تسبّب نشر تقييمات استخباراتية -عن حجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني- في نشوب خلافات بالولايات المتّحدة وصلت إلى إطلاق اتهامات بـ “الخيانة”.
وذكرت شبكة “إن بي سي” أن تقييماً سرياً للهجمات الأميركية على إيران -أحيل للكونغرس واطلع عليه أعضاء مجلس الشيوخ سراً- كشف أن القصف أخّر برنامج إيران النووي لأشهر لكنه لم يعطله.
بدورها، قالت وكالة أسوشيتد برس إن تقريراً لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية خلص إلى أن الضربة الأميركية التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية الإيرانية “ألحقت أضراراً كبيرة بتلك المواقع لكنها لم تؤدّ إلى تدمير كامل لها”.
وقدّر معدّو التقرير أن جزءاً من اليورانيوم عالي التخصيب الإيراني “نُقل من المواقع قبل الضربات، وبالتالي نجا منها، كما أن معظم أجهزة الطرد المركزي لم تتعرّض لأضرار”.
وبشأن منشأة فوردو، التي تقع داخل نفق أسفل جبل على عمق يراوح بين 80 و90 متراً، أشار التقرير الأميركي إلى أن مدخلها انهار وتضرّرت بعض البنى التحتية، إلّا أن الهيكل الداخلي تحت الأرض لم يُدمر.
ولفت مصدر تحدّث إلى أسوشيتد برس إلى أن تقييمات سابقة كانت قد حذّرت من محدودية فعالية أي ضربة ضدّ منشأة فوردو النووية.
وجاءت تلك النتائج مخالفة لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اللذين تحدّثا عن أن البرنامج الإيراني “دُمر بالكامل”.
ونقل موقع أكسيوس الأميركي عن السيناتور كريس فان هولن قوله إنه قلق للغاية بسبب “تحريف ترامب للمعلومات الاستخباراتية وتلاعبه بها”.
وردّاً على تلك التسريبات، قال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إن الشخص الذي سرب معلومات استخباراتية بشأن الضربات في إيران “ارتكب خيانة ويجب أن يعاقب”.
من جانبه، وصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو التقارير الإعلامية التي تحدّثت عن تقييمات استخباراتية جديدة بأنها “كاذبة” وأكّد في تصريحات نقلتها مجلة بوليتيكو أن إيران أصبحت أبعد بكثير عن بناء الأسلحة النووية بعد الضربة الأميركية.
من جانبه، رفض البيت الأبيض -بشدة- نتائج تقرير وكالة استخبارات الدفاع، ووصفها بأنها “خاطئة تماماً”.
وقالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في بيان “تسريب هذا التقييم المزعوم محاولة واضحة للنيل من الرئيس ترامب والتقليل من نجاح الطيارين الذين نفّذوا المهمة بدقة كاملة لتدمير البرنامج النووي الإيراني”.
وأضافت ليفيت “الجميع يعلم أن إسقاط 14 قنبلة بزنة 30 ألف رطل على الأهداف يعني دماراً شاملاً”.
وفي تصريحات متكرّرة خلال الأيام الماضية، قال ترامب إن الضربة الأميركية على مواقع فوردو ونطنز وأصفهان “دمرّتها تماماً” وإن إيران “لن تتمكن أبداً من إعادة بناء منشآتها النووية”.
ومن جانبه، قال نتنياهو في خطاب متلفز “وعدتكم لعقود بأن إيران لن تمتلك سلاحاًنووياً، وبالفعل.. لقد دمّرنا برنامج إيران النووي”.
وفي 13 يونيو/ حزيران الجاري، شنّت إسرائيل حرباً على إيران استمرت 12 يوماً، شملت مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، وأسفرت عن 606 قتلى، و5332 مصاباً، وفق وزارة الصحة الإيرانية.
وردّت إيران باستهداف مقرّات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ باليستية ومسيّرات، اخترق عدد كبير منها منظومات الدفاع الإسرائيلية، ممّا خلف دماراً وذعراً غير مسبوقين، فضلاً عن 28 قتيلاً، و3 آلاف و238 جريحاً، حسب وزارة الصحة ووسائل إعلام إسرائيلية.
وتدخّلت بعدها الولايات المتّحدة الأمريكية وهاجمت منشآت نووية بإيران إنهاء برنامجها النووي، وردت طهران بقصف قاعدة العديد العسكرية في قطر، ثم أعلنت واشنطن في 24 يونيو/ حزيران وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران.