رأينا عظام هاكان في كيس… ولكن لم نر من كانوا يردّدون الشعارات!

ولد هاكان أرسلان عام 1990 بناحية قرياز بأرضروم، انخرط في صفوف حزب العمال الكوردستاني PKK في ريعان شبابه، وقضى حياته في سور ئامد قبل 7 سنوات، وبعد مرور سبع سنوات كاملة تمّ تسليم عظامه لوالده المفجوع في كيس من قبل الدولة التركية الفاشية…

خيبة أمل أصابت الأب المفجوع وهو يحضن عظام ابنه ذو الـ 22 عاماً وسط مركز مدينة ئامد، والحق أنه ليس والده فقط بل عموم الشعب الكوردي شعر بخنجر الفاشية يخترق قلبهم المجروح من رؤية مشهد تراجيدي كهذا!

غير أنّنا رأينا بعدها بعض الأتراك الوحشيين من بينهم كتّاب ورسّامون أبدوا اعتراضهم حتى من تسليم العظام، فقالوا: كان من المفروض ألّا تسلّم الدولة حتى عظامه لوالده! وهنا تبدأ مواجهتنا ضد الدولة المحتلة العنصرية والوحشية وشعبها البربري الهمجي…

تصريح دميرتاش

بصدد الحادث المؤلم، صرّح الرئيس المشترك السابق لـ حزب الشعوب الديمقراطي HDP “صلاح الدين دميرتاش” قائلاً: “لو تمّ تقسيم المجتمع، فيجب أن ينقسم لقسمين، قسمٌ يؤمن بالديمقراطية والقيم الإنسانية العالمية، وقسم يؤمن بالفاشية والسارقين… فينبغي التفريق بين من قال للعم علي رضى “استحقّ ذلك” ومن حمل هذا الألم والجرح في قلبه وأعماقه…”.

كلام دميرتاش بدى أدبياً بشكل واضح، فلم يكن لا تفسيراً للوضع القائم والقاتم كما لم يكن ذو دلالة للحلّ الأمثل للحادث، بل كالعادة كان كلاماً منمّقاً برّاقاً شمولياً أدبياً، وكأن دميرتاش يستعرض لجماهيره وأنصاره.

أي المجتمعين؟ المجتمع الكوردي أو المجتمع التركي؟!

أيا تُرى لماذا لم يستخدم دميرتاش كلمة الكورد وكوردستان حتّى لدى رؤيته لعظام هاكان أرسلان بهذا المشهد التراجيدي؟! فلينقسم المجتمع لقسمين! أليس المجتمع منقسماً على شقّين اصلاً؟! أليس القتلى والضحايا دوماً من جانب الكورد المضطهدين والمنقسمين؟! بينما الجانب الآخر يشعرون بسعادة بالغة بموت الكورد ويستفيدون من موتهم ويستثمرونه دون أدنى همّ أو غمّ؟!

فلو لم تتمكّنوا من التلفّظ بكلمة “كوردستان” حتى بعد مشاهدة عظام هاكان أرسلان في كيس، فماذا سنقول لكم؟! ألم يستشهد هاكان أرسلان من أجل هويته الكوردية؟ أليست ناحية (قرياز) منبعاً حيّاً للوطنيين الكورد؟ فوالد أرسلان هاكان “علي رضى” لا يعرف حتى اللغة التركية! ولكن حتى عندما يتحدّث دميرتاش عن فاجعة وآلام والده لا يستطيع التلفّظ بلفظة (الكورد) آنذاك تنكشف تعفّن الطبقة السياسية ويصبح كلّ شيء واضحاً لا غبار عليه.

فدميرتاش لم يتفاد النطق بـ “كوردستان” فحسب، بل في الوقت نفسه لم يحاول حتى الكشف عن قتلة هاكان أرسلان، علماّ أن هذه الجريمة الوحشية ليست شيئاً عادياً ممّا يحدث بين المجتمعات! بل الحادث وقعت بين الدولة التركية المحتلّة والـ PKK التي تزعم أنها في حرب وقتال مع الدولة!

الـ PKK مسؤولة عن الحادث بقدر الدولة التركية

نعم، فالـ PKK كانت تدرك جيداً أن الموت المحتّم بانتظار هؤلاء الشباب، فوأدت أطفال الكورد في قبور كانت قد وصفتها بـ (الخنادق) دمّرت 12 مدينة كوردستانية، وما زالت العشرات من جثث هؤلاء الأطفال والشباب في مقابر لا يعرف لها أثر! لماذا؟! لماذا تمّ حفر تلك الخنادق؟! لماذا تمّت التضحية بهؤلاء الشباب؟! لماذا جُلبَ هاكان أرسلان من قريته بـ (قرياز) في أرضروم للقتال في سور ئامد؟! أم لماذا استمرّت الـ PKK بتدمير مدن نصيبين وسور والجزيرة وكفر وغيرها من المناطق الكوردستانية رغم فشلها في هذه الحرب سابقاً وتسبّبها بتدمير (وارتو وفارقين وسلوبي…) من قبل؟! فبسي هوزات ومن أجل ألّا “تتزعزع كرامتنا” أجبرت شباب الكورد على البقاء في سراديب المنازل في الجزيرة، وأحرقتهم! فهل كرامتكم واعتباركم أغلى من دماء وأرواح شباب الكورد خاتون بسي هوزات؟!! فكيس العظام الذي يحمله العمّ علي رضى كان نتيجة مخطّطاتكم لحرب الخنادق (الانتحارية) فكومة العظام التي أجبرتم العم علي على حملها كانت جريمتكم، وينبغي على الشعب الكوردي في كوردستان تركيا أن يرجموكم أنتم قادة الـ PKK لإشعالكم حرب الخنادق هذه، فالعدو وحشي ودموي لا يرتوي من دماء الكورد، أم أنّكم لا تعرفون هذا؟!! ألقيتم بشباب الكورد بلا أي سبب في نار الأعداء والآن تستثمرون عظام هاكان أرسلان! ألا تخجلون؟! فالشعب الكوردي ليس قرابين آبائكم، ستدفعون ثمن خيانتكم للشعب الكوردي باسم الخنادق، فحرب الخنادق للـ PKK كانت أكبر خيانة يتعرّض لها الكورد وقلّبت كوردستان تركيا راساً على عقب.

أين من كانوا يردّدون الشعارات؟!

ممّا لا شكّ فيه سنذكّركم بآخرين لم يتحدّث عنهم دميرتاش “الذين كانوا يتّهمون من يعارضون حرب الخنادق بالخونة وكانوا يطبّلون لحرب الخنادق” سواء بضغوطات من الـ PKK أم لا، الشعوب الديمقراطي HDP الذي كان دميرتاش رئيساً له آنذاك كان يشجّع على هذه الحرب، فـ فيغن يوكسكداغ كانت تصرخ وتمزّق حنجرتها في فارقين وتقول: “حرب الخنادق ثورة” وسري ثريا أوندر هزّ سبابته في وجه كوادر الـ PKK المعارضين لحرب الخنادق قائلاً: “سيتمّ حفر تلك الخنادق” بل قاد العشرات من برلمانيي HDP حرب الخنادق، فكان كوادر الـ PKK في ئامد يقولون لـ (جكرجي محمد) “حرب الخنادق ستحرّر سور ئامد” قيا تُرى ماذا حصل لهؤلاء الناس؟!

فأين من كانوا يدعون لحرب الخنادق ويوجّهون شباب الكورد نحو الموت؟! أيا تجّار حرب الخنادق لماذا تركتم العم علي رضى مع كيس عظام ابنه وحيداً على قارعة الطريق؟! لماذا لم يكن أحد المطبّلين لحرب الخنادق من مسؤولي HDP معه؟! لماذا تمّ تشييع جثمان هاكان ودفنه من قبل عائلته وأهالي قريته وحدهم دونكم؟! لماذا لم تبدي HDP أية ردود أفعال تجاه عظام هاكان كالرّدود التي أبدته للفنانة (كولشنا بوبجي)؟!

فلو أراد دميرتاش فعلاً أن يتحدّث عن هاكان أرسلان فينبغي عليه أولاً أن يتحدّث عمّا ذكرناه من الممارسات والأحداث، فدميرتاش ليس محلّلاً بل هو شريك في تلك العملية التي حصدت روح هاكان وتركت عظامه…

لهذا، لو كان هناك تقسيماً فليكن على هذا الأساس، ففي جانب هناك المستعمر والمحتلّ الذي فرح بموت هاكان، وفي الجانب الآخر هناك من أرغموا هاكان على المحكومية للخندق باسم (الثورة والانتفاضة) وبعدها تفادوا التقرّب من جثمانه!

فقد ولّى زمن تقمّص دميرتاش لدور سياسي ذو نوايا حسنة، نفسية متواضعة، وأنه لا يعلم بهذا الشيء! فقد ولّى هذا الزمن يا سيد دميرتاش، فدميرتاش لا يقدر على محاكمة أحد في هذا الموضوع، بل العكس تماماً فهو المحكوم للنقد لا غيره…

مقالات ذات صلة