يحتلّ الكورد محور الصراع الذي عصفت دوامة اضطراباته عموم منطقة الشرق الأوسط، وما حدث في باكور كوردستان-كوردستان تركيا في هذا الوقت الحسّاس هو بمثابة تراجيديا للكورد، إذ ينبغي على الكورد أن يتّحدوا ويتآزروا في هذا الوقت بالذات أكثر من اي وقت مضى.
فهناك جماهير منظّمة في باكور كوردستان، ولكن للأسف الشديد، فالقوى التي تنتهج هذه الجماهير مسيرتها ليست قوى كوردستانية، هذه القوة السياسية الرئيسية ليست كوردية وكوردستانية بأهدافها ومطالبها.
وإذا نظرنا إلى أسباب خروج جماهير حزب العمال الكوردستاني بكك إلى الشوارع، فسنرى هذا الوضع بوضوح لا غبار عليه.
فقد حشدت البكك جماهيرها في الشوارع طوال شهر أيلول، للاحتجاجات ضدّ الحزب الديمقراطي الكوردستاني وإدانته، كما كلّفت كلاً من (YSP) و (HDP) لهذه الخطّة.
ففي الـ 16 سبتمبر/ أيلول، تظاهر نواب اليسار الأخضر (YSP) وحزب الشعوب الديمقراطي (HDP) في سلوبيا، وقاد التظاهرة برلمانيو الحزبين (بردان أوزتورك، وصالحه آيدنيز، وكسكين بايندر، وصباحات أردوغان ساريتاش، ونوروز أويسال).
وفي 17 سبتمبر/ أيلول، قام ستة شبان من حزب اليسار الأخضر (YSP) بمسيرة في شارع الاستقلال في إسطنبول وهتفوا شعارات ضدّ ” الديمقراطي الكوردستاني”.
وفي 18 سبتمبر/ أيلول، ردّدت النائبة عن (YSP) گولستان كلج شعارات مناوئة ضدّ الديمقراطي الكوردستاني في إزمير حتى مزّقت حنجرتها! كانت بجانبها النائبة عن آمد-دياربكر جيلان آكجا والبرلمانية التركية لـ (YSP) بورجوكول تشوبوك-جوبوك.
بعدها، نزلت مجموعات صغيرة لـ (YSP) إلى شوارع أدنه وغيرها من المناطق، في مسيرات مناوئة للديمقراطي الكوردستاني (PDK) فخرجت مجموعات تتكوّن من 10-15 شخصاً إلى الشوارع وهتفوا بشعارات مثل (سنحاسب الخونة!!).
هذا ولم تتدخّل الدولة، ولم تكن هذه الجهود التي بذلها (YSP) و (HDP) عديمة الجدوى فحسب، بل ملأت الأجواء نتانة الخيانة والخداع والزور.
في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، نّفذت البكك عملية مريبة في أنقرة، على إثرها، تمّ اعتقال العشرات من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) في تركيا، ولا يزال الكثير منهم تحت المراقبة، ولم ينطق حزبا (YSP) و (HDP) ببنت شفة! أمّا البرلمانيون الذين حشدوا التظاهرات ضدّ الديمقراطي الكوردستاني فأخرسوا وذيلهم بين رجليهم…
بعد هجوم أنقرة، شنّت الدولة التركية ضربات جوية على 150 بنى تحتية مهمة مثل السدود ومحطات الكهرباء وآبار النفط، انقطعت المياه والكهرباء عن ولاية الجزيرة، ويعيش الناس أسوأ كوابيسهم هناك.
ومع ذلك، فإن نواب (YSP) و (HDP) الذين تمزّقت حناجرهم بالشعارات المعادية للديمقراطي الكوردستاني التزموا الصمت وأخرسوا، ولم يتحدّثوا بشيء سواء تجاه تفجير أنقرة أو الهجمات على روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا، فلم ينتقدوا لا البكك التي تسبّبت باستهداف روجآفا ولا الدولة التركية التي استهدفتها!
على سبيل المثال، فكما سار (بردان أوزتورك) نحو سلوبي، فبإمكانه أن يتوجّه نحو نصيبين قبالة قامشلو، ويقول: “ندين الهجوم على روجآفا كوردستان!” لكن بالتأكيد هذه ليست مهمّة هؤلاء المرتزقة المأجورين.
كادت السيدة (گولستان) تنفجر من حماسها وإطلاقها الشعارات ضد البارتي، فلتتفضّل الآن تردّدها لروجآفا؟!
لم يفعلوا ولن يفعلوا، فمن سار على نهج البكك لا يمكنهم التظاهر للدفاع عن كوردستان، سوى اتّباع الأوامر التي تصدر إليهم من الجهات المظلمة بالنزول إلى الشوارع.
فمنذ عام 2000، قضت البكك على القوة الجماهيرية للشعب الكوردي في باكور كوردستان، التظاهرات التي تقوم بها جماهيرها ليست من أجل حقوق الكورد وكوردستان، بل تتظاهر فقط ضد الديمقراطي الكوردستاني (PDK) فهم لا يتظاهرون من أجل اللغة الكوردية أو من أجل الهوية الكوردية، ولكن إذا قيل لهم تعالوا نتظاهر ضد الديمقراطي الكوردستاني تراهم كالثور الهائج نزلوا إلى الشوارع! فتفضّلوا فها هي روجآفا كوردستان تحترق أمام أنظاركم فتظاهروا ضدّ الأتراك؟!!
هناك قوة أخرى أيضاً في باكور كوردستان تنظّم التظاهرات من أجل فلسطين، تحشّد الجماهير، ألا وهي (هدى بار- حزب الدعوة الحرة) لكنّها صامتة تجاه إرهاب الدولة ضدّ الكورد.
فـ “هدى بار” بكم صمّ تجاه كوردستان، لكن باستطاعته حشد الآلاف من الناس في آمد وباتمان من أجل فلسطين.
تظاهروا أيضاً في “وان” بالسيارات
لكن عندما يموت الكورد ويتمّ تدمير كوردستان، فـ “هدى بار” لا يسمح لأحد بالنزول إلى الشوارع!
هذه هي مأساة كورد باكور كوردستان، فشعب باكور كوردستان يُستخدم من أجل الجميع… لكنّهم لا يفعلون شيئًا من أجل قيمهم ومستقبلهم!