في مساء يوم الأحد 23 تموز 2023، وإثر تفجير سيارته بعبوة لاصقة في أحد شوارع مدينة زاخو بإقليم كوردستان، استشهد العميد (محمد ميرزا) في عمل إرهابي جبّان، وبعد مرور أيام قليلة، أعلن مجلس أمن إقليم كوردستان، تفاصيل جديدة حول الحادث، بحيث لم يبق أي مجال للشكّ حول وقوف حزب العمال الكوردستاني بكك وراء استشهاد العميد، مؤكّداً أنه اغتيل في عمل إرهابي من قبل إرهابيي حزب العمال الكوردستاني “بكك” من خلال انفجار قنبلة مزروعة في سيارته، ولكن كالعادة، نفت وسائل إعلام العمال الكوردستاني وقوف تنظيماته وراء الحادث.
وبعد مرور عام وخمسة أشهر على اغتيال محمد ميرزا، اعترف حزب العمال الكوردستاني بكك بجريمة الاغتيال هذه على شاشة (چرا- TV Çira) التابعة له، لكنّه ابتكر وصنع سيناريو زعم فيه أنه كان محقّاً في تنفيذ عملية الاغتيال هذه!
ومن أجل تبرير هذا الإرهاب وإضفاء الشرعية عليه، وكذلك استخدامه لتوجيه ضربة قاضية للحزب الديمقراطي الكوردستاني وأصواته في انتخابات برلمان كوردستان، خلق حزب العمال الكوردستاني سيناريو غاية في القذارة والدناءة وتحيط به الشكوك من كلّ جانب، حيث استخدم أحد كوادره المعتقلين سابقاً، في محاولة منه لتبييض وجهه الأسود وتبرئة ساحته وتأريخه المسود والمظلم، وربط جريمة اغتيال العميد محمد ميرزا بقضية التجسّس لصالح المخابرات الأميركية (MİT).
بتاريخ 2024/10/17، وقبل ثمانية أيام فقط من الانتخابات البرلمانية الكوردستانية، بثّت قناة (چرا- TV Çira) التلفزيونية الخاصة بأهالي شنگال-سنجار، اعترافات مواطن إيزيدي يُدعى شفيق جونو سعدو، شفيق جونو هو أحد مقاتلي (وحدات مقاومة شنكال YBŞ) اعتقله حزب العمال الكوردستاني بكك في كانون الأول عام 2018 بتهمة التجسّس لصالح الحزب الديمقراطي الكوردستاني (PDK) وجهاز الاستخبارات التركية.
كيف كان سيناريو حزب العمال الكوردستاني على (چرا- TV Çira)؟
في “اعترافاته على شاشة قناة (چرا- TV Çira) يتحدّث شفيق عن علاقاته بمحمد ميرزا. فيقول بأنه كان يحصل على مبلغ 400-500 دولار من محمد ميرزا في كلّ مرة يقوم بالتجسّس على حزب العمال الكوردستاني، وفي 2018/8/15، توجّه من ناحية سنوني إلى قرية كوجو بناء على طلب من محمد ميرزا حيث سيحضر (زكي شنگالي-اسم حركي، واسمه الحقيقي إسماعيل أوزدن وهو من باكور كوردستان-كوردستان تركيا)، كما قام بأرسال صور ومعلومات عن مركبة زكي شنگالي المعروف أيضًا باسم مام زكي في شنگال لـ محمد ميرزا، أثناء عودته من الحفل التأبيني الاستذكاري لضحايا مجزرة قرية كوجو، وبعدما قامت طائرات دولة الاحتلال التركي باستهداف مركبة زكي شنگالي بغارة جوية وأسفر ذلك عن مقتله، علم أن هناك علاقة لـ محمد ميرزا بالمخابرات التركية!
ويقول شفيق في جزء آخر من اعترافاته: “لو كنت أعلم أن المعلومات التي أرسلها لـ محمد ميرزا تصل إلى المخابرات التركية وستسفر عن استشهاد زكي شنگالي، لم أكن لأفعل ذلك!”.
وبعد سيناريو اعترافات هذا الكادر لحزب العمال الكوردستاني بكك، تحدثت قناة (چرا- TV Çira) في نفس البرنامج عن كيفية اغتيال محمد ميرزا في زاخو، واعتبرت ذلك انتقاماً لزكي شنگالي، وذلك في الوقت الذي أعلن فيه حزب العمال الكوردستاني بكك عام 2023 عن نفي وقوفه وتورّطه وراء اغتيال محمد ميرزا.
لماذا ابتكر حزب العمال الكوردستاني هذا السيناريو؟
كان لحزب العمال الكوردستاني هدفان رئيسيان من وراء سيناريو عرض اعترافات أحد كوادره؛
1- بهذا السيناريو الاستخباراتي، يمكنهم تحريض الإيزيديين ضدّ الحزب الديمقراطي الكوردستاني وإظهار تورّط الديمقراطي الكوردستاني في مقتل زكي شنگالي.
2- تم بثّ تقرير قناة (چرا- TV Çira) قبل ثمانية أيام فقط من انتخابات برلمان إقليم كوردستان كدعاية انتخابية وحملة مضادة للحزب الديمقراطي الكوردستاني من أجل تقليص أصوات الحزب.
علماً أنه تمّ اعتقال شفيق جونو في عام 2018 في حين تمّ نشر اعترافاته في عام 2024! ما يدلّ على أنه ليس سوى أكذوبة أخرى من أكاذيب وافتراءات حزب العمال الكوردستاني وإحدى أقذر وأبشع سيناريوهاته ضد الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
كيف تحدّثت قناة (چرا- TV Çira) حول مقتل زكي شنگالي آنذاك؟
كانت قناة (چرا- TV Çira) التلفزيونية التابعة لحزب العمال الكوردستاني، في يوم 2018/8/15، قد أعّدت تقريراً حول حادث مقتل زكي شنگالي، وكانت القناة قد أكّدت خلال التقرير أنه قبل استهداف سيارة زكي شنگالي من قبل درون تركية، تمّ ملاحقة ومطاردة سيارة مام زكي من قبل مروحيات عراقية قبل استهدافها من قبل المقاتلات التركية، وأن مشاهد وصور سيارة زكي شنگالي أرسلت إلى المخابرات التركية عن طريق المروحيات العراقية التي تعقّبته.
كيف كانت حقيقة اغتيال محمد ميرزا؟
بعد الهزائم المتتالية والنكراء والانتكاسات المريرة والمتعاقبة التي مُني بها حزب العمال الكوردستاني بكك، وخسارته وكذلك خسارة الكيانات التابعة له في الانتخابات التركية الأخيرة، يحاول بكك وبشكل هيستري تزييف الحقائق وتغيير الوقائع وإشغال الرأي العام والشعب الكوردي عن طريق إثارة مواضيع شائكة وخلق اضطرابات وفوضى عارمة للتستّر على انتكاساته المتتالية وفشله الذريع على كافة الصعد، وفي هذا السياق، بدأت هذه التنظيمات الدخيلة على الكوردايتي بمواجهة الكورد ومحاربتهم، وخلق ضغوطات سياسية واقتصادية على كوردستان، فالعمال الكوردستاني بكك وكنهج خياني ولخلق المزيد من الاضطرابات ونشر الفوضى وزعزعة استقرار إقليم كوردستان ارتكب العديد من الجنايات والجرائم، كالتي حدثت في زاخو من أجل خلق ضغوطات نفسية ونشر الخوف والرعب بين مواطني إقليم كوردستان.