لا يُسمح للبكك وحلفائها بتدمير مستقبل شرق كوردستان وتحويله كـ “كوريا الشمالية” وتطبيق نظام الجبهة الموحدة أو الحزب الأوحد وتلك الأنظمة المصطنعة والمستوردة من قواميس الدول الدكتاتورية والشمولية.
بمرور الوقت تنكشف ممارسات حزب العمال الكوردستاني الـ(PKK) الشائكة والمشبوهة والمرعبة في شرق كوردستان، ويرى الخبراء السياسيين الكورد ويعتقدون أن أيدولوجية البكك المسماة بـ “الديمقراطية العصرية” في حيز التطبيق وتناضل من أجلها، وأنها تمهّد الطريق لحرب داخلية ودمار شامل في ذاك الجزء من كوردستان.
البكك في محاولات جادة للقضاء على الفكر القومي والحركة التحررية لشرق كوردستان
منذ فترة والبكك وأجنحتها في الشرق “بيجاك” لا تخفي سياستها المعادية للشعب كثيراً بل تستخدم بعض المصطلحات بحيث يرى خبراء العلوم السياسية والاجتماعية أن الخطورة باتت أكبر وأَضْحَتْ محدقة بمستقبل شرق كوردستان، فالبكك لم تتوقف على حدود القضاء على الفكر التحرري فقط وإنما بادرت بتصفية المعارضين والمنتقدين ومن يغايرها في نمط التفكير، فتطلق عليهم النار، وقد نستطيع أن نعدّ قتل (سوران أختر سمر وسامان دانيشوار) من قبل البكك أمثلة لهذه السياسة المعادية للشعب.
الدكتور مسعود رستمي -دكتوراه في العلوم السياسية- تحدّث على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك عن 5 نقاط بالغة الخطورة بادية على سياسة البكك وإيديولوجيتها تجاه شرق كوردستان في المستقبل، ذلك المستقبل الذي بات سقوط النظام الإيراني وتحرّر الشعب الكوردي أقرب من أي وقت مضى وابرز ملامحه.
البكك تتهم المنتقدين بالمتعاونين مع البارتي -الديمقراطي الكوردستاني-
في النقطة الأولى تحدّث الدكتور مسعود باختصار عن ممارسات البكك للسفسطائية -السفسطة هو الكلام الذي فيه تمويه للحقائق مع فساد في المنطق وصرف الذهن أيضا عن الحقائق والأحوال الصحيحة أو المقبولة في العقل أو المنطقية وتضليل الخصم عن الوجهة الصحيحة في التفكير وعن الحقيقة مجرد لربح المال وكسبه عن طريقة النصب والاحتيال واستخدام فن الخطابة فهم لا تهمهم الحقيقة بل سعيا وطمعا في المال المصدر- ويكيبيديا- تجاه الشخصيات المنتقدة لسياستها في شرق كوردستان واتهامهم بالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- من دون توثيق أو برهان، فيقول: ليس صحيحاً أن كل من انتقد البكك يُتّهم بالمتعاون مع البارتي!
والجدير بالذكر أن البكك سلكت سبيل الاتهامات بالتعاون مع البارتي والعمالة لأنقرة لتغطية نواقصها وأخطائها التأريخية وتصفيتها حسابات المنتقدين والمخالفين لها جسدياً.
ولم تستخدم البكك هذه المصطلحات بحق الأفراد فقط وإنما استخدمتها للأحزاب الكوردية المناضلة لأكثر من 80 سنة المنصرمة والتي أسست أول جمهورية كوردستان في التأريخ، ومما لا شكّ فيه أن جزءاً من هذا يعود على البكك نفسها فتدل على أن هذا التنظيم ليس مستقلاً وذاتي القرار النهائي وانما يُعتبر من التنظيمات التابعة والموالية للمحتلين لكوردستان.
لهذا السبب فالبكك تنظر إلى المنتقدين لها على أنهم يناضلون للبارتي وأنهما -المنتقدين والبارتي- يعملان معاً لحساب تركيا، كما أن هناك سبباً آخر في تكذيبها لمنتقديها ألا وهو أن البكك تغطي نواقصها وتتستّر على عيوبها وتخفي خيانتها ضد قضية القومية الكوردية في ظل هذا الفكر!
وكتب رستمي في النقطة الثانية أن: الأشخاص التابعين للبكك في شرق كوردستان معلَنين ومكشوفين فهم يؤيدون البكك في العلن ويعرّفون عن أنفسهم عن طريقها غير أنّ من ينتسب للبارتي يتم على أساس الشكّ!
والغريب في الأمر كما تحدّث عنه الدكتور مسعود رستمي أن لمؤيدي البكك في إيران أنشطة معلنة في ظل سلطات النظام الإسلامي في إيران، كما أنهم طلقاء في التنقّل -ذهاباً وإياباً- وأن من له حرية التنقل التامة في مناطق شرق كوردستان هم مقاتلي البكك -كريلا- فقط، كما ويقومون بتعذيب المواطنين وشباب الكورد في الشرق ويغتالونهم من غير أن تمنعهم السلطات الإيرانية عن هذا العمل أو تقطع الطريق أمامهم إلا في حالات ضرورية خاصة وذلك لتغطية علاقات النظام بالبكك! فيتم التضحية ببعض المقاتلين -كريلا- بيد قوات الحرس الثوري أمام أنظار الشعب لخداعه والتحايل عليه وتضليله، غير أن الحالة السائدة هي تحرر المقاتلين في التنقل والحرية التامة في كلّ شيء في الشرق!
فالتساؤل المطروح هنا هو: هل يُعقل لتنظيم يناضل لاستقلال كوردستان ويعادي المحتل أن تقوم سلطات الاحتلال بفسح المجال أمامه وإعطائه كامل الحرية بل والتعاون معه للقيام بأنشطته المعادية للاحتلال؟!
البكك تقسّم المجتمع الكوردستاني
يتحدث الخبير في العلوم السياسية في النقطة الثالثة عن خطر محدق أكثر من أي شيء آخر ألا وهو التفكير في حرب داخلية واقتتال أخوي كوردي، فكتب: فالبكك التي ترى نفسها الرافعة لراية الديمقراطية المعاصرة وتضع معارضيها في خانة ومحور الرأسمالية العصرية، ففي الأصل كان هذا سبباً لبدء حرب العمال ضد الطبقة البورجوازية في وقت ما.
والملفت للنظر حسب رؤية الدكتور مسعود والذي يشير إليه بوضوح هو أن حزب العمال الكوردستاني البكك وبمحاولتها تأسيس جبهة سياسية غريبة يحاول تقسيم المجتمع الكوردستاني، ومما لا شكّ فيه أن المستفيد الوحيد في هذه القضية هو الاحتلال كما أن الخاسر الوحيد هو الشعب الكوردي، فتقسيم كوردستان بمثابة توجيه ضربة قاتلة لاستراتيجية نضال الحركة التحررية الكوردية، فلم يوجد في التأريخ أن تحرّر شعب منقسم على نفسه! وخيانة 16 أكتوبر في جنوب كوردستان وبيع قلبها “كركوك” للمحتل من قبل لاهور شيخ جنكي ومجموعة “عديمي الفهم” المعروفين في الإتحاد الوطني الكوردستاني خير دليل على ما نقول.
في الوقت نفسه فمشروع تقسيم كوردستان والشعب الكوردي طريق لعودة الحرب الداخلية والاقتتال الأخوي في شرق كوردستان، ومن المتوقع أن يتسبب كابوس الاقتتال الأخوي الكوردي أو بالأحرى الانتحار الكوردي في انتكاسة الكورد وتقهقر القضية الكوردية لسنوات عدة للوراء.
تقول البكك: إذا انتقدتمونا فسنغتالكم!
في النقطة الرابعة من كتابته إضافة إلى تأكيده على تقسيم الشعب الكوردي على محوري الديمقراطية العصرية ومحور الرأسمالية المعاصرة يتحدّث رستمي عن تجربة له، فيقول: عندما انتقدت نظرية الكونفدرالية الديمقراطية اتصل بي مخلصوا البكك ووطنيوها في منتصف الليل قائلين: لو كرّرت مقولتك فسنقتلك!
فالبكك قوة توتاليتارية -شمولية ديكتاتورية- رجعية أصولية، لهذا فلا تملك أيدولوجيتها أجوبة منطقية للنقد والرؤى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتراثية، فلا تسلك غير سبيل الاغتيالات والتصفية الجسدية لمنتقديها، ولهذا كل من قام بنقد هذا التنظيم ولو كان طفيفاً هذا النقد فقد تقرّر اغتياله ومصيره المحتوم التصفية الجسدية في أقرب فرصة ملائمة!
وفي ختام حديثه والنقطة الأخيرة منه كتب الدكتور: ما زال الكورد ينظرون إلى عالم السياسة بعين علم الاجتماع، فما زالوا لم يعرفوا أضرار هذا النوع من السياسة، مختتماً حديثه بـ: مما لا شكّ فيه أن البكك والبككية تعرف جيداً أضرار هذا التقسيم والتشتت!
فالبكك ما زالت تضحّي بالفكر القومي والحركة التحررية الكوردية من أجل بعض المصطلحات المتشابكة والفوضوية كـ”أخوة الشعوب” وغيرها وهي بهذا لم تخدم غير محتلي كوردستان وإدامة احتلالهم، غير أن الشعب الكوردي في شرق كوردستان أعقل وأذكى من الوقوع في هذا فخ ومصيدة هذه المصطلحات الشائكة والفوضوية.
التراث السياسي في الشرق قومي ويرفض الأيدولوجيات البككية المؤطرة
وكما يتحدث عنه قسمٌ من مثقفي شرق كوردستان فإن الحركة السياسية والتراث السياسي في شرق كوردستان رغم النواقص والسلبيات رغم الصعدات والنزلات والمنحدرات الرهيبة فهو صاحب ثوابت قومية تحررية ديمقراطية مستقلة ترفض السلطة الوحدوية الشمولية والديكتاتورية وهيمنة التأطير والمحاصرة وفرضية الذات، كما لا تقبل الإيديولوجيات المصطنعة والمستوردة عوض هذا التراث القومي الديمقراطي الأصيل.
ومع أن تلك القوة التي باستطاعتها تحرير شرق كوردستان من الاحتلال لم تظهر بعد غير أن مصير الشرق ومستقبله واضح إذ يخطو هذا الجزء من الوطن خطوات عقلانية ومتينة وملائمة لهكذا ظروف لتولد تلك القوة من عمق الشعب الكوردي وتنمو وتتكبر في أحضانه، وآنذاك ستندثر وتتحطم كافة المؤامرات التشاؤمية والتي حاكتها البكك وبتنسيق وتعاون منعدم النظير مع أعداء الكورد ضد أهالي الشرق!
فلن يدع شعب شرق كوردستان المجال لحزب العمال الكوردستاني البكك وحلفائها بهدم مستقبل شرق كوردستان وانهياره بالحديد والنار وتحت وطأة القوة والسلاح وتحويلها لـ “كوريا الشمالية” وفرض موسوعة السلطة الشمولية والديكتاتورية المصطنعة والمستوردة والقاتلة لجميع أشكال الحرية والتحرر!