نشوب خلافات حادة داخل قيادة حزب العمال الكوردستاني بخصوص قرار حلّ الحزب وفسخه والاتّفاق مع تركيا

كشفت مصادر مطّلعة عن وجود خلافات حادة بين بين كوادر قيادية في حزب العمال الكوردستاني بكك، مشيرة إلى تصاعد حدّة هذه الخلافات على خلفية دعوة زعيم الحزب المسجون، عبد الله أوجلان، إلى حلّ الحزب وفسخه وإنهاء الكفاح المسلّح، وانعقاد المؤتمر العام الثاني عشر الطارئ للحزب تلبية لهذه الدعوة وتبنّي هذه القرارات من خلاله وفق أوامر وتعليمات أوجلان.
حيث كشف تقرير نشرته صحيفة “العربي الجديد” نقلاً عن مصادر داخل الحزب، عن حصول خلافات حادة بين قادة الحزب، مشيراً إلى تصاعد حدّة هذه الخلافات على خلفية دعوة زعيم الحزب المسجون، عبد الله أوجلان، إلى حلّ الحزب وفسخه وإنهاء الكفاح المسلّح، منوّهاً إلى أن بعض الكوادر الحزبية الميدانية والسياسية متحفظة أو ترفض الطريقة التي تمّ فيها الإعلان حلّ الحزب وإلقاء السلاح. وقال أحد المصادر: “القرار لم يُتخذ بالإجماع، وهناك جناح رافض للخطوة ويعتبرها استسلاماً، وآخرون يرون أن الخطوة متسرعة، ولم تتم مقابل أي ضمانات”.
وبيّن أحد المصادر لـ “العربي الجديد” أن “الخلافات تتعلّق بالجدوى من ترك السلاح وثمن ذلك أو مقابله، وأخرى مرتبطة بالثقة بالحكومة التركية، وما إذا كانت ستنفّذ التزاماتها تجاه حزب العمال الكوردستاني”.
فيما أكّد مصدر آخر مقرّب من الحزب، وهو من مليشيا “وحدات مقاومة شنگال-سنجار- YBŞ” الجناح المسلّح لحزب العمال الكوردستاني بكك في شنگال-سنجار، أن “أحد أبرز أسباب امتناع أطراف وازنة بالحزب عن ترك السلاح يعود إلى غياب الضمان بشأن سلامة رفاقهم المعتقلين، بالإضافة للمطلوبين للسلطات التركية، وما إذا ستنكث تركيا بالاتفاق، أم تستمر عليه وتطلق سراحهم وتتوقف عن ملاحقة الآخرين”. وأشار إلى أن أعضاء وازنين في حزب العمال الكوردستاني-حسب قوله- يرون أن “الإعلان كان متعجّلاً في ظلّ عدم وجود ضمانات، ويرفضون أي خطوات عملية في هذا الإطار، خاصة مسألة تسليم السلاح” مؤكّداً أن الشخصيات المُعارضة للاتفاق من “الجناحين السياسي والعسكري” للحزب. فيما تشير توقّعات أن يكون هناك انشقاق داخل الحزب بعد فترة في حال عدم التوصّل إلى تفاهمات تنهي حالة الجدل الحالية.
ورغم مرور قرابة شهر كامل على إعلان الحزب حلّ نفسه وإنهاء الكفاح المسلّح وإلقاء السلاح، إلا أنه لم يتّخذ أي خطوات فعلية أو ميدانية تتعلّق بإخلاء مواقعه أو الإعلان عن آلية جمع ترسانته العسكرية بغية تسليمها. فيما تواصل القوات التركية عملياتها العسكرية على معاقل حزب العمال الكوردستاني بكك في قنديل وسوران وسيدكان ومتين والزاب الحدودية بإقليم كوردستان.
ولم يتوقف القصف التركي على تجمّعات وتحركات مسلّحي حزب العمال الكوردستاني التركي، رغم إعلان الأخير في 12 مايو/ أيار الماضي حلّ نفسه، بل شهدت الأيام الماضية سلسلة من الضربات الجوية التي أدّت إلى خسائر في صفوف المسلّحين في المناطق الحدودية داخل إقليم كوردستان، في إشارة قد تكون أنها تستهدف جماعات داخل الحزب الكوردستاني الممتنعة عن الانصياع لقرار زعيمهم المسجون في إمرالي، عبد الله أوجلان.
أزمة عدم ثقة بين العمال الكوردستاني وتركيا
من جهته، قيّم محلّل أمني لـ “العربي الجديد” ما يحدث مشيراً إلى أن “سبب استمرار أنقرة بعملياتها ضدّ حزب العمال الكوردستاني يعود إلى القلق التركي من أن يقوم الحزب بمناورة، من خلال إعلان حلّ نفسه لحين إعادة ترتيب صفوفه، وهذا القلق نابع من فشل المفاوضات السابقة بين الجانبين. وبالتالي هناك مخاوف تركية من أن يقوم الحزب بإعادة التمركز في مواقع جديدة، كما أن الحكومة التركية تستخدم هذه العمليات لكسب دعم قومي داخلي، خصوصاً في ظلّ التحديات الاقتصادية والسياسية”.
وبشأن احتمالات العصيان أو الانشقاق داخل حزب العمال، بيّن أنه “لا يوجد هكذا حديث علني لغاية الآن من أي جهة داخل الحزب، لكن هذه الأمور ستكون موجودة لأن بعض من يرفضون التخلّي عن السلاح يعتقدون أن تركيا جهة غير موثوق بها. وهنا نعود إلى مسألة عدم وجود ثقة متبادلة بين الطرفين بسبب الصراع الطويل. كما أن تحركات تركيا الأخيرة قد تجبر أطرافاً داخل الحزب على اتّخاذ قرار المواجهة بدل الإذعان لدعوة أوجلان”.