محمد سليم جوروكابا، من مواليد مدينة جوليك بشمال كوردستان-كوردستان تركيا عام 1954، أحد مؤسّسي حزب العمال الكوردستاني بكك، كاتب وسياسي وصحفي، من عائلة وطنية قومية مناضلة ومخلصة، أمضى طيلة 11 عاماً محكوماً عليه في غياهب السجون والمعتقلات التركية، لكنّه لم يستسلم للدولة التركية ولم يخضع لها، عندما تحرّر من السجن وأطلق سراحه، عاد إلى أحضان البكك ورفوفها، ليجد نفسه في أطر منظومة مغايرة، فانتقد العديد من التغييرات التي طرأت على البكك وحدثت في صفوفها، غير أنه لم يستطيع أن يعبّر عن انتقاداته وآرائه بشكل علني وجهراً لأن الانتقاد والاعتراض والمخالفة في أدبيات البكك هي مفردات بمعنى التخندق لمحاربة عبد الله أوجلان وعداوته! وهذا ما لا شكّ فيه أن يعيّر صاحبه بالخيانة والتجسّس والعمالة وتصفية حساباته جسدياً فيما بعد! فقرّر الانشقاق والهروب من جحيم البكك، حاول إظهار حقيقة عبد الله أوجلان “آبو” وتنظيماته “حزب العمال الكوردستاني بكك” للشعب الكوردي والعالم أجمع من خلال كتاب مؤلّف له باسم (آيات آبو).
في هذا الكتاب، يظهر جلياً أن المؤلف (محمد سليم جوروكايا) عانى المشقات والصعاب حتى وصل لأوروبا، فعند انشقاقه عن رفوف البكك في لبنان، أصبح مشرّداً في أزقة وأحياء لبنان لا مال ولا جواز سفر، كثيراً ما كان يطرح أسئلة هامّة على نفسه في فكره بحيث نستطيع تفسيرها بـ (أنه لو ألقي القبض عليه لكان أوجلان طرح عليه نفس الأسئلة) وسنحاول نشر بعض الكتابات والمقالات حول أسباب انشقاق سليم جوروكايا عن البكك، ومواقف وقرارات أوجلان في مؤلّفه (آيات آبو).
ماذا يقول “القائد العظيم” ورفاق جوروكايا… حول انشقاقه من حزب العمال الكوردستاني بكك؟
سليم جوروكايا: قال القائد العظيم: سليم هرب. غير أن البعض تساءلوا: لماذا هرب؟! ويقول الأيديولوجيا الرسمية: سليم انهار واستسلم ولم يعد قادراً على مداومة النضال والمقاومة، تغيّر الحقائق وتحرفها وتزيّفها، هذه هي الحقيقة، تحريف الحقائق وتزييفها، وهذا الضرب من الأيديولوجيا الرسمية تؤثّر على الشعوب المتخلفة وجزء بارز من تأريخها، فالشعوب المتخلّفة أقرب من الأكاذيب والخرافات منها إلى الحقائق، وأكثرهم تصديقاً لها، إلا أن التأريخ لا يتغيّر، وحبل الكذب قصير، ولا تبقى الأيديولوجيا الرسمية إلى ما لا نهاية، بل وبعد وقت قصير ستنتشر رائحتها العفنة النتنة، وستنهار القواعد التي بنت تنظيماتها عليها، نعم هربت، هربت من سجن الأيديولوجيا الرسمية، ففي ذلك السجن حاولوا مصادرة أفكاري من خلال مصادرة جسدي وسجنه، نعم، هربت من أجل ألّا يتمّ مصادرة افكاري ومبادئي، فكانوا يحاولون عن طريقي تحويل الأكاذيب لحقائق، وعرضها أمام الجميع!
نعم، رأيت آكلي البشر وأكل لحوم البشر بعيني، هربت لأني أدركت بأنّني أعيش في خيال، هربت لأكشف الحقائق، فما سيراه وسيقوله شعبي بعد مرور زمن سأقوله قبلهم والآن، هربت لئلّا تبقى الحقائق في طي الكتمان، ولئلّا تستولى الأكاذيب عليها وتحلّ محلّها، هربت لئلّا يبصق الأجيال القادمة بوجهي، بل ليبصقوا في وجه معسلّي اللسان اليوم، هربت لئلا أقع موقف جنرالات ستالين، هربت لأنّي شعرت بالذنب والألم تجاه مصير رفاقي الذين قتلوا وكيلت تهم الخيانة والعمالة بحقّهم من قبل الأيديولوجيا الرسمية، هربت لئلّا أبقى صامتاً أمام مقتل رفاقي الأبرياء، هربت لئلّا يؤثّر الكذب أكثر على الشعب ويمسح ماضيه ويزيله ويجعله طيّ النسيان حتى يعكّر يومنا أيضاً، لئلّا تزيد تلك الدكتاتورية سطوة وقوة والتي تقضي شيئاً فشيئاً على المناضلين الثوريين والناس، هربت لئلّا أخدع الناس وأضلّلهم أكثر.