تفاصيل لقاء الشرع وعبدي في مطار الضمير العسكري: وسيط أوروبي ينقل ورقة مبادئ ومحدّدات من شرق سوريا إلى قصر الشعب…

تفاصيل لقاء الشرع وعبدي في مطار الضمير العسكري: وسيط أوروبي ينقل ورقة مبادئ ومحدّدات من شرق سوريا إلى قصر الشعب...

هبطت طائرتان مروحيتان تتبعان إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش، في مطار الضمير العسكري، ومن أحداهما نزل قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي وثلاثة من مستشاريه، في حين كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بانتظاره أمام مبنى القيادة في المطار الواقع شرق بلدة الضمير بريف دمشق. وجرى الاجتماع مطلع كانون الثاني (يناير) الماضي.

اجتمع الشرع وعبدي مدة ساعتين بحضور المسؤولين عن قناة الاتصال بين الجانبين والتي فتحت قبل سنوات عديدة، حسب ما أفاد مصدر مقرّب من قناة الاتصال لـ«القدس العربي».

وأضاف أن اللقاء كان ودّياً ردّ خلاله عبدي على ورقة المطالب الأولى التي أرسلتها الإدارة الجديدة قبيل نهاية العام إلى قائد قوات سوريا الديمقراطية «قسد».

وقت ذاك، تركّزت المطالب على تسليم المعابر الداخلية والدولية مع العراق والمعابر المغلقة مع تركيا وتسليم مؤسّسات الدولة التي أخليت من موظفيها عقب انهيار نظام الأسد في 8 كانون الأول. وركّز عبدي على أهمية سيطرة الدولة على المؤسّسات وشدّد على بقاء قواته كتلة ضمن الجيش السوري الذي يجري تشكيله.

وأكّد المصدر على خلو الاجتماع من مشاركة أي ممثل للتحالف الدولي وأن القوات التي رافقت عبدي هي قوات حماية صغيرة، في حين تكفّلت إدارة العمليات العسكرية بتأمين كامل المطار ومحيطه قبل يوم من الاجتماع.

في سياق منفصل، اطلعت «القدس العربي» على ورقة مفصلة نقلها وسيط غربي إلى الرئيس الشرع تضمّنت مبادئ ومحدّدات عامة وإجراءات بناء الثقة.

وتشير خريطة الطريق إلى أن الهدف من حكومة تصريف الأعمال في المرحلة الانتقالية إعادة «توحيد سوريا وبناء دولة مدنية» قادرة على خدمة مواطنيها يسود فيها حكم القانون.

وتستعرض الورقة التهميش الذي تعرّضت له منطقة شرق سوريا خلال حكم البعث، وعن تجربة الإدارة الذاتية تشير إلى أنها تميّزت «باللامركزية واحترام التعددية وحقوق المكونات المختلفة».

وتصف قوات سوريا الديمقراطية «قسد» نفسها بأنها ليست «جهة هامشية أو تابعة، بل هي قوة وطنية فاعلة» إضافة إلى أنها لعبت «دورا محوريا في حماية وحدة البلاد» وتحمّلت «مسؤوليتها الوطنية» في محاربة تنظيم داعش الذي كان يُشكّل تهديداً وجودياً لسوريا وللعالم بأسره.

وتعتبر «قسد» أنها كسبت تدريباً دولياً متقدماً وبنيت على هيكل مرن يساعدها في بناء الجيش السوري المستقبلي كما ستحمي المنطقة من أية أخطار تحدق بها. وتتمسّك ببناء «شراكة متساوية» وترفض من خلالها بشكل قاطع «منطق التسليم» حسب مقدمة الوثيقة التي سلمت للرئاسة السورية.

مبادئ عامة

ونشرت «القدس العربي» أبرز نقاط «محدّدات الحوار» ونصّت الوثيقة التي نقلها مسؤول أوروبي إلى قصر الشعب بدمشق على 11 مبدأ عاماً تتعلّق بضرورة قيام حوار شامل حول مستقبل سوريا وضرورة وجود إطار سياسي يحدّد الانتقال السياسي ومرجعياته، كما تركز المبادئ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها واستعادة سيادة الدولة على كامل أراضيها وإعادة مواردها وقرارها لشعبها، وخروج القوى الأجنبية.

وترفض التقسيم أو التصنيف العرقي، وشدّدت على التضمين والاشمال، بحيث يشارك في الحوار الوطني جميع المكونات والقوى السياسية عبر ممثّلين يتمّ اختيارهم شعبياً أو من قبل هذه القوى، بمن فيهم القاطنون والمهاجرون في شمال شرق سوريا.

وتعتقد «قسد» أن مسار الدمج العسكري والأمني يجب أن يكون ضمن مسار إنشاء جيش وطني وهيكلية أمنية وطنية ولا مركزية جديدة، مع التأكيد على عدم تفكيك أية هياكل موجودة قبل ضمان عدم تعرضها لمخاطر عسكرية.

وتلتزم الإدارة الذاتية بإعادة توحيد الهيكل الإداري ضمن إطار إنشاء الدستور، وبعد إجراء انتخابات محلية ووطنية شاملة ضمن العملية الانتقالية.

كما ترغب الإدارة الذاتية بتطبيق نظام لا مركزي موسّع في جميع أنحاء البلاد، وتنضم مناطق الإدارة الذاتية ككتلة أو محافظات إلى الهياكل الإدارية المحلية الجديدة.

وتؤكّد المبادئ على أن القضية الكوردية هي قضية وطنية تحلّ دستورياً وبالتشاور مع جميع السوريين ويمثلها أحزاب التحالف الديمقراطي PYNK والمجلس الوطني الكردي ENKS، وهي قضية أرض وشعب وليست محصورة بحقوق المواطنة الفردية.

وطالبت الوثيقة بعودة المهجّرين وأن تقدم جميع الأطراف الضمانات لهم من أجل العودة إلى مناطقهم الأصلية بدون معوقات وتضمن إعادة أملاكهم والتعويض عنها وحلّ إشكاليات مشاريع التغيير الديموغرافي حتى تلك التي حصلت ضمن حكم النظام البائد، وبناء استراتيجية لتفريغ المخيمات.

وتعتبر حيادية الدولة تجاه المكونات والعقائد والايديولوجيات أكثر المبادئ إلحاحاً.

محدّدات المرحلة الانتقالية

تخرج المحدّدات من إطار العموميات والمطالب العامة وتحاول وضع أطار زمني وشكلي للمرحلة الانتقالية، حيث تطالب بأن يكون التفاوض مباشراً بين الأطراف، مع الطلب من جهة دولية محايدة بتيسير أو مراقبة التفاوض.

وتحدّد مدة المرحلة الانتقالية بثلاثة أعوام على مرحلتين، الأولى لإعادة تشغيل مؤسّسات الدولة وإيقاف العمليات العسكرية وعودة النازحين خلال عام، والثانية لإنهاء إنشاء الدستور وإجراء الانتخابات.

وتبدأ المرحلة الانتقالية بعقد المؤتمر الوطني وطرح إعلان دستوري وقانون أحزاب وتنتهي بانتخابات مجلس شعب من غرفتين يعطي الثقة لحكومة وطنية.

وتشترط أن تضمّ اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني 30 في المئة من الأعضاء المعينين من قبل الإدارة الذاتية وممثلي شمال شرق، 10 في المئة من الحكومة المؤقتة في شمال غرب، بالإضافة إلى 10 في المئة ممثلين عن السويداء، 10 في المئة من الساحل. وتنعكس النسبة على أعضاء المؤتمر ويكون المعيار باختيار المشاركين والمشاركات هو الكفاءة والتمثيل.

ودمج الخدمات وإعادة تفعيل ووصول الوزارات المركزية إلى الخدمات عن طريق موظفيها، مع الحفاظ على مساحة اللامركزية الإدارية الموجودة وسلطة المجالس المحلية، ويعمل الطرفان على توحيد الإجراءات بحيث تكون موحدة أو متوافقة عبر البلاد. ويتم إعادة العمل بالأنظمة التقنية المركزية خلال ستة أشهر، خاصة السجل المدني والعقاري والعدلي والهجرة والجوازات.

وعن التعيينات في الوزارات والمؤسّسات السيادية: تقترح «قسد» تعيين الوزراء بشكل توافقي وعلى أساس الكفاءة المهنية، بحيث يكون لكلّ جهة عدد معين من الوزراء في الحكومة الانتقالية تتضمن وزارات سيادية، وكذلك نواب وزراء ومديرين عامين لمؤسسات سيادية كالمصرف المركزي ومجلس الاستثمار والسفراء.

وعن قضية المقاتلين الأجانب التي تعتبر أحد أبرز الخلافات بين أطراف المعارضة و”قسد” نفسها بسبب هيمنة قادة حزب العمال الكورستاني التركي على قرار المقاتلين الكورد في شمال شرق سوريا، تقترح «قسد» إعفاء المقاتلين الأجانب من مناصبهم في القوات المسلّحة، وتيسير مغادرتهم أو تسليمهم إقامات لجوء في سوريا بصفة مدنية ان تعذر الأمر.

وتدعو المحدّدات إلى إعادة تشكيل الجيش على أساس قيادة أركان جيش. وتكون وزارة الدفاع مسؤولة عن الإمداد والمساعدة وتشرف على التوجيه وإنشاء استراتيجية الجيش، والاستراتيجية الدفاعية وترفيع الضباط فقط.

وحول المسألة العسكرية باعتبارها واحدة من أكثر النقاط حساسية، تقترح دمج القوى العسكرية في عموم سوريا تدريجياً على مدار المرحلة الانتقالية بنسبة معينة سنويا (25-50 في المئة) ضمن الجيش، ويتم توزيع العناصر حسب الكفاءة على الاختصاصات، وتتضمن أيضا تعيين ضباط ونواب قائد أركان الجيش من القوات العسكرية المشاركة بالتوحيد وحسب حجم كلّ فصيل، وتحتفظ «قسد» بقيادة الأركان أو إثنين من النواب.

وفي السياق تتحوّل قوات حماية الشعب ووحدات مكافحة الإرهاب «HAT/YAT» إلى قوات مكافحة إرهاب وقوات خاصة ضمن الجيش الجديد، وتكون مكلّفة بمحاربة داعش والتهديدات الإرهابية الأخرى وحماية سجون مقاتلي داعش ومراكز الإيواء التابعة لها. ويعهد إلى الشرطة المحلية مسؤولية حفظ الأمن في مناطقها، ويتم تشكيلها من أبناء المنطقة، بما يشمل عناصر من «قسد» والفصائل الأخرى، لضمان تمثيل سكان المنطقة وإدارة الأمن محلياً.

وفي حال العمل بنظام الخدمة العسكرية الإلزامية اقترحت أن تكون الخدمة العسكرية هي الخدمة المحلية.

خطوات أولية لبناء الثقة

وأقرت خريطة الطريق برفع علم الاستقلال بعد الاتّفاق بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية ويسمح للإدارة الذاتية باستعمال علمها ورموزها الخاصة في مناطقها.

وأعربت عن رغبتها بالتزام الطرفين الحوار والتفاوض ووقف التصعيد الإعلامي والعسكري وهو ما يفسر ابتعاد الإدارة الجديدة عن توجيه انتقادات حادة لـ«قسد».

إلى ذلك، أعلنت «قسد» عن رغبتها بإعادة تفعيل السجل العقاري والمدني في المحافظات خلال شهرين. حيث يشرف موظفو الإدارة الذاتية بالإضافة إلى الدوائر المركزية على تسجيل البيانات الشخصية، وتكليف نائب وزير داخلية من شمال شرق سوريا، وربط خدمات الاتصالات وتسجيل المشغلين المحليين رسميا لدى المركز وإنشاء هيئة مشتركة للخدمات الإلكترونية الحكومية.

وفي الحقل الإنساني نوّهت إلى الاستفادة من قوانين الإدارة الذاتية المتعلقة بالعمل الإنساني والمنظمات المدنية عوضاً عن قانون الجمعيات في سوريا وإنشاء لجنة وطنية لإعادة الإعمار وعودة المهجرين.

ودعت إجراءات بناء الثقة إلى إزالة المعوقات المتعلقة بإدخال السيارات والبضائع وفتح المعابر بإدارة مشتركة، وتوحيد إجراءات المعابر الحدودية وتفعل معبر السويدية وربطهما بإدارة الهجرة والجوازات، وتشكيل لجنة لتوزيع الموارد خلال شهرين. وإنشاء لجنة لمراجعة عقود الموظفين الحكوميين الذين تمت إنهاء عقودهم خلال ستة أشهر، بحيث يجري إعادتهم إلى الدوائر الحكومية المركزية مع عدم تجاوز سلطة الإدارات المحلية إلى حين تثبيت هيكل حكومي متوازن بين المركز والمحافظات، حسب ما جاء في الوثيقة.

وشدّدت الوثيقة على ضمان عودة المهجرين من عفرين وسري كانيه-راس العين وكري سبي-تل أبيض وتسليم أملاكهم خلال ستة أشهر، والسماح لعناصر «قسد» والعاملين بمؤسّسات الإدارة الذاتية إدارة مناطقهم.

وتعهّدت «قسد» بضمان «عودة آمنة» للمهاجرين أو النازحين داخلياً من أبناء دير الزور والرقة والحسكة إلى مناطقهم. ويسمح كذلك بزيارة المنضوين لفصائل الجيش الوطني وبقية الفصائل والمستمرين بخدمتهم العسكرية.

وبخلاف التداول الإعلامي السباق عن اشتراط «قسد» الحصول على 50 في المئة من الواردات النفطية، تقرّ باحتفاظ المناطق المحلية بـ 30 في المئة من الموارد فقط.

وتشير معلومات «القدس العربي» إلى أن مظلوم عبدي لم يتلقّ جواباً من الرئيس الشرع ومن غير الواضح فيما إذا كان سيردّ على ورقة المحدّدات وخصوصاً بما يتعلق بمسألة الاندماج الأمني والعسكري، إضافة لما تشكّله مسألة المركزية من حساسية توحي بمسارات يعتقد مسؤولو المرحلة الانتقالية بأنها تؤسّس لتقسيم سوريا.

المصدر: القدس العربي

مقالات ذات صلة