قبل 61 عاماً وفي مثل هذا اليوم 20 أيار 1962، انضم الزعيم الكوردي مسعود بارزاني لصفوف البيشمركة، 61 عاماً من النضال من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية وترسيخ ثقافة التعايش والتسامح في كوردستان، وقد أكّد بارزاني في أكثر من مناسبة قوله “كوني بيشمركة هو أكبر منصب لي، واعلى وأشرف مكسب في حياتي، لأنه فقط بهمة البيشمركة لم ينحني شعب كوردستان الاّ لله”.
يمثّل يوم 20 أيار 1962 يوماً تاريخياً في مسيرة الحركة التحررية الكوردية، انضم الرئيس مسعود بارزاني في هذا اليوم إلى صفوف البيشمركة وهو في السادسة عشرة من عمره، ووصف الرئيس بارزاني هذا اليوم بأنه أسعد أيام حياته، حيث يذكر في كتابه هاورينامه “أصبحت واحداً من البيشمركة، وأعطوني بندقية من نوع برنو، كنت أشعر في ذلك الوقت انني أملك العالم كله”.
تشبّع الرئيس بارزاني منذ صغره بالروح الثورية والفداء من أجل القضية الكوردية، وقضى معظم أيام شبابه في سبيل الدفاع عن القضية الكوردية وتحقيق أهداف الحزب، ومنذ لك الحين لعب الرئيس بارزاني دوراً بارزاً ومهماً داخل الحركة التحرّرية الكوردستانية، حيث بدأ مقاتلاً في صفوف البيشمركة ثم أصبح رئيساً للحزب الديمقراطي الكوردستاني، وبدأ نضاله من أجل تحرير أرض كوردستان كمقاتل في البيشمركة.
وفي عامه العشرين، أسهم الرئيس بارزاني وبشكل فعّال مع الوفد الكوردي عام 1970 في المفاوضات مع الحكومة العراقية حول اتفاقية الحكم الذاتي، وبعد نكسة ثورة أيلول نتيجة اتفاقية الجزائر الخيانية بين شاه ايران والحكومة العراقية عام 1975 وبتوجيه من البارزاني الخالد ملا مصطفى بارزاني، قام الرئيس مسعود بارزاني مع شقيقه إدريس بارزاني ومجموعة من رفاقه بتنظيم صفوف البيشمركة وتأسيس قيادة مؤقتة للحزب الديمقراطي الكوردستاني للدفاع عن الكورد وكوردستان والقضية الكوردية العادلة، ومهد ذلك لاندلاع ثورة كولان في 26 ايار 1976.
رحيل البارزاني الخالد الملا مصطفى عام 1979 ترك فراغاً قيادياً الكوردستاني، الا أن الرئيس مسعود بارزاني تمكّن بحكمته وجدارته وحب الشعب له في سدّ الفراغ وتوحيد صفوف المقاومة الوطنية بالتضامن مع باقي الأطراف الكوردستانية الاخرى، وقاد الكثير من المعارك ضدّ النظام البعثي البائد.
استمر الرئيس مسعود بارزاني في قيادته للمعارك حيث لعب دوراً بطولياً في معركة خواكورك الملحمية عام 1988 وأجبر النظام الدكتاتوري في بغداد على الانسحاب وألحق الهزيمة به.
بعد عقود من الحروب والإبادات الجماعية بحقّ الشعب الكوردي، تمكّن الرئيس بارزاني ورفاقه البيشمركة من قيادة وتوجيه المنتفضين إلى أن تمّت السيطرة على كامل أرض كوردستان، وبعد تطورات سياسية تأسيس برلمان كوردستان ومن ثم تشكيل حكومة كوردستان، ونجحت خلال فترة وجيزة من تحويل كوردستان إلى ملاذ آمن لكل العراقيين ولفعالياتهم السياسية ووسائلهم النضالية اعلامياً وعسكرياً وتنظيمياً.
وبعد سقوط النظام العراقي البائد، بقي الرئيس مسعود بارزاني فترة طويلة في بغداد، وكان له دور بارز في كتابة الدستور العراقي، وفي ذلك الحين كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد عينت بول بريمر حاكماً مدنياً في العراق، والذي تحدّث في كتابه عن دفاع البارزاني المستميت من أجل تحصيل حقوق الشعب الكوردي في الدستور العراقي.
قادَ الرئيس مسعود بارزاني الحرب على تنظيم داعش الإرهابي عندما شنَّ التنظيم هجوماً على كوردستان، وظلَّ في جبهات القتال لفترة طويلة، وكان يجري لقاءاته السياسية أيضاً في جبهات القتال مدافعاً عن أرض كوردستان إلى أن حقّق الانتصار الكبير على أكبر وأشرس تنظيم إرهابي عرفته البشرية، وهذا ما شهد له الاعداء قبل الأصدقاء.
وفي 25 من شهر أيلول عام 2017 وبعد الانتهاء من حرب داعش والانتصار عليهم وتحرير أرض كوردستان، كلّل الرئيس مسعود بارزاني جهوده بإجراء استفتاء الاستقلال، والذي أصبح سنداً بيد الكورد يمكن الاستفادة وقتما شاؤوا.
وبعد اطمئنانه على كوردستان والشعب الكوردستاني، وبحكم نهاية الفترة القانونية لرئاسة الاقليم، تنحى الرئيس مسعود بارزاني عن منصبه بمقولته المشهورة “أنا البيشمركة مسعود بارزاني، سأستمر بالنضال بين جماهير شعبنا والبيشمركة الأعزاء، لإحقاق الحقوق المشروعة لشعبنا، والدفاع عن مكتسباته”.