أدلى الأمين العام للاتّحاد الوطني الكوردستاني (ينك) بافل طالباني، ببيان نشط للغاية إلى المؤتمر الذي انعقد بمناسبة الذكرى المئوية لاتفاقية لوزان المجحفة بحقّ الكورد وكوردستان والتي قسّمت كوردستان على أربعة أجزاء، ذلك المؤتمر الذي انعقد في محافظة الحسكة بغربي كوردستان.
بافل طالباني، قال في رسالته للمؤتمر الذي انعقد بهذه المناسبة: “دعونا نترك خلافاتنا جانباً، ونعمل معاً من أجل كوردستان الكبرى…” ونحن لو تركنا شخصية بافل طالباني جانباً، فالبيان الذي أدلى به يحمل في طياته رؤى منطقية وواقعية ومعقولة، لكن تذييل البيان بإمضاء بافل يقلّب رؤيتنا حول البيان رأساً على عقب، ويغيّرها 180 درجة، أيا تُرى ما السبب؟
لأن الزعيم الحالي للاتّحاد الوطني بافل طالباني، هو زعيم تلك المجموعة الغادرة الخيانية التي شاركت في احتلال كركوك في أحداث 16 أكتوبر الخيانية عام 2017.
لأنه الشريك والحليف لهجمات الدولة العراقية المستهدفة لكيان إقليم كوردستان…
لأن الشريك لمشاريع الدولة العراقية الهادفة إلى استقطاع شنگال-سنجار من إقليم كوردستان وإلحاقه ببغداد… هو بافل طالباني
لأنه هو الشخص نفسه الذي أضاق الخناق على حزبه ويغتال من يتجرّأ على نقده ويحيك المؤامرات ضدّهم ويتآمر عليهم…
لأنه هو الشخص نفسه الذي استولى على مقدرات وإيرادات محافظة السليمانية ومعابرها واستولى على أراضي الشعب وممتلكاته من أجل مصالحه المادية وغاياته الشخصية…
أي باختصار، بافل طالباني هو الشخص الذي ألحق ما لا تُعدّ من الأضرار بكوردستان، من ناحية أخرى، ما يهمّنا هو الأفعال لا الأقوال والشعارات، فعندما ننظر إلى أعمال وممارسات بافل طالباني نتأسف عندما نجد هذا الكمّ الهائل من الضرر بكوردستان والإساءة إلى الكورد، والأمرّ أنّنا لم نجد شيئاً آخر غيره! فبافل طالباني وحزبه الاتّحاد الوطني يلحقان أسوأ الأضرار بمحافظة السليمانية وعموم إقليم كوردستان عبر تصرّفاته المتهوّرة واللامسؤولة ومن أجل مصالحه المادية والشخصية البحتة ومخطّطاته ومؤامراته القذرة…
فبافل طالباني وحزبه يحاولان قطع الغصن الذي يقفان عليه! يضعون أيديهم في أيدي الأعداء أينما كانوا، يضعون أيديهم في كل يد تحاول محاربة إقليم كوردستان، لذا، فحتّى لو ردّد بافل ألف مرة إدانته لمعاهدة لوزان وشجبها، فلا معنى لكلّ ذلك إطلاقاً.
فشجب معاهدة لوزان وإدانتها لا يقارنان بالأضرار والخسائر التي لحقت بكوردستان خلال السنوات الـ 6 الأخيرة على يد بافل طالباني، فبافل طالباني يتحدّث عن تأسيس كوردستان الكبرى بينما هو في الواقع يحاول فصل محافظة السليمانية عن إقليم كوردستان، ذلك الإقليم الذي بني بدماء آلاف الشهداء، وإلحاق السليمانية بالدولة العراقية! بافل طالباني يتحالف ويمدّ يد الصداقة لكلّ من حاول القضاء على كيان إقليم كوردستان، فكيف يتطابق دعواه إلى تأسيس كوردستان الكبرى مع محاولته لهدم كوردستان الصغرى والقضاء عليها؟! فبافل وأمثاله وأعوانه إنّما يستخدمون معاهدة لوزان كقناع يغطّون بها وجوههم ويخدعون بها شعبهم البائس التوّاق للحرية ووطن مستقل…
نعم، ينبغي على الفور فهم أن بافل طالباني ليس وحده من يستخدم معاهدة لوزان كقناع، بل البكك أيضاً تقوم بنفس الاحتيال والخداع ونفس الألاعيب، فمهندس فكرة استخدام لوزان كقناع هو البكك عينها، فالبكك التي ترى في الاتّحاد الوطني شريكاً وحليفاً في جميع المجالات، استدرجته إلى خشبة مسرحية مناهضة لوزان وإلغائها، ففعلاً هناك مسرحية تُعرض في حالياً بهذا الصدد…
فمناهضة لوزان وإلغاؤها من جانب البكك وشعاراتها بصدد أنها ستلغي معاهدة لوزان وتقضي عليها أو ستهزمها… وما عقدته من مؤتمرات لهذا الغرض… هو على غرار توبة الثعلب عن افتراس الدجاج! لأن البكك هي بنفسها نتاج معاهدة لوزان، البكك ضامن لاستمرارية هذه المعاهدة على كوردستان، ولسنا نحن من يقول هذا المقال، فالبكك بنفسها تقول هذا وتعلنه على رؤوس الشهاد، وكثيراً ما تردّدت مثل هذه العبارات في كتب أوجلان…
على سبيل المثال، يرى عبد الله أوجلان أن معاهدة “سيفر” أخطر معاهدة تمّ إبرامها، ويصفها بالمعاهدة الأكثر ضرراً بخارطة الشرق الأوسط! فقال في 10 كانون 2008:” أيها الكورد، نحن لا نقبل معاهدة سيفر، نريد بناء لوزاننا وتشييدها وتجديدها، ينبغي إحياء لوزان الثانية بتجديد لوزان، وبهذا سنوسّع مشروع الميثاق الوطني-ميساق مللي”.
فمعاهدة سيفر كانت المعاهدة الأولى التي اعترفت بحقوق الشعب الكوردي، وأعطت لهم الحق في تأسيس دولتهم الخاصة، حتّى أجهضتها معاهدة لوزان التي تمّ التوقيع عليها بين الدولة التركية وقوى الحلفاء عقب الحرب العالمية الأولى، في مدينة لوزان السويسرية، حيث أبطلت هذه المعاهد المجحفة بحقوق الشعب الكوردي، معاهدة سيفر المعترفة بحقوق الشعب الكوردي، وقسّمت لوزان كوردستان على أربعة أجزاء على دول تركيا والعراق وإيران وسوريا، فأوجلان لم يعادي ولم يناهض معاهدة لوزان في كتبه المؤلّفة من آلاف الصفحات، ولم يقل: “أنا ضدّ معاهدة لوزان، فلوزان أضرّت بالكورد” بل قال أوجلان: “ينبغي أن تكون معاهدة لوزان معاهدة اجتماعية، فسيفر أضرّت بأخوة الكورد والأتراك!” ولن تجدوا مطلقاً أية معاداة أو مناهضة من قبل أوجلان تجاه الميثاق الوطني التركي-ميثاق مللي- في اية كتبٍ لأوجلان، بل على العكس سترونه مخلصاً حامياً عن الميثاق الوطني للأتراك! فأوجلان وحزبه البكك اللذان يدافعان بكلّ ما أوتوا من قوة عن معاهدة لوزان ويدافعون عن الميثاق الوطني للأتراك-ميساق مللي- لا يستطيعان وقف لوزان أو إلغاءها أو هزيمتها كما يدّعون، بل على النقيض يعترفون على الملأ أنهم حماة للحدود المصطنعة لكوردستان والتي أفرزتها معاهدة لوزان.
ألم يكن هو أوجلان نفسه الذي فال للضابط التركي (حسن ئاتيلا أوغور) في جزيرة عمرلي-إمرالي: “تعالوا نحاصر أربيل معاً، ادعمونا سرّاً!” فأوجلان الذي وقّع معاهدة “احتلال أربيل” وبافل طالباني الذي تحالف مع بغداد لاحتلال كركوك… فكيف بإمكان هؤلاء أن يقفوا ضدّ لوزان أو يستطيعوا إلغاءها وإزالتها أو إيقافها؟! بل الشخصان (بافل وأوجلان) يتحرّكان وفق أطر وتعليمات وبنود لوزان لا غير…
لذا ينبغي على المثقّفين الكورد والوطنيين المخلصين الوقوف أمام الشائعات التي تطلقها البكك والاتّحاد الوطني تحت شعار مناهضة لوزان أو إلغائها، عليهم الثبات على موقف جادّ من هذه المزاعم والإشاعات، في الوقت نفسه، ينبغي على (البكك والاتحاد الوطني) أن ينظران إلى ماضيهما الأسود والمريب في هذا المجال!
فلو ادّعى بافل طالباني ألف مرة أنه مناهض للوزان، أو أطلق آلاف الشعارات ضدّ لوزان، أو أصدر مئات البيانات… أو نشر عشرات الرسائل… لا يغيّر كلّ ذلك حقيقة ولائه لمشروع لوزان، ولا يغيّر كلّ هذا من هذه الحقيقة شيئاً، فنحن نقول “بافل طالباني ورفاقه وحلفائه لا يستطيعون إلغاء لوزان وهزيمتها، لأنهم هم صمام الأمان للوزان وضامنون لها” وكذلك البكك لو عقدت آلاف المؤتمرات ونشرت مئات الخطابات المناهضة المعادية للوزان واحتفت وسائل إعلامها بعشرات المقالات حول إلغاء لوزان أو مناهضتها أو هزيمتها… تبقى الحقيقة الوحيدة التي لا تتغيّر هي أن البكك ليست ضدّ لوزان على الإطلاق… بل هي ضامن لسريان بنود معاهدة لوزان لغاية الآن… فالبكك ما زالت حامية حارسة للحدود المصطنعة التي قسّمت كوردستان والمنبثقة من رحم معاهدة لوزان…