ما هي حقيقة حادثة مقاتلي العمال الكوردستاني في وادي باليسان-خليفان؟

ليلة الـ 5 من أيلول الجاري، تعرّضت مفرزة لمسلّحي حزب العمال الكوردستاني PKK لضربة جوية تركية وأصبحت هدفاً لطائرة مسيّرة في وادي باليسان بمنطقة خليفان، ومنذ الدقائق الأولى للحادث، شرعت وسائل إعلام الـ PKK بأقذر وأخبث حملة إعلامية ضدّ حكومة إقليم كوردستان وبيشمركة كوردستان كما دأبت، فبذلت محاولات حثيثة لاتهام قوات بيشمركة كوردستان بمسؤوليتها عن الحادث، فنشرت ادّعاءات وأنباء كاذبة ومفبركة تحت عناوين بارزة حول مزاعمها “أن قوات الديمقراطي الكوردستاني وبيشمركة كوردستان شنّت هجوماً على مقاتليها الگريلا” هناك، كما وزعمت وقوع عدد من الگريلا أسرى بيد قوات البيشمركة!

غير أن الحادث كان على النقيض تماماً ممّا نشر… فما الذي حدث في الحقيقة؟

ما الذي حدث في ليلة الـ 5 من أيلول؟

وفق معلومات غاية في الموثوقية حصل عليها موقع “داركا مازي” من مصادر محلية في المنطقة، أن مفرزة لمسلّحي حزب العمال الكوردستاني PKK تتألف من 5 أشخاص تعرّضت لضربة جوية تركية من مقاتلات مسيرّة-بدون طيار- ومن بين المعلومات المؤكّدة أن وحدة الگريلا انتشرت في القرى الواقعة على الطرق هناك، وحاولت الاتصال بجهات عن طريق أجهزة اللاسلكي الصغيرة والتلفونات، وهكذا رصدت من قبل طائرات الاستطلاع والمراقبة.

الهجوم أسفر عن مقتل 3 گريلا على الفور، بينما أصيب اثنان بجروح أحدهما إصابته بليغة، فحاولا التسلّل لبساتين ومزارع القرية، أحد الگريلا كان باستطاعته التحدّث، فصرخ بأعلى صوته مستنجداً بأهالي القرية، بينما جراح الثاني كانت بليغة، توجّه بيشمركة كوردستان لموقع الحادث بعد إعلامهم من قبل أهالي تلك القرى، فتوجّهت قوات بيشمركة كوردستان لمكان الحادث، ونقلت الجريحين للمستشفى بواسطة سيارات الإسعاف، في الطريق فقد أحد الگريلا -ذو اٌصابة البالغة- حياته، بينما نقل الآخر إلى مستشفى الطوارئ لتلقّي العلاج.

أكاذيب الـ PKK المزعومة باندلاع اشتباكات بين الگريلا والبيشمركة

نشرت وسائل إعلام الـ PKK أنباء كاذبة ومفبركة تزعم أن قوات بيشمركة كوردستان شنّت هجوماً ليلة أمس على الگريلا، وأن البيشمركة طالوا جرحى الگريلا بتسليم أنفسهم! وأن الگريلا واصلوا القتال دون استسلام! فممّا يبدو أن الـ PKK تسعى لخلق فتنة وإثارتها، وإلا فما الهدف من صناعة سيناريوهات مفبركة كاذبة كهذه؟! كلّ هذا رغم عدم امتلاك الـ PKK لأية معلومات حول حقيقة ما حدث هناك، لأن الحقيقة الوحيدة هي أنه لم تحصل أية مواجهات أو اشتباكات بين مسلّحي الـ PKK وبيشمركة كوردستان في وادي خليفان.

الحزب الديمقراطي الكوردستاني بين مطرقة الفاشيين الأتراك وسندان أغبياء الـ PKK ومتخلّفيها

جميع أهالي قرية (تاراوه وخاته) التي وقعت فيها هذه الأحداث، شاهدوا قيام قوات بيشمركة كوردستان بإسعاف جريحي الگريلا ونقلهم بسيارة الإسعاف إلى المستشفى، ولهذا كانت وسائل إعلام الدولة التركية الفاشية والفاشيين الأتراك ولغاية مساء يوم أمس كانت تشنّ هجمات إعلامية شرسة على إقليم كوردستان بحجة قيام بيشمركة كوردستان بإسعاف الگريلا والذهاب لنجدتهم، في الجانب الآخر، هاجمت وسائل إعلام الـ PKK إقليم كوردستان والديمقراطي الكوردستاني بحجة أن الأخير قدّم معلومات استخباراتية للدولة التركية، وهاجمت حكومة إقليم كوردستان وبيشمركة كوردستان والبارزاني وراء هذه الحجة الباهتة الباطلة، فهل يا تُرى أن كلّ ما حدث هو من قبيل الصدفة؟! كلّا، فليس من قبيل الصدفة إطلاق حملة عدوانية شرسة ومشتركة للفاشيين الأتراك وأنصار الـ PKK وأتباعها ضدّ بيشمركة كوردستان والبارزاني، فالـ PKK والدولة التركية متحالفان شريكان منذ عقود يحاولان القضاء على إقليم كوردستان وراء ستار محاربة الديمقراطي الكوردستاني والبارزاني، وخلق فكرة أن إقليم كوردستان هو الشيطان بذاته وأنه إسرائيل الثانية و… وما حدث في وادي باليسان بخليفان يوم أمس ما هو إلا تأريخ قديم يعيد نفسه!

الگريلا استنجدوا بأهل القرية لإسعافهم ونجدتهم، وبيشمركة كوردستان لبّوا لندائهم وتوجّهوا لنجدتهم، فحملوا الجرحى فوق ظهورهم ونقلوهم لسيارة الإسعاف، نعم هذه هي حقيقة ما جرى، ولكن للأسف الشديد فالـ PKK حرّفت هذه الحقائق وأخفتها عن أعين الشعب الكوردي، وعوض تقديم الشكر لهذه القوات الوطنية بذلت جهوداَ مضنية لخلق الفتن ونشر العداوة والبغضاء!! الـ PKK تعلم جيداً أن إقليم كوردستان لا يستطيع الإدلاء بأية تصريحات رسمية يكشف فيها أن قوات بيشمركة كوردستان أسعفت جرحى الگريلا ونقلتهم للمستشفيات نتيجة حساسية الوضع الراهن على ساحة إقليم كوردستان.

ماذا سيحدث لو ردّ بيشمركة كوردستان على الـ PKK بالمثل؟

رغم انتهاكات الـ PKK وتسبّبها بخلق العديد من الفتن وممارساتها الصلفة وأعمالها القذرة، لم تردّ لا حكومة إقليم كوردستان ولا قوات بيشمركة كوردستان ولا الحزب الديمقراطي ولو لمرة واحدة، لم ترد بالمثل تجاه هذه الممارسات، ولم تعاملها بنفس أساليبها، فالحقيقة الساطعة هي أن بيشمركة كوردستان لم يستهدف لغاية اليوم مقاتلي الـ PKK ولم يعتدي عليهم، علماً أنه وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، استشهد 12 عنصراً من كوكبة بيشمركة كوردستان على يد جلاوزة الـ PKK، فقتلت هذه التنظيمات ويتّمت وأفسدت، ولكن رغم كلّ هذا لم تقم بيشمركة كوردستان بشنّ أية هجمات على الگريلا، ومن المعلوم أن قوات بيشمركة كوردستان لو ارادت أن تفعل شيئاً كهذا أو تعامل الـ PKK بالمثل وبنفس أساليبها فلن تستطيع الـ PKK في مناطق بهدينان وگاره التي يتواجد فيها قارايلان، الحصول على كسرة خبز!

فحسب جغرافية المنطقة، لو تعاون الديمقراطي الكوردستاني بالفعل مع الدولة التركية وقدّم معلومات استخباراتية لها في هجماتها، لما بقي گريلا واحد في محيط قضاء ئاميديي -العمادية- وگاره، والقوة التي تعرف هذه الحقيقة جيداً هي الـ PKK نفسها، ولكن رغم معرفة هذه الحقيقة تواصل الـ PKK سياساتها هذه تجاه إقليم كوردستان حكومة وشعباً، وتشير الاحتمالات إلى أنها ستقوم في الأيام المقبلة، بإطلاق حملة عدائية ضدّ حكومة إقليم كوردستان في أوروبا وتركيا و… وأنها ستحتشد المتطرفين وعديمي الدماغ من أنصارها وأتباعها المغرّر بهم بترديد شعارات تخوينية معادية مناوئة لحكومة إقليم كوردستان والديمقراطي الكوردستاني والبارزاني.

وكان موقعنا “داركا مازي” قد نشر قبل أيام مقالاً حول الأسباب التي تقف وراء الهجمة الجديدة لحزب العمال الكوردستاني PKK على بيشمركة كوردستان (https://darkamazi.net/arabic/archives/1029329).

تجاه كلّ ما مرّ، ينبغي على مثقّفي الكورد وإقليم كوردستان على وجه الخصوص، والوطنيين منهم خاصة، الكشف عن أكاذيب الـ PKK هذه وفضح ممارساتها القذرة، وإبداء موقف كوردايتي موحد في وجهها، نعم ينبغي مساءلة الـ PKK عن عموم ممارساتها وتصرّفاتها الدنيئة والقذرة، بل ومساءلتها عن: ماذا يفعل الگريلا في منطقة خليفان؟ وما هذه التنقلات من منطقة لأخرى على أراضي إقليم كوردستان؟!

أين وقع الحادث؟

الحادث وقع بين قرى تاراوه وخاته في وادي باليسان، ويقع وادي باليسان بين منطقة بينجوين ورانيا وخليفان، وتبعد هذه المنطقة 170 كم هوائياً عن الحدود التركية، ولو تحرّكت قوات الگريلا ليل نهار لما رأت جندياً تركياً إطلاقاً، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أيا تُرى هل يتمركز مسلّحوا الـ PKK في هذه المنطقة لمحاربة وقتال الدولة التركية أم قوات بيشمركة كوردستان؟!

فالـ PKK تحاول التمركز في المناطق المحيطة بعاصمة إقليم كوردستان/أربيل، وذلك لجلب العساكر الأتراك وجرّهم إليها وشرعنة توغّل الدولة التركية المحتلة في قلب إقليم كوردستان، والاعتداء على بيشمركة كوردستان ظلماً وجوراً، نعم هذه هي حقيقة أحداث الـ 5 من أيلول في وادي باليسان باختصار…

مقالات ذات صلة