خفايا وأسرار ضباط الأسد في العراق… تقرير أمريكي يثير الغموض الذي يكتنف مصير نحو 100 من مسؤولي وضباط النظام السوري المخلوع الفارّين إلى العراق…

خفايا وأسرار ضباط الأسد في العراق… تقرير أمريكي يثير الغموض الذي يكتنف مصير نحو 100 من مسؤولي وضباط النظام السوري المخلوع الفارين إلى العراق…

كثيرة هي التكهنات حول مصير نحو 100 من مسؤولي وضباط النظام السوري السابق الفارين إلى العراق، رغم نفي وزارة الداخلية العراقية منحهم حقّ الإقامة المؤقتة لدواع إنسانية.

وفي 7 كانون الأول ديسمبر 2024، دخل جنود وضباط في الجيش السوري الأراضي العراقية عبر معبر القائم الحدودي غربي البلاد بعد الانسحاب أمام الفصائل المسلّحة التي أسقطت لاحقاً النظام السوري في 8 كانون الأول ديسمبر 2024، وسط تضارب في الأرقام حول عددهم.

إلا أن تقرير أمريكي، كشف اليوم السبت، مصير نحو 100 من مسؤولي وضباط نظام بشار الأسد الذين لجأوا سابقاً الى منطقة البو كمال ورفضوا العودة الى بلادهم بعد السماح لهم من قبل الحكومة السورية الانتقالية.

ووفقا للتقرير فأن “العراق استقبل عبر منفذ البوكمال الحدودي السوري في السابع والثامن من كانون الأول الماضي 2493 جنديًا وضابطًا ومسؤولًا من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد”.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في 19 كانون الأول ديسمبر 2024، عودة 1905 من الضباط والمنتسبين السوريين وتسليمهم إلى قوة حماية من الجانب السوري عبر منفذ القائم الحدودي.

وسبقتها عملية تسليم أخرى شملت العشرات من الموظفين السابقين في منفذ البوكمال، الذين فرّوا أيضًا إبان سقوط نظام الأسد.

لكن مسؤولًا عراقيًا في محافظة الأنبار فضل عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، اكّد وفقا للتقرير إن “مجموعة من الضباط السوريين رفضوا العودة إلى بلادهم بحجّة وجود خطورة على حياتهم عند إعادة الجنود والمراتب الآخرين، لذلك نُقلوا فورًا من الأنبار إلى بغداد”.

مع ذلك، لم يؤكّد المصدر نفسه استقرارهم في بغداد أو الوجهة التي نُقلوا إليها فيما بعد.

وتابع بأن “هؤلاء الضباط الذين رفضوا العودة إلى بلادهم، نقلوا الى بغداد في ظلّ إجراءات أمنية مشدّدة، وقُسِّموا إلى عدة مجموعات، سافرت مجموعة منهم إلى روسيا وبيلاروسيا ودولة خليجية”.

وتابع بأن “مجموعة ثانية منهم نقلوا إلى مجمع سكني في بغداد، بينما انضمّت مجموعة أخرى إلى معسكر “أشرف” في محافظة ديالى شمال شرق بغداد”، موضحاً أن “غالبية الضباط والقادة السوريين المتواجدين في العراق هم من الرتب العالية (بدءًا من عميد) وهم من قادة وضباط الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، إلى جانب مسؤولين وضباط مخابرات ومستشارين”.

تحذيرات من “غرفة عمليات إيرانية”

ونقل التقرير عن الخبير السياسي عمر عبد الستار، قوله إن “من تبقى من الضباط والموظفين السوريين الذين لجأوا إلى العراق انضمّوا إلى غرفة عمليات أنشأتها إيران بعد سقوط الأسد”.

ووفق عبد الستار، فإن “غرفة العمليات هذه تهدف إلى تحريك الداخل السوري وتفعيل الخلايا النائمة من الموالين لها ضدّ الإدارة السورية الجديدة، سواء في الساحل أو في حمص أو في المناطق السورية الأخرى التي تشهد تحركًا لفلول النظام السابق” موضّحاً أن “إيران تدير هذه الغرفة”.

ولفت إلى أن “الحكومة العراقية تتكتّم على أسماء ومعلومات من تبقى من هؤلاء الضباط في العراق، ويبلغ عددهم 93 ضابطًا ومسؤولًا”.

فيما يرى الخبير الأمني والاستراتيجي أحمد الشريفي، أن “النفي الحكومي العراقي بمنح من تبقى من الضباط والمسؤولين السوريين الإقامة غير كافٍ للتأكيد على أن هؤلاء غادروا العراق” معتبراً أن “الضباط والمسؤولين السوريين، الذين رفضوا العودة إلى بلادهم، هم الصندوق الأسود للكثير من الأحداث التي جرت في سوريا، لا سيّما ملف التعاون بين العراق وسوريا عبر هذه الجهات”.

وذكر أن “قضية تحرّك هؤلاء الضباط هي مناورة لصندوق أسود يخفي بين جوانبه أسرارًا كثيرة”، موضحاً ان “هؤلاء الضباط لن يعودوا إلى سوريا”.

ولايزال الحذر يغلف موقف السلطات الرسمية العراقية في التعاطي مع الوضع المستجد في سوريا وما أفرزه من قيادة جديدة للبلد، على الرغم من أن العراق وسوريا يشتركان في حدود تمتد لنحو 600 كيلومتر، ما يجعل الأمن الحدودي مسألة ذات أولوية قصوى لبغداد، خاصة في ظلّ التهديدات المستمرة من قبل الجماعات الإرهابية وعمليات التهريب عبر الحدود.

ونفت وزارة الداخلية العراقية، في 11 شباط فبراير الجاري، منح حقّ الإقامة المؤقتة لدواع إنسانية” للعشرات من الضباط وقادة جيش النظام السوري السابق، وذلك بعد الجدل الذي أثير في الأيام الأخيرة بشأن منح السلطات الحكومية حق الإقامة لهم.

وكانت مصادر مطّلعة، قد كشفت مطلع كانون الثاني يناير الماضي، أن أغلبية الضباط السوريين الذين تمّت إعادتهم إلى بلادهم من مراتب جيش النظام العادية بين ملازم ومقدم، لكنّ العشرات من الضباط برتب عميد ولواء وقادة وحدات وألوية رفضوا العودة، ما دفع الحكومة العراقية إلى نقلهم مؤقتاً إلى مجمع خاص في بغداد مع فرض حماية وإجراءات أمنية خاصة بهم. ويعتقد أن قسماً منهم من أسرة الأسد.

الجدير بالذكر أن مناطق الساحل السوري وريف حمص الغربي شهدت موجات نزوح كبيرة، مع سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول ديسمبر 2024 وهي مناطق تشكّل الحاضنة الشعبية للنسبة الأكبر من ضباط النظام وعناصره.

وتعدّ هذه المناطق الجبلية الوعرة، خاصة تلك القريبة من القرداحة (مسقط رأس بشار الأسد) ملاذاً مؤقتاً لكبار الضباط، وقد أفادت مصادر للمرصد السوري لحقوق الإنسان بأن هذه المناطق أصبحت ملاذًا آمنًا لقوات النظام من الضباط والشخصيات المعروفة لأبناء المنطقة.

وقال المرصد إن “شهادات المدنيين تؤكّد أن هؤلاء الضباط كانوا جزءاً من حلقات إجرامية وعمليات قتل جماعي، وقد تمّ إخفاؤهم في هذه المنطقة بعيداً عن الأنظار بعد انهيار النظام، حيث تتوفّر فيها المساكن المجهزة بالكامل وخزانات الوقود التي تكفي لتلبية احتياجات المنطقة لعدة أشهر”.

مقالات ذات صلة