صلّوا الفجر جماعة.. وتهلّلوا بذبح الشعب الكوردستاني!

صلّوا الفجر جماعة.. وتهلّلوا بذبح الشعب الكوردستاني!

ثارت المشاعر العبثية للنواب السنة والشيعة، فتآمر قتلة الحسين مع من خانوه، ليعيدوا مشاهد موقعة الطف -معركة كربلاء- وتسمى أيضاً واقعة الطف هي ملحمة وقعت بين الحسين بن علي بن أبي طالب وجيش تابع ليزيد بن معاوية -الشيعة والسنة- وهي رمز لـ”لثورة المظلوم على الظالم ويوم انتصار الدم على السيف” من جديد، لكن ليس في كربلاء وإنما في البرلمان العراقي، ولم يكن الحسين هو الضحية هذه المرة بل كان الشعب الكوردستاني الأعزل والمضطهد على مرّ التأريخ على يد الحكومات العراقية المتعاقبة.

فبعد أن صلى البرلمانيون العراقيون صلاة الفجر جماعة، أبوا إلّا أن يقدموا الكورد على مذبح تهجداتهم وابتهالاتهم، فربطوا رواتب موظفي حكومة كوردستان بشروط ملزمة لحكومة الإقليم، ليتم بعد ذلك تخصيص مبلغ لرواتب موظفي اقليم كوردستان ضمن قانون تمويل العجز المالي للحكومة العراقية.

إن ما حصل في تصويت البرلمان العراقي على قانون تمويل العجز يعتبر وصمة عار في جبين العملية السياسية، وآخر مسمار في نعش التوافق السياسي الذي تحتاجه كل المكونات السياسية في العراق وليس الكورد فحسب.

لو فرضنا جدلاً (تماشياً مع طرحهم وطريقة تفكيرهم) أن اتهامات برلمانيي بغداد لحكومة الاقليم صحيحة، وأن كوردستان تماطل في تسليم واردات النفط الكوردستاني إلى بغداد، وأنها ملزمة دستورياً بوضع كل واردات هذا النفط بأيد بغداد (الامينة)! فهل يكون حلّ هذه المشكلة القانونية والادارية من خلال استخدام ورقة تجويع الشعب الكوردستاني، وقطع رواتب موظفيها للضغط على حكومة الاقليم؟ إذاً أين ذهبت الطرق القانونية التي يفترض أن تسلكها أية جهة متضررة في العراق حسب الدستور؟! لا سيّما وأن البرلمان العراقي متّخم باللجان القانونية؟!

إن كان برلمان بغداد واثقاً من موقفه ومصداقية حقوقه دستورياً في واردات نفط كوردستان، فهناك مؤسسة قانونية ورسمية في العراق تسمى المحكمة الاتحادية، يستطيع البرلمانيون العراقيون اللجوء إليها لحسم هذا الموضوع، وإن لم تسعفهم تلك المحكمة فالمحاكم الدولية موجودة يستطيعون اللجوء اليها و” إجبار” حكومة الاقليم للانقياد إلى الدستور (حسب ما يدعون)! أما اللجوء إلى القمع الذي شهدناه، فهذا يذكرنا بأساليب النظام البعثي البائد الذي كان يلجأ إلى الحلول الدموية في أية مشكلة يواجهها! وإلاّ فما علاقة موظفي كوردستان أو موظفي العراق بمشكلة سياسية قانونية إدارية بين حكومتي بغداد وأربيل؟! ولماذا يستخدم الموظفون كورقة ضغط على الاقليم؟

وهنا نريد أن نطرح سؤالاً:

لو تصرّف برلمان كوردستان بنفس هذه الطريقة وهذه العقلية، وأقر بفرض حصار اقتصادي على أهالي المناطق المتنازع عليها من العوائل العربية بغية الضغط على حكومة بغداد لحل مشكلة المناطق المتنازع عليها، هل يعتبر هذا التصرف مقبولاً عند الاطراف السياسية العراقية -شيعة وسنة- وعند الشعب العراقي؟ والجواب كلّا بالتأكيد، إذاً فكيف يمكن لممثلي الشعب العراقي (السني والشيعي) ربط مصدر رزق مواطني كوردستان بالمشاكل السياسية بين الطرفين ؟

نريد الإشارة هنا إلى موقف آخر، وهو موقف بعض البرلمانيين الكورد في برلمان بغداد، والذي لم يختلف عن موقف البرلمانيين السنة والشيعة في هذا الصدد، بل كان أسوء منه، فبدلاً من توجيه الاتهام إلى برلمان بغداد لإجحافهم بحق المواطنين الكوردستانيين، بدأوا بكيل التّهم لحكومة الاقليم، مختزلين كل الموضوع في عدم شفافية حكومة كوردستان في ملف النفط!! فهم قد تناولوا هذا الموضوع بهذه السطحية متغافلين (بتقصد) أن هناك مفاوضات جارية ومشتركة بين حكومتي بغداد وأربيل لحل المشاكل العالقة وهي في مراحلها الأخيرة، ومتناسين (أيضاً بتقصد) أنهم وإن كوفئوا على موقفهم الذليل هذا من قبل بعض الاطراف السياسية العراقية والقوى الاقليمية، فان التاريخ سيلعنهم ويسجّل مواقفهم هذه على صفحات الخزي والخيانة!

المفارقة أن هؤلاء البرلمانيين الكورد لا تكاد تسمع لهم همساً، يلتزمون صمت الأحجار في كل ما يتعلق بحقوق شعب كوردستان، ويبدأ الحجر هذا بالنطق فقط عندما يكون هناك مجالاً لانتقاد حكومة جنوب كوردستان، وكأنهم مبرمجين على ذلك وهو سبب تواجدهم في بغداد! وهم بذلك لا يختلفون عمّن كان صدام حسين يعيّنهم في مؤسساته الكارتونية ليمثلوا الكورد في بغداد إبّان حكم البعث.

يجب على الحكومتين في بغداد وأربيل تفويت الفرصة على الاطراف السياسية التي تحاول من خلال برلمانييها، وضع العصا داخل العجلة لإضعاف الحكومتين (خاصة حكومة الكاظمي)، وسحب البساط من تحت أرجل هؤلاء، بتكاتف الرئاسات الثلاث في بغداد مع الرئاسات الثلاث في أربيل لحل هذه الازمة الجديدة قانونياً، والاستمرار في المباحثات بين أربيل وبغداد لحل جميع المشاكل العالقة دستورياً بعيداً عن تأثير غربان العملية السياسية في بغداد.

مقالات ذات صلة