية الوحيدة وفق المعايير الدولية والمعترف بها دولياً، فلو انهار واقع جنوب كوردستان آنذاك لن يبقى للكورد من يمثّله من ممثلين شرعيين حقيقيين، والعدو إنما يستغل البكك ويمتهنها لتنفيذ هذه المؤامرة ويستخدمها كعصى الطاعة لضرب الكورد، كما تمّ استخدام بعض الكورد لتنفيذ معاهدة لوزان وتقسيم كوردستان!

البكك هي القوة الوحيد المنسّقة والموازية مع القوى الخفية

تعتبر البكك القوة الوحيد المنسّقة والموازية مع القوى الخفية، لذا فهي لا تحارب أحداً بأوامر داخلية ذاتية دون تنفيذ أوامر خارجية، فغياب استقلالية الذات والرأي واضح على معالم هذه التنظيمات، فكانت هناك أجندات استخباراتية إيرانية تقف وراء كلّ معارك البكك وحروبها مع كافة قوى  وأطراف جنوب كوردستان منتصف ونهاية تسعينيات القرن المنصرم، ورغم أن البكك سخّرت جميع طاقاتها وقواها في هذا المجال غير أنها لم تفلح في مسعاها هذا، ومع أن الديمقراطي الكوردستاني قدّم خدمات جليلة للبكك في الألفية الثانية غير أن البكك استفادت من هذه الخدمات والمساعدات من جهة، كما أنها عادت حكومة جنوب كوردستان والبارتي من جهة أخرى، وبالأخص بعد أن أصبحت شريكة استراتيجية للدولة الإيرانية عام 2013، فسعت بكافة الاتجاهات وسلكت كافة السبل وخلقت الفوضى وقامت بجملة استفزازات في محاولة منها للقضاء على البارتي والتربع على عرش الحكم والاستئثار بتركته، فأرادت إظهار نفسها من على وسائل إعلامها المضخمة على أنها هي صاحبة السلطة ومالكة الجنوب، وكانت هناك جماعة أنصار لها هيأهم لها الإتحاد الوطني الكوردستاني، كما كانت هناك جماعة تظن البكك أنهم مؤيدوها غير أن الحق أن هؤلاء تجمعهم مصالح تجارية مع البكك كتأمين الأرزاق والسيارات والأسلحة لها، ولو جرى للبك أي شيء فلن تجد أحداً في صفوفها على الإطلاق، بل سيقعدون في منازلهم يشاهدون مجرى الأحداث كفيلم وثائقي، وهؤلاء يسايرون البكك ومنذ سنوات كمسايرتهم لتنظيمات حركة الحرية وحركات المرأة والشبيبة في جنوب كوردستان، فوفق تخميناتي وكأني أرى رؤساء البكك وكبار قادتها يرون أنفسهم كما لو كانوا قبل 20 سنة مضت ويشاهدون صور أنشطتهم وعملياتهم في جنوب كوردستان حالمين، إذ هم متيقّنون أنهم لا يملكون أنصاراً جدداً أبداً.

مواقف البكك ليست مواقف كوردستانية

مما لا يخفى على أحد أن مواقف البكك ليست مواقف كوردستانية، كما يظنّها البعض، بأن باستطاعة البكك إرجاع الكورد لما قبل عام 1930 مرة أخرى، كما أن مؤامرات البكك الهادفة للقضاء على جنوب كوردستان لا تخدم لا البكك ولا مقاتليها إطلاقاً، بل تخدم فقط الطغمة القيادية للبكك والمعروفة بمجموعة أنقرة، فهذه الجماعة تعلم جيداً أن أسماءها مدرجة على قوائم الإرهاب لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وأخذت العمليات الاستهدافية الإقليمية ضد إيران على محمل الجد وبعين الاعتبار، فتعاقدت مع إيران بوضع قواتها في إمرة إيران وتحت خدمتها كجزء من ميليشياتها ومرتزقتها الهادفة لتحقيق مصالح إيران العظمى مقابل ضمان إيران لحماية حياتهم، فسبب تواجد البكك في دوامة الحرب هذه وساحتها هو أنها سخّرت مسلّحيها وجيوشها لخدمة القوى الإقليمية، فهي تتاجر بدماء الشباب الكورد وإخلاصهم وعشقهم لوطنهم كوردستان، وليس هناك سبب آخر يدعو لإزالة البكك من الساحة العسكرية والسياسية الإقليمية، فيتم الحفاظ على حياة مجموعة أنقرة على حساب دماء شباب الكورد وتضحياتهم!

البكك لا تقبل بتفكيك الدول الأربعة المحتلة لكوردستان

لا تقبل البكك تفكيك الدول المحتلة لكوردستان وانهيارها، لأنها ترى بأن علاقتها بهذه الدول علاقة متوازية، كما ترى أن لها معها مصيراً مشتركاً، فجماعة أنقرة المؤسِّسة للبكك تستمدّ قوتها من الحروب والمعارك لا الاستقرار والسلام، لهذا تحاول جاهداً خلق الفوضى لا الأمان!

نعم، أعرف جيداً بأن أعضاء البكك وكوادرها وأنصارها سيستاؤون لهذا ويحزنون، غير أنه بات حقيقة أن البكك لم تبق صاحبة القضية الكوردية والكوردستانية، فهي تستطيع التضحية بكوردستان من أجل مصالحها الحزبية الضيّقة، ومن الطبيعي جداً لجماعة أنقرة أن تضحّي بكافة أعضاء البكك وأنصارها وكوادرها من أجل الحفاظ على حياتهم ومصالحهم الشخصية، لهذا لا تظنوا بأننا سنكسب شيئاً حال ظفر البكك وتربّعها على عرش السلطة والحكم، لا تحلموا بهذا أبداً، فالبكك دائماً ما ترى أعضاءها عدا المؤسِّسين منها على أنهم قرابين ووقود ومتطوعين مسلّحين وتسخّرهم لهذا الهدف وتنظر لهم بهذه النظرة لا غير!

مقالات ذات صلة