الـ PKK مشروع لمحو الحركة القومية الكوردية وإزالتها
جزء من كتاب (الـ PKK مشروع لمحو الحركة القومية الكوردية وإزالتها) دراسة عن إيديولوجيا وتأريخ حزب العمال الكوردستاني البكك.
(الآبوجية-ئابوئيزم) والحياة الإيديولوجية لعبد الله أوجلان
المرحلة الرابعة من الحياة الإيديولوجية لأوجلان
في هذه المرحلة طرأت تغييرات جوهرية وأساسية على أوجلان، بدءاً من صرف النظر عن كوردستان المستقلة والدولة الكوردية (كوردستان الكبرى) ووصولاً لرؤيته حول أبويه ونفسه، فهو مستاء ونادم من تصرفاته وقت الصبا (حياته الصبيانية) كما هو معروف بإلقاء اللوم في كلّ أخطائه على عاتق الرأسمالية العصرية.
فقد تغيّر أوجلان في مرحلته الـ “بوكتشي نيزم” -أي التأثر بأفكار وإيديولوجية (موري بوكتشين)- كثيراً، حيث يقول: ينبغي عليّ الاعتراف بأنني في مرحلة من حياتي أصبت بمرض الحداثة والعصرية، فأردت الهروب من كلّ شيء في وطني حتى من والديّ.. فأرى الهروب من القرية والتوجّه للمدينة والهروب من القرية ذنباً.. ويستطرد قائلاً: هناك علاقة تأثّر بين إيديولوجيتي وفترة طفولتي، ينبغي عليّ الاعتراف بهذا.. أوجلان2009 ص47-48.
وصل الكاتب إلى قناعة أن تقييم هذين الأسلوبين من الوصف يظهر إيديولوجيتين، في الأولى يظهر أوجلان كزعيم حزب تولّى مهمة النضال والكفاح المسلّح وبناء الدولة الكوردية، وفي الثانية يظهر أوجلان كمرشد لا يؤمن بقضية الدولة الكوردية والثورة الاشتراكية، وأن كلّ هذا تصبّ في مصلحة تقوية النظام الرأسمالي، لهذا دائماً ما نراه يلقي اللوم في إخفاقاته على الرأسمالية العصرية، ولتعويض كلّ ما مرّ يحاول بناء نظام إيكولوجي -نظرية الأنساق الاجتماعية والاندماج مع البيئة والطبيعة-.
يقول أوجلان: “في الـ 9 من أكتوبر عام 1998 وفي طريقي من أثينا لأوروبا، منيت الرؤية العصرية في رؤيتي وتفكيري بالفشل والإخفاق” ويقول: “أعترف بعدم قدرتي على اجتياز معتقداتي ومبادئي للأنظمة الطبقية -العرقية- عامة وعلى رأسها الرأسمالية خصوصاً كأحدث وأرقى مراحل هذه الحضارة، وتخطّي السياسة ومبادئ الاشتراكية التي تدّعي بأنها بديلة للرأسمالية أو تحاول أن تكون، ومع أن الإسلام والماركسية فكران ونظامان مختلفان أصلاً وأيديولوجية، غير أني وفي الحقيقة وقعت في درب اعتقادي لدرب اعتقادي آخر، ففي الآونة الأخيرة فإن جميع الأفكار الدينية والقومية واليسارية واليمينية منها في العالم والشرق الأوسط خصوصاً أصبحت تخدم الإيديولوجية الرأسمالية الحديثة وتدعمها”. أوجلان: 2003 ص8-21-22.
فيتحدّث أوجلان بهذا الصدد قائلاً بأن تغيير أيديولوجيته جاء من خلال تقييمه وتحليله للسياسة والدولة والحضارة العصرية بشكل واضح لا لبس فيه، فباعتقاد أوجلان أن ضرورة بناء مجتمع إيديولوجي بالاعتماد على أسس علمية يتّضح يوماً بعد يوم. أوجلان:2003 ص22-23.
ويرى أوجلان بأن الإقطاعية الإسلامية والرأسمالية القومية أنظمة ينبغي على الكورد اجتيازها وعدم العودة إليها.
يقول أوجلان: ينبغي تقييم وتحليل القضية الكوردية وطرق معالجتها على أساس تغيير (المجتمع الإيديولوجي) فقد منيت الحلول الكلاسيكية الإسلامية لمعالجة قضايا المنطقة والشرق الأوسط بالفشل، كما باءت الحلول الغربية بالفشل الذريع والسريع، والحل الوحيد للقضية الكوردية ظهر في اعتقاداتي ورؤاي ووفق إيديولوجياتي بطريقة مباشرة، لهذا فلا وجود لأية حلول للقضية الكوردية ضمن الأطر الإسلامية أو القومية، فالإقطاعية الإسلامية والرأسمالية القومية أنظمة ينبغي على الكورد تخطيها وعدم العودة إليها. أوجلان: 2003، ص24-25.
وقد ارتقى أوجلان في المرحلة الرابعة من حياته لدرجة أن يقول بأن الهدف من الثورة الجديدة ليس بناء الدولة أو الحضارة الطبقية، بل هي مشابهة لها، اختاروا هدف اللادولة وانعدام الطبقية الاجتماعية، واندمجوا في علاقات عميقة مع العلم، واصنعوا مجتمعاً أيديولوجياً بالاندماج مع الطبيعة والحيوانات، آنذاك فلو أسمينا ثورتنا بثورة الإيديولوجية والديمقراطية فهي أصدق وأليق. أوجلان: 2009، ص26.
فأوجلان الذي ظهر في المرحلة الثالثة كماركسي لينيني محض، نراه ينتقد في المرحلة الرابعة أو ما تسمّى بمرحلة “بوكتشي نيزم” الفكر الماركسي اللينيني بشدّة، بل يقول بأنه بات جلياً بأن الاشتراكية التي أبدعها ماركس-إنجلز كفكر ونظام في مواجهة النظام الرأسمالي هي أضعف تحليل اجتماعي، بل على العكس من هذه الادعاءات، فهي تخدم الرأسمالية أكثر بكثير من الليبرالية. أوجلان: 2009، ص11.