ناشطون عراقيون: مواقف الشيخ فاضل البديري الوطنية هي السبب وراء اعتقاله وتلفيق التهم له
تصدّر اسم الشيخ فاضل البديري محركات البحث في العراق، في الأيام القليلة الماضية بعد اعتقاله في بغداد، واقتياده إثر عملية اعتقاله إلى محافظة ذي قار في جنوب البلاد.
وبعد إعلان مصدر أمني أن البديري اعتقل بتهمة النصب والاحتيال، تداول ناشطون عراقيون على وسائل التواصل الاجتماعي، منشورات عن السبب الحقيقي وراء اعتقال الشيخ فاضل البديري.
وكشفت صور وتغريدات النشطاء عن مواقف البديري المناوئة لميليشيا حزب الله اللبناني، حيث اتّهمها عام 2017، بالوقوف وراء محاولة اغتيال كان قد تعرّض لها، نتيجة استنكاره ورفضه لاتفاقية “حزب الله اللبناني” مع “داعش” التي قضت بنقل عناصر التنظيم إلى حدود العراق.
كما أصدر البديري عام 2021 بياناً يحرم فيه قتل ناشطي ثورة تشرين، وتجريم الميليشيات والفصائل العراقية المسلّحة التي اوغلت بدماء العراقيين.
تمّ اعتقال الشيخ فاضل البديري، أستاذ الفقه والعقيدة وأصول الدين في الحوزة العلمية في مدينة النجف العراقية، بمجموعة تهم، من بينها دعم والترويج لحزب البعث المنحلّ، بالإضافة إلى جريمة إرهاب. وبالرغم من نفي الشيخ البديري وأسرته لهذه التهم، إلا أنه ما زال معتقلاً في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، التي اقتيد إليها إثر اعتقاله في بغداد الأسبوع الماضي على يد قوة أمنية خاصة.
ويُحسب الشيخ البديري ضمن الزعامات الدينية الشيعية العربية التي اتّخذت مواقف حادة من الميليشيات والفصائل العراقية الحليفة والموالية لإيران وهاجمها. وكان قد دعا في وقتٍ سابق إلى تفكيك هذه الميليشيات والفصائل، بالإضافة إلى مواقفه الواضحة في الدفاع عن النشطاء والمتظاهرين، إذ أصدر فتوى تحرّم قتلهم أو الاعتداء عليهم، ووجّه خطاباً للمرجع الأعلى لشيعة العراق السيد علي السيستاني طالبه فيه بتبني نفس الموقف، كما أنه يرفض نهج المحاصصة الطائفية المعمول به بين أحزاب السلطة في العراق. واستقطب الشيخ البديري خلال السنوات الماضية الآلاف من المقلدين والمتأثرين بطروحاته، خاصة من الشباب في محافظتي ذي قار والنجف.
وكانت وسائل إعلام عراقية قالت في وقت سابق إن اعتقال البديري جاء بسبب دعوى قضائية بشأن صكّ مزور، لكن عند وصوله إلى محافظة ذي قار أُبلغ بأنه متّهم بالترويج لحزب البعث وقضايا متعلقة بالإرهاب، وسرعان ما شُكّل فريق من المحامين للدفاع عنه. وأصدر مركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، بياناً طالب فيه بإطلاق سراحه. وقال البيان: “إننا نرى في هذا الاعتقال انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان وحرية التعبير، ونطالب السلطات العراقية، ممثلة برئيس الوزراء، بالإفراج الفوري عن الشيخ البديري وضمان سلامته وأمنه الشخصيين” كما حمّل البيان الحكومة العراقية “مسؤولية الحفاظ على حياة الشيخ فاضل البديري وسلامته الجسدية والنفسية”.
ردّ حكومي
بدوره، ذكر مصدر في وزارة الداخلية العراقية، أن “عملية الاعتقال جرت بشكل أصولي، حيث يواجه البديري قضية تتعلق بالنصب والاحتيال، إثر رفع دعوى قضائية ضدّه، من مواطنين في محافظة ذي قار”.
وأوضح المصدر أن “التصريحات المتداولة عن وجود عداوة أو تصفية حسابات من قبل أشخاص ضدّ البديري لا يمكن أن تتمّ بتلك الطريقة، باعتبار أن جهة الاعتقال تنفّذ الأوامر فقط، لكن أثيرت تلك الضجة بسبب أن المعتقل رجل دين ومعروف في الأوساط العلمية والشعبية وهذا مفهوم جداً”.
فعل مقصود!
بدوره، قال محمد البديري، وهو نجل الشيخ البديري، إن “ما يحدث مع والدي فعل مقصود، لإسكات مرجع ديني عراقي عربي، كونه لا يقبل بالأمور الخاطئة التي تضرّ بالعراق”.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن “الغريب في كلّ ما يحدث أن والدي تمّ تكفيله قبل أيام من القاضي في محافظة ذي قار، لكن عادت قوة أمنية لاعتقاله مرة أخرى بتهمة جديدة، وهي الترويج لحزب البعث، وتزامن هذا الاعتقال مع سحب الحماية الخاصة بمكتب الشيخ في مدينة النجف”.
وتزامن هذا الاعتقال مع سحب الحماية الخاصة بمكتب الشيخ في مدينة النجف. وبحسب المعلومات أن الشيخ معتقل من دون أي دعوى قضائية مرفوعة ضده.
من جهته، قال الناشط العراقي عدي الزيدي إن “الفتاوى والمواقف والبيانات التي أصدرها الشيخ فاضل البديري، خلال الفترة الماضية، وأبرزها تجريم الطائفية وتحريم شتم الصحابة ورموز الطوائف الأخرى، وتحريم استهداف الناشطين والمتظاهرين، هي السبب وراء اعتقاله” معتبراً أن الحديث الذي يدور “عن صكوك مزورة أو دعم للإرهاب والترويج للبعث اتهامات باطلة وغير صحيحة، بل إن للشيخ فاضل البديري أخاً كان قد أُعدم من قبل نظام البعث لصدام حسين، فكيف يمكن له أن يروّج لحزب البعث؟!”.
وعبر صفحاته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر البديري بشكل منتظم دروسه اليومية التي يحضرها عشرات الأشخاص من طلاب الحوزة الدينية الراغبين بدراسة علوم الفقه والأصول والتفسير والفلسفة.
وبرغم ابتعاده عن القضايا السياسية في العراق، إلا أنه ندّد كثيراً بسياسات إيران في العراق، وسعيها للهيمنة عليه.