كيف حصلت الخلافات بين بافل طالباني ولاهور جنكي؟

كيف حصلت الخلافات بين بافل طالباني ولاهور جنكي؟

 خلافات العائلة باتت الموضوع الساخن والذي انشغلت به منصات السوشيال ميديا بإقليم كوردستان، فقضية تجريد لاهور جنكي الرئيس المشترك السابق في الاتحاد الوطني الكوردستاني وإقالة أتباعه من أية مناصب حسّاسة في المؤسّسات الأمنية في مدينة السليمانية من قبل بافل طالباني وخطه في الاتحاد، طغت على كافة الصعد تقريباً خلال الآونة الأخيرة، بحيث أصبح من المحتمل اندلاع مواجهات عسكرية بين الرئيسين التوأمين للاتحاد وفق مراقبين ومحلّلين سياسيين لو بقيت الأمور على حالها ومنوالها، كما يرى البعض من المراقبين والمحلّلين أن القضية انتهت بما أراده بافل من تغييرات جذرية غيّرت ملامح السياسة الحزبية ضمن الزون الأخضر وهيمنتها.

والحقيقة التي ينبغي كشفها هي أن المشكلة ليست وليدة اليوم أو الأمس، فبوادر الخلافات ظهرت بين أبناء الأعمام خلال المؤتمر الرابع للاتحاد والذي انعقد كانون الأول عام 2019، حيث يرى بافل أولويته بتركة مام جلال، ولم تكن الأمور تجري وفق ما خطّط له بافل آنذاك، ولم يكن محل قبول إطلاقاً أن ينال لاهور غالبية أصوات الأعضاء القياديين المشاركين في أعمال المؤتمر الرابع للاتحاد، ويضمن أصواتهم، تلك القضية التي يسندها البعض إلى قيام لاهور بعدة أمور من أجل كسب أصواتهم، من بينها عامل التهديد بالقتل والتصفية وتهديدهم بفضح ملفات العديد من قادة الاتحاد ونشر فيديوهات إباحية لهم كان لاهور قد استدرجهم وصوّرهم في مقاطع فيديو فاضحة لتكون ورقة ضغط بيده لدى أوقات كهذه، علاوة على ترغيب آخرين منهم بمناصب رفيعة حزبية أو حكومية، فكلّ هذه العوامل متعاضدة جعلت لاهور يكسب العديد من أصوات قادة الاتحاد المؤسّسين والميدانيين، غير أن كلّ هذه الأسباب ليست بالأسباب الرئيسية وراء نشوب هذه الخلافات الحادة بين لاهور وبافل مؤخراً، فيا ترى ما هو السبب الحقيقي الكامن وراءها؟

فحسب معلومات بالغة السرية والخصوصية لموقع داركا مازي في عمق مدينة السليمانية، أن بافل تمرّض قبل ما يقلّ عن شهر، ولدى مراجعته للأطباء وإجراء العديد من الفحوصات اتّضح أنه تمّ تسميمه! فقام بافل بتحقيقات سرية وبالغة الجدية ليصل في النهاية إلى نتيجة مؤكّدة تثبت أنه تمّ تسميمه من قبل لاهور جنكي، حيث وضع أحد حرّاسه الموالين للاهور السمّ في طعامه، من جانب آخر، اشتكى العديد من كبار قادة الاتحاد لدى بافل على لاهور حول استخدامه للمؤسّسات الأمنية والاستخباراتية للاتحاد للإيقاع بهم وتسجيل مقاطع فيديو إباحية مخلة بالأخلاق لهم، علاوة على قيام لاهور باستدراج أولادهم لإدمانهم على المخدرات التي تعتبر تجارتها رائجة في ظلّ لاهور ومؤسّساته السرية الخاصة واستخدامهم كبطاقة ضغط على آبائهم، علاوة على سيطرة لاهور الشخصية والفعلية على الإيرادات الداخلية لمدينة السليمانية وعدم السماح باسترجاعها لخزينة حكومة إقليم كوردستان ما أوقع بفريق الاتحاد الوطني الكوردستاني في حكومة إقليم كوردستان وبالأخص شخص قوباد طالباني الذي يترأس هذا الفريق في أزمات حادة ووضع متأزم، بغض النظر والحديث عن عمليات التهريب التي تطال الأدوية والنفط في المعابر الحدودية دون أي حساب لنظيره التوأم في رئاسة الاتحاد بافل طالباني، فكلّ هذه المشاكل والممارسات من جانب لاهور تعاضدت ليخطو بافل ما اقدم عليه من خطوات في الآونة الأخيرة.

فقد وصلت الخلافات لمرحلة اللاعودة، ففرضت على بافل القيام بدوره من تجريد لاهور وإعفائه من مهامه، فقام بمداهمة المؤسّسات الأمنية (المؤسّسة المعلوماتية -زانياري- وجهاز مكافحة الإرهاب) على رأس قوة عسكرية ضخمة واعتقل مسؤولي هاتين المؤسّستين وهما (محمد طالباني شقيق ئالا طالباني وابن أخت لاهور جنكي المدعو “رنج”) فهما كانا أرفع مسؤولين للاستخبارات الحزبية للاتحاد الوطني، بعدها استحوذ بافل على مقاطع فيديو إباحية لعدد من مسؤولي الاتحاد الوطني في مبنى الاستخبارات، والتي قام لاهور بتسجيلها باستخدام سلطاته المطلقة على المؤسّسات الاستخباراتية والأمنية للاتحاد الوطني، كما عثر بافل على “قوطية” لمادة سامة في المكتب الخاص لابن أخت لاهور جنكي “رنج”، بعدها أرسل بافل قوة عسكرية أخرى لمداهمة شركة خاصة للاهور باسم (القنصل) إذ ضبطت هذه القوة مبالغ مالية طائلة تزيد عن 10 ملايين دولار أمريكي في الشركة.

وما استحوذ عليه بافل كان كافياً لإدانة لاهور واتّهامه بل وإسكاته، فحاول لاهور بشتى الوسائل عقد لقاء بينه وبين بافل سواء بطريقة مباشرة أو بطرق غير مباشرة عن طريق كبار قادة الاتحاد، لحلّ هذه المشاكل والوصول لاتفاق، غير أن بافل رفض الأمر قطعاً، بل قرّر بافل أنه ينبغي عليه القيام بعدة أمور، وقد قام بها فعلاً، فقرّر تجريد لاهور من أي تأثير في الحزب وإعفائه من مهامه، كما أصدر أمراً بإقالة مسؤولي المؤسّسات الأمنية واعتقالهم وتعيين آخرين مقرّبين له مكانهم، غير أن أقوى الضربات التي وجّهها بافل للاهور تجسّدت في إلغائه لنظام الرئاسة المشتركة للاتحاد وتنصيبه نفسه رئيساً للاتحاد!

هذا والخلافات ما زالت باقية وقائمة على قدم وساق، وقد داهمت قوة أمنية أخرى لبافل طالباني مقرّ قناة (IPLUS) تلك القناة الخاصة بلاهور والتي لم تنطلق عملية البثّ فيها فعلياً لغاية الآن، ووفق المعلومات التي حصل عليها موقعنا داركا مازي أن هذه القوة استولت على المحطة ودمّرت العديد من أجهزتها كما ونهبت قسماً من هذه المواد والأجهزة!

وممّا لا شكّ فيه، أن بافل لن يرضى بأي شكل من الأشكال عودة الأمور لسابق عهدها، وأن يتمتّع لاهور من جديد بسلطات ضمن الاتحاد الوطني، بل رأى بافل أن من حقّه أن يرث تركة والده الراحل ويدير الحزب من جانبه، إضافة إلى أنه ينوي تقديم بعض العون لشقيقه وفريقه في حكومة إقليم كوردستان وإنقاذه من الوضع المتأزم وتخفيف الضغوطات التي خلقها لاهور على قوباد وفريقه في حكومة إقليم كوردستان.

مقالات ذات صلة