مع انتخاب أولاف شولتس مستشاراً جديداً لألمانيا اليوم الأربعاء، عاد المنصب للحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد 16 عاماً من فقدانه لصالح المسيحيين الديمقراطيين بقيادة أنغيلا ميركل.
ولد أولاف شولتس في مدينة أوسنابروك في 14 يونيو 1958 في ألمانيا الغربية، وكان والده تاجراً ووالدته ربة منزل، وانضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي عام 1975 في سن السابعة عشرة، وكان يعرف بارتداء بدلات صوفية ويشارك في عدد كبير من المظاهرات السلمية.
شغل شولتس منصب نائب رئيس منظمة الشباب في الحزب وقاد حملة في الثمانينيات من أجل “اشتراكية راديكالية للتغلب على الاقتصاد الرأسمالي”.
انطلقت مسيرته فعلياً عندما وصل الاشتراكي الديمقراطي غيرهارد شرودر إلى المستشارية في انتخابات 1998، وانتُخب شولتس عام 1998 عضواً في البوندستاغ (البرلمان الألماني) وأصبح أميناً عاماً للحزب في 2002. وفي عام 2005، انقسم اليسار الألماني بسبب تحرير سوق العمل، وهو ما سرع هزيمة شرودر أمام أنغيلا ميركل.
“رجل آلي” و”نسخة متحورة من ميركل”
يلقي شولتس خطبه بنبرة رتيبة أكسبته لقب “شولتسومات” (أي شولتس الآلي)، ما يثير انزعاجه، وقال في معرض الدفاع عن نفسه: إنه “يضحك أكثر مما يعتقد الناس” وقال مؤخراً في تصريح صحفي “أنا رصين وبراغماتي وحازم، ولكن ما دفعني إلى العمل السياسي، هو المشاعر” داعياً إلى “مجتمع عادل”.
وفي 2018 ومع توليه وزارة المالية، أصبح شولتس نائباً لميركل، وحسب وسائل إعلام ألمانية، كان شولتس يستلهم من أسلوب ميركل، حتى أنه يقلدها في الإيماءات، خصوصاً إيماءة يدها الشهيرة، إلى درجة أن صحيفة “تاغس تسايتونغ” اليسارية وصفته بأنه نسخة “متحورة” من ميركل!
واتبع شولتس كوزارة المالية، نهجاً مالياً صارماً، لكن بعد تفشي جائحة كورونا لم يتردد في الخروج عن بنود الميزانية معتمداً السخاء في الإنفاق، وشعاره أن ألمانيا بإمكانها مواجهة الوباء من الناحية المالية، وجعلته سياساته الناجحة في التعامل مع الأزمة أحد السياسيين الأكثر شعبية ومصداقية، ووضعته في قلب المشهد ومقدمته.
خسر شولتس معركته على رئاسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 2019، لأنه لم ينجح في كسب قلوب أنصار الحزب، فقد رغب الحزب آنذاك في قيادة ذات توجهات يسارية صريحة، ورغم ذلك ظل الحصان الوحيد الذي يمكن لحزبه الرهان عليه لاستعادة المستشارية.
ويصف المراقبون شولتس بأنه من مؤيدي “سياسة معتدلة” تجاه روسيا.
ووفقاً لصحيفة “بيلد”، صرح شولتس خلال الحوار الألماني الروسي بطرسبورغ عام 2016، أنه لا يوجد أي سيناريو “معقول” تتمتع فيه روسيا بعلاقات جيدة مع ألمانيا وعلاقات صعبة مع الاتحاد الأوروبي في آن واحد.
هذا وتعتزم حكومة شولتس تبسيط إجراءات الحصول على الجنسية، وخفض مدة الإقامة المطلوبة لذلك إلى خمس سنوات، والسماح بالجنسية المزدوجة، بالإضافة إلى إجازة بيع الماريجوانا ورفع الحد الأدنى للأجر بالساعة من 9.6 يورو إلى 12.5 يورو.
ويؤيد شولتس التطعيم الإجباري ضد كورونا ولا يستبعد اعتماد تدابير أكثر صرامة فيما يتعلق بالوباء، حيث أكد أنه “لم يعد هناك خطوط حمراء لحكومته في مكافحة الجائحة”.
وفي 2017، نشر شولتس كتاباً تحت عنوان “أرض الأمل” (Hoffnungsland)، ركّز على جملة من القضايا مثل أزمة الهجرة ومستقبل أوروبا والصراعات الإقليمية.
وشولتس لا يعتنق أي ديانة، ومتزوج منذ عام 1998 من السياسية الاشتراكية الديمقراطية بريتا إرنست (60 عاما)، التي يصفها بأنها “حب حياته”. وتشغل زوجته منصب وزيرة التعليم في ولاية براندنبورغ. وليس لديهما أطفال.