سجن الحسكة مناورة استخباراتية بين الـ PKK وإيران

سجن الحسكة مناورة استخباراتية بين الـ PKK وإيران

هجوم “سجن الصناعة” في الحسكة، مؤامرة “مخطّط” استخباراتي إقليمي دبّر أمرها من قبل بدقة متناهية، والـ PKK جزء من هذه المؤامرة، حيث اطّلعت بشكل مفصّل على حيثيات هذا الهجوم في 25 كانون الأول من العام المنصرم (2021) وكانت على دراية تامّة بمسألة تهريب السجناء الإرهابيين من هذا السجن.

هاجم عناصر من تنظيم داعش الإرهابي الخميس الماضي 20-1-2022، على سجن الصناعة بحي غويران في الحسكة، وهرّبوا المئات من أفراد التنظيم القابعين في السجن، ولم يتمّ لغاية الآن السيطرة على مجريات الأحداث رغم المحاولات الجادة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” منذ تلك الفترة للسيطرة على الوضع القائم في السجن وخسارتها بمقتل العشرات من مقاتليها من أجل هذا الأمر.

الـ PKK كانت مطّلعة على مسألة تهريب الإرهابيين منذ الـ 25/12/2021

حصل موقع داركا مازي على معلومات غاية في السرية والخصوصية حول مخطّط تهريب السجناء الدواعش الإرهابيين، بالإضافة إلى مقاطع فيديو صوّرتها وحدات حماية الشعب (YPG) في 25/12/2021 توضّح بشكل دقيق وقاطع مجريات الأحداث التي جرت في الخميس الماضي خلال الهجوم على سجن الحسكة.

فقد نشر الموقع الرسمي لقوات سوريا الديمقراطية (SDF) يوم 25/12/2021 مشاهد فيديو لاعترافات بعض من إرهابيي داعش، أحد هؤلاء الإرهابيين يدعى (محمد عبد العواد) الملقّب بـ “رشيد” المسؤول عن خطّة الهجوم على سجن الحسكة.

وقد كشف الإرهابي (عبد العواد) خلال اعترافاته لوحدات حماية الشعب، تفاصيل الهجوم على سجن الحسكة، كـ:

  1. موعد وموقع الهجوم.

  2. عدد الإرهابيين المشاركين في العملية.

  3. عدد السيارات المفخّخة وأماكن تفجيرها.

  4. نوع الأسلحة.

  5. كيفية وحيثيات الهجوم وتسليح السجناء وتحريرهم من السجن.

 كما كشف الإرهابي المعتقل لقوات YPG أن الأسلحة والإمدادات تصلهم من العراق عن طريق الميليشيات الموالية لإيران وأن قسماً منها يصلهم عن طريق الجيش السوري الحرّ الموالي لتركيا، وأكّد أنه تمّ التخطيط للهجوم على سجن الحسكة في مدينة الرقة.

نص اعترافات المخطّط الرئيسي للهجوم على سجن الحسكة والتي نشرها الموقع الرسمي لقوات سوريا الديمقراطية (SDF) في 25/12/2021:

قوات سوريا الديمقراطية والتي تتشكّل وحدات حماية الشعب التابعة للـ PKK عمودها الفقري، هذه القوات قابعة تحت تأثير ونفوذ الـ PKK، بمعنى أنه لا يحدث أي شيء وسط هذه القوات دون علم الـ PKK وأوامرها، أو خارج إرادتها ومشيئتها إطلاقاً.

السؤال الهامّ هنا هو:

أيا تُرى لماذا لم تمنع وحدات حماية الشعب YPG وقوع عملية الهجوم على السجن وتهريب السجناء الإرهابيين، مع معرفتها المسبقة بمجريات هذه الأحداث قبل 29 يوماً من وقوعها؟! لماذا اختارت الصمت تجاهها؟! وهذا ما يؤكّد أن الـ PKK و”إيران وميليشيات الحشد الشعبي الشيعي الموالية لإيران” من اللاعبين الرئيسيين في هذه اللعبة والقسم الأساسي لهذه المؤامرة وهذه الخطة.

لو كانت الـ PKK هي من وضعت الخطة، فلماذا تحاول قوات سوريا الديمقراطية إفشالها؟!!

من المعروف لدى الجميع، أن الـ PKK ومنذ بدايات تأسيسها ضحّت بآلاف الشباب الكورد من أجل تحقيق أهدافها ومصالحها السرية مع الدول المحتلة الغاصبة لكوردستان، وفي قضية “سجن الحسكة” أيضاً خطّطت الـ PKK مسبقاً بالاشتراك مع الاستخبارات الإيرانية لتنفيذ هذه العملية مع معرفتها وإصرارها المسبق بالتضحية بالعشرات من عناصر قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، بعبارة أخرى، الـ PKK قرّرت مسبقاً تقديم العشرات من مقاتلي “قسد” قرابين لتنفيذ هذه الخطّة، أي أن التضحية بقسم من هذه القوات وهؤلاء المقاتلين كان جزءاً من المخطّط المشترك للـ PKK وإيران، وأن القيادة المركزية لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” أيضاً مطّلعة على هذا الأمر.

لماذا سجن الحسكة؟

يقع سجن الصناعة في حيّ غويران بمدينة الحسكة، وهو أكبر سجن يضمّ إرهابيي داعش على مستوى سوريا والعالم، يقبع فيه ما لا يقلّ عن 5 آلاف إرهابي، من بينهم 3 آلاف إرهابي عراقيي الجنسية، وعملية تهريبهم للعراق ستكون أسهل.

وفق المخطّط الذي تلقّت الـ PKK تعليماتها من الاستخبارات الإيرانية، سيتمّ الهجوم على السجن، وسيتمّ نقل السجناء الإرهابيين للدولة العراقية، وبالأخص للمنطقة الفاصلة بين إقليم كوردستان والعراق أو ما تسمّى بخط التماس أو الفراغ الأمني وهي تلك المناطق الكوردستانية الخارجة عن إدارة إقليم كوردستان (المتنازع عليها).

أهداف المرحلة الثانية لهذه الخطة:

  1. نقل الإرهابيين للعراق، وبالأخص للخط الفاصل بين إقليم كوردستان والعراق -خط التماس.

  2. تسليح الإرهابيين.

  3. تنفيذ أنشطة وعمليات إرهابية بالتعاون مع بعض الميليشيات الشيعية الموالية لإيران.

  4. إيقاظ الخلايا النائمة لداعش في ديالى وتأمين المساعدات والدعم اللوجستي لها عن طريق الحدود الإيرانية.

  5. تمهيد الطريق للصراعات والفتن الطائفية والمذهبية مجدّداً، في بعض مناطق بغداد بحجة محاربة الإرهاب.

  6. تجهيز وحشد الميليشيات الموالية لإيران للحرب على الإرهاب مجدّداً، والعودة بالعراق لسنوات ما قبل 2014.

  7. تنفيذ الأعمال الإرهابية والعمليات الانتحارية في بعض المناطق الشيعية، وإشعال فتيل الطائفية والمذهبية مجدّداً.

  8. إظهار الحكومة العراقية بمظهر الحكومة العاجزة عن محاربة الإرهاب.

  9. اتّهام سياسيي المكوّن السنة بالتضلّع في العمليات الإرهابية مجدّداً.

  10. خلق وممارسة الضغوطات على المناطق الكوردستانية ومناطق العرب السنة للانسحاب من الاتفاقيات التي أمضوها لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

الكلّ يدرك جيداً أن هناك علاقات استراتيجية تربط الـ PKK بإيران، وأن الثانية قد أدرجت الأولى في محمور المقاومة لتنفيذ أجندتها وتحقيق أهدافها، وما تواجد الـ PKK في العديد من المناطق الكوردستانية إلا لتحقيق هذا الهدف.

خطّة تهريب سجناء داعش الإرهابيين كانت خطّة استخباراتية مشتركة بين الـ PKK وإيران بامتياز، وأما دور تركيا فيها فتجسّد في التعاون اللوجستي والتسليح عن طريق ما يسمّى بالجيش السوري الحرّ، غير أن الهدف الرئيسي من هذه المناورة الاستخباراتية الخفية يتجسّد في تحرير الإرهابيين ونقلهم للخطّ الفاصل بين إقليم كوردستان والعراق، كلّ هذه المحاولات الإيرانية تجمّعت واحتشدت لخلق ضغوطات على القوى الشيعية السنية الكوردية المتحالفة في العراق لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وفق مبرّر شرعي يتمثّل في (الحرب على الإرهاب) وتعقيد قضية تشكيل الحكومة الجديدة وراء هذا المسوّغ.

مقالات ذات صلة