الانتخابات المبكرة في تركيا… بين إصرار المعارضة ورفض أردوغان

الانتخابات المبكرة في تركيا... بين إصرار المعارضة ورفض أردوغان

احتشد النقاش مرة أخرى واتّقد بشأن “الانتخابات المبكرة” بين الحكومة التركية وأحزاب المعارضة، في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة الليرة، حيث تواصل انخفاضها إلى مستويات قياسية في سوق العملات.

وبينما تصر أحزاب المعارضة على ضرورة إجراء تلك الانتخابات “في أقرب وقت” يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “لا لهذه الانتخابات” ويؤكد على ذلك حليفه زعيم “حزب الحركة القومية” دولت باهشتلي.

وأضاف أردوغان، الأسبوع الماضي في تعليقه على دعوات المعارضة: “أي انتخابات مبكرة؟ هذه من عمل الدول القبلية. لا يمكنك رؤية مثل هذا الشيء في دولة متقدمة، وفي الغرب. الانتخابات ستكون في يونيو 2023”.

ووفق وسائل إعلام تركية، بينها صحيفة “جمهورييت” تنوي أحزاب المعارضة في الوقت الحالي، زيادة الضغوط على الحكومة التركية، على أن يجتمع قادتها في مرحلة لاحقة من الشهر المقبل، بخصوص ذلك.

وفي الرابع من ديسمبر/كانون الأول المقبل سيصل زعيم “حزب الشعب الجمهوري”، كمال كلجدار أوغلو، إلى مدينة مرسين من أجل “حشد الأصوات المنادية لإجراء الانتخابات في أقرب وقت”.

كما شارك صلاح الدين دميرتاش، الرئيس المشترك السابق لـ”حزب الشعوب الديمقراطي” في هذا النقاش من خلال حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي، داعياً إلى “سبع مسيرات مشتركة في سبع مناطق” لأحزاب المعارضة”.

أما زعيم “حزب المستقبل”، أحمد داوود أوغلو، فقد انتقد قبل يومين رفض أردوغان لدعوات “الانتخابات المبكرة”، معتبراً أن الأخير “يرفض الديمقراطية، ويرفض المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة التي هي إحدى أدوات الديمقراطية”.

هل ستُجرى أية انتخابات مبكّرة؟

دعوات أحزاب المعارضة بشأن إجراء الانتخابات المبكرة ليست بجديدة، بل يعود طرحها إلى أكثر من عام، لكن أزمة العملة الحالية التي تعيشها البلاد دفعت هذه الأحزاب لتصديرها من جديد، على الرغم من الرفض القاطع الذي أبداه أردوغان بشأنها لمرات كثيرة.

ويرى باحثون أتراك بأن ما سبق لا يمكن فصله عن “الحملات الانتخابية”، التي تحاول أحزاب المعارضة التركية تصديرها، في محاولة لزيادة الضغط على الحزب الحاكم.

وفي الوقت الحالي، لا تبدو ملامح واضحة لما ستكون عليه التحالفات الانتخابية في المرحلة المقبلة.

وبينما يبرز أردوغان كمرشح أساسي لـ”تحالف الجمهور” (حزب العدالة والتنمية، حزب الحركة القومية)، لا تلوح في الأفق أي بوادر اتفاق بين أحزاب المعارضة المتحالفة ضمن “تحالف الأمة” على اسم مرشحها، أو ربما مرشحيها.

يقول الباحث السياسي التركي، هشام كوناي، إن “فكرة الانتخابات المبكرة يتم تداولها منذ عامين لكنها لم تتطبق بسبب الظروف الاستثنائية التي فرضها فيروس كورونا”.

وأضاف جوناي: “في الوقت الراهن أعتقد أن الاقتصاد ليس له حل إلا بتجديد الانتخابات، سواء بإعادة انتخاب أردوغان أو أي حزب آخر. الأسواق تنتظر قراراً سياساً حاسماً في موضوع العملة والبنك المركزي”.

وحتى الآن لم تطرح أحزاب المعارضة مشروعاً موحداً ورئيسياً للناخب التركي، فيما تؤكد على نيتها إعادة النظام البرلماني.

وفي المقابل تصرّ الحكومة التركية على أن الانتخابات ستجري في يونيو 2023، ويشير جوناي: “لا أظن أن هناك بوادر لتحسن الاقتصاد في ظل الإدارة الحالية، لذلك تستوجب هذه الأزمة إعادة الثقة في الحكومة أو في انتخاب حزب معارض يقدم البديل”.

تسجيل نقاط

تشير جميع المعطيات المفروضة في الداخل التركي إلى أن حالة الاستقطاب والجدل السياسي لن تنتهي بسهولة، ويرتبط ذلك بمحاولات أحزاب المعارضة استثمار أي أزمة، أو كارثة، لمجابهة الحكومة، في خطوة للاستعداد للانتخابات المقبلة.

وعلى مدى الشهرين الماضيين ساد جدل بشأن ملف اللاجئين في البلاد، وصولاً إلى ما يدور الحديث عنه اليوم من تبعات انخفاض قيمة الليرة التركية في سوق العملات الأجنبية.

وقبل ذلك، ساد جدل آخر يتعلق بصحة أردوغان، والشكوك التي أثارتها وسائل إعلام معارضة داخلياً.

يقول حافظ أوغلو: “لا يزال تحالف الجمهور يؤكد على أن الانتخابات في موعدها”، مستبعداً أن تذهب الأمور إلى الانتخابات المبكرة في ظل الأزمة التي تعاني منها عملة البلاد.

التكهن صعب

وحسب باحثين فمن الصعب في الوقت الحالي توقع نتائج الانتخابات، سواء المبكرة أو المقررة تنظيمها في يونيو 2020.

ويعود ذلك إلى التغيّر الذي قد يطرأ على الساحة الداخلية للبلاد، في الأشهر المقبلة من جهة، ويرتبط أيضاً بطبيعة الأحزاب الصغيرة وتوجهاتها، وهي التي خرجت إلى الواجهة في العامين الماضيين، من جهة أخرى.

وبين اليوم والآخر تتضارب نتائج الاستطلاعات التي تنشرها مراكز الأبحاث في تركيا، بشأن آراء الناخبين ووجهات نظرهم بشأن الحال العام.

وبينما يظهر البعض منها انخفاضاً ملحوظاً في شعبية الحزب الحاكم، توضح أخرى أن النتائج لا يمكن حسمها في الوقت الحالي، مع ترجيحات بميل كفة “العدالة والتنمية” على حساب الأحزاب الأخرى، في الاستحقاق الذي ينتظره الكثيرون.

الباحث السياسي التركي، طه عودة أوغلو، يقول إن “أحزاب المعارضة تحاول الاستفادة من الغضب الشعبي لهبوط الليرة التركية لحشد التأييد للانتخابات المقبلة في البلاد”.

ويضيف عودة أوغلو: “كما هو معروف فإن أردوغان هو الوحيد الذي يملك الصلاحية للدعوة إلى انتخابات مبكرة، في حين لا تملك المعارضة الأغلبية الكافية في البرلمان”.

ولكن، حسب التسريبات من أروقة الحزب الحاكم، يتابع الباحث التركي “فقد أعطى الرئيس أردوغان تعليمات للمقربين منه للاستعداد لهذه الانتخابات (المبكرة) وفي حال كانت تصب في مصلحة الحزب سيتم إجراؤها صيف العام المقبل”.

ورغم اشتعال الجدل، والحشد الكبير، الذي تنفذه المعارضة يشير الباحث: “من المبكر جداً الحديث أيضاً عما إذا كانت الأحزاب ستنجح في إثارة الرأي العام ضد الحكومة”.

مقالات ذات صلة