إيران والعمال الكوردستاني يحاولان تحويل گرميان لـ “شنگال” الثانية

بعد الهجمات على حقل كورمور الغازي، تمّ تسليط العدسة السياسية على خط (جمجمال-كركوك) وبالأخص بعد محاولة الجيش العراقي التوغّل في منطقة كورمور وردعه من قبل بيشمركة كوردستان، وتصدّرت المنطقة مشهد الأحداث المتدهورة، وهذا ما سيجعلنا -في الأيام القادمة- نسمع كثيراً بخطّ (جمجمال-كركوك-قادر كرم) ومنطقة كورمور الغازية، غير أن التحركات العسكرية كانت قد بدأت قبل الهجمات التي استهدفت كورمور بوقت طويل، وإن كانت جمجمال برزت كواجهة غير أن الوجهة التي يجب ألا تتوارى عن أنظارنا هي (گرميان).

من هم شركاء إيران في گرميان؟

منذ بدايات الألفية الثانية، أصبحت منطقة گرميان ذات أهمية قصوى لإيران، وقد ازدادت مطامعها هناك خصوصاً في عام 2012 وبالتزامن مع التطوّرات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، ولكنها واجهت صعوبات جمّة في التواجد المباشر في هذه المنطقة، رغم أن الاتحاد الوطني الكوردستاني أيّد التواجد الإيراني وشجّعه في المنطقة غير أن الجماهير المتجمّعة حول الاتحاد كان محدوداً للغاية، كما أدركت إيران جيداً أن ميليشيات الحشد الشعبي لن تحظى بالقبول في المنطقة، وكذلك الجيش العراقي لن يكون محلّ قبول الشعب هناك، فوظّفت إيران الـ PKK كممثّل لها في منطقة گرميان لتنفيذ استراتيجيتها وذلك لإدراكها أن الشعب من الممكن أن يتجمّع حول حزب يحمل اسماً كوردياً ويجمعه بأهالي المنطقة قواسم ثقافية مشتركة.

الـ PKK تمثّل الحلقة الوسطى في مشروع الهلال الشيعي الإيراني

من له أدنى إلمام بالخرائط، يستطيع رؤية العلاقة التي تربط گرميان بكركوك-مخمور-موصل ووصولاً إلى شنگال، كما ونستطيع ملاحظة أن هذا الخطّ يصل غربي كوردستان-كوردستان سوريا، أي أن “گرميان” هي المحطّة الأولى على أراضي إقليم كوردستان ضمن المخطّط الإيراني لإكمال الهلال الشيعي، فالـ PKK سمّت هذا الخط الشيعي الإيراني ضمن حدود إقليم كوردستان بـ “المناطق التي يجب دمقرطتها” كما تبنّت أسباباً سياسية مشتركة مع إيران للتمركز في هذه المناطق، غير أنه أساساً، كانت القوة وراء جلب الـ PKK لهذه المناطق هي إيران.

عليه، فمقولة الگريلا: “نحن من حرّرنا كركوك” هي جزء من هذا المخطّط والمشروع، فالقوة التي أتت بالگريلا إلى كركوك هي إيران، فقد اقترحت إيران على كبار مسؤولي الـ PKK في قنديل إيران (مصطفى قارسو ورضى آلتون) بتوجّه الگريلا إلى كركوك، وأن المناطق التي انتشر فيها الگريلا في كركوك سابقاً تمّ تحديدها من قبل إيران وحسب تعليماتها، كما تمّت إدارة المنطقة من جميع نواحيها ومجالاتها من جانب القوات الإيرانية في المنطقة، آنذاك كانت ميليشيات ما تسمّى بالحشد الشعبي حديثة العهد، والقوات الخاصة المرتبطة مباشرة بإيران منتشرة بكثرة.

ما هي أسباب تمركز الـ PKK على خطّ (گرميان-مخمور-شنگال)؟

المشروع الذي بدأ انطلاقا من كركوك داوم لشنكال، والقوة التي أوجدت موطأ قدم للـ PKK في شنگال هي إيران، وهذا ما وثّقته مصادر معلومات الاتحاد الوطني في مخيم مخمور أيضاً، فبعد هجوم داعش على مخيم مخمور خصّص الاتحاد الوطني الكوردستاني منطقة جديدة بالقرب من رانيا لأهالي المخيم، في الجانب الآخر كانت حكومة إقليم كوردستان تناقش تخصيص موقع لهم بالقرب من العاصمة أربيل، ورغم وجود مخاطر كبيرة على حياتهم ورفضهم العودة… أجبرت قيادة الـ PKK في قنديل أهالي مخمور بالعودة إلى مخيّمهم القديم بالقوة، وذلك لأهمية موقع المخيم الاستراتيجي، حيث يربط بين كركوك والموصل، وبالأخص جبل قرجوخ المطلّ على مخمور والذي يُنظر إليه كنقطة حدودية فاصلة بين الكورد والعرب.

ولهذا ترغب إيران في بقاء قوات الـ PKK في المنطقة، وقطعت وعودٌ للـ PKK بدمجها في أية قوة رسمية يتمّ تشكيلها في مخيم مخمور، وأن هذه القوة ستكون قوة رسمية ضمن أطر الحشد الشعبي، كما أنها ستستلم رواتبها من الدولة العراقية، وفعلاً تمّ إرسال العديد من الأسلحة كـ (الدوشكا والبيكيسي وغيرها من الأسلحة…) للمخيم.

أي أن إيران تؤيّد علناً توسيع خارطة المناطق الخاضعة لنفوذ الـ PKK كقوة عسكرية في إقليم كوردستان، وليس هذا فحسب، بل تشركها أيضاً في إدارة مشروعها السياسي كمهندس مختص!

الـ PKK وكتائب حزب الله في خندق واحد

نستطيع القول بأن الـ PKK تمثّل دور حراس الحدود لإيران حول مشروع الهلال الشيعي، فمنذ عام 2014 تمركزت الـ PKK في (جمي رزان وجمجمال وگرميان وكلار ودوزخورماتو وكفري وقادر كرم… إلخ) وغيرها من المناطق، وتتمتّع بعلاقة وتنسيقاً مشتركين مع ميليشيات الحشد الشعبي في غالبية النقاط على خطّ گرميان، كما تربطها علاقة وتنسيق وثيقين على خط گرميان مع كتائب حزب الله المتطرفة والمنضوية تحت خيمة الحشد الشعبي، أي أن الصواريخ التي أطلقت مؤخّراً على حقل كورمور الغازي من قبل كتائب حزب الله أطلقها حليف الـ PKKك غير أن هذه الكتائب ادّعت أن حقل كورمور استهدف من قبل الدولة التركية، لتردّد الـ PKK كالببغاوات هذه المعلومات غير الموثقة على وسائل إعلامها!

هذه المتاهة المعقّدة والمظلمة واللانظامية من العلاقات مؤشّر واضح على وجود تطورات مقلقة للغاية على خط گرميان عموماً، وأن المنطقة ستشتعل قريباً وتصبح منطلقاً لهجمات عدوانية على إقليم كوردستان، وأن هذه المنطقة أي گرميان تسير على طريق شنگال وتصبح شنگال الثانية، أي أنّنا ندرك جيداً أن الخيانة التي تمارس في شنگال بحق إقليم كوردستان وبدعم وتأييد الحشد الشعبي تُخطّط في گرميان أيضاً وستتكرّر هناك، وحسب معلومات موثّقة تقوم الـ PKK بتثقيف العديد الشباب على خطّ گرميان وتجنيدهم تحت مسمّى (قوات الحماية الجوهرية-الذاتية) والآن، قد ضاعفت من محاولاتها لتشكيل وحدات نظامية في هذه المنطقة، لدمجها فيما بعد في صفوف ميليشيات الحشد الشعبي كما فعلت في شنگال.

ومن بين المعلومات الواردة وخصوصاً في الآونة الأخيرة، أنه تمّ نقل قوات من بينجوين وآسوس نحو كركوك وبالأخص نحو جمجمال.

أيا تُرى: هل هذا استمرار لخيانة 16 أكتوبر في كركوك؟

بعد هجوم الجيش العراقي وميليشيات الحشد الشعبي على كركوك في أحداث 16 أكتوبر الخيانية واحتلالها، حاولت هذه القوات احتلال بردي والتقدّم صوب (كويه) والاستيلاء على الخطّ الرابط بين السليمانية وأربيل، غير أن مقاومة بردي أحبطت هذا المخطّط، فأجبرت هذه القوات على الانسحاب، وحقيقة هذا المخطّط والهجوم هي استهداف كيان إقليم كوردستان وإسقاطه وتطبيق نظام المحافظات، إلّا أن هذه الأوهام ذهبت أدراج الرياح، فمقاومة بيشمركة كوردستان البطولية في ملحمة بردي قضت على كافة مخطّطات ومؤامرات ومشاريع الأعداء وأجهضتها…

مقالات ذات صلة