تقارير صحفية… دخول الإجراءات الأمريكية ضدّ ميليشيات الحشد الشعبي حيّز التنفيذ…

تقارير صحفية... دخول الإجراءات الأمريكية ضدّ ميليشيات الحشد الشعبي حيّز التنفيذ...

أفادت تقارير صحفية، اليوم السبت، بدخول الإجراءات الأمريكية ضدّ فصائل وميليشيات “الحشد الشعبي” في العراق حيّز التنفيذ فعليًا، مع توقّف صرف الرواتب لمنتسبي الهيئة، في خطوة غير مسبوقة.

ضغوط أمريكية

يأتي ذلك بعد أشهر من ضغوط أمريكية على الحكومة العراقية، تطالب فيها بمراجعة ملف ميليشيات الحشد الشعبي وباقي الميليشيات المسلّحة الولائية، وإنهاء وجودها عبر دمجها مع الجيش، أو في المؤسّسات الأمنية أو المدنية الأخرى.

وكان مصدر مطلع في وزارة المالية العراقية كشف الأسبوع الماضي، عن تلقي الحكومة طلبًا أمريكيًا بمراجعة القوائم المالية الخاصة بميليشيات الحشد الشعبي، وفرض رقابة صارمة على التحويلات والمخصّصات، وسط تقديرات بأن نفقات الحشد الشهرية تتجاوز 3 مليارات دولار.

بدوره، قال القيادي في الحشد الشعبي ميثم الزيدي، إن “سبب الأزمة الأخيرة يعود إلى إنذار وجّهته وزارة الخزانة الأمريكية إلى الشركة الموطنة لرواتب الحشد، ما دفعها إلى الانسحاب وإبلاغ مصرف الرافدين والهيئة، دون أن تتّخذ المديرية الإدارية والمالية في الحشد إجراءات سريعة لمعالجة الموقف”.

وأضاف الزيدي في كلمة ألقاها أمام عدد من عناصر الحشد الشعبي، بأن “طريقة التعامل مع أموال الحشد أصبحت عبئًا متكرّرًا، فلا توجد آلية دفع مستقرة، وكلّ أزمة تدار بردود فعل مؤقتة، بدل أن تكون هناك خطط بديلة”.

دخول الإجراءات حيز التنفيذ

ومن شأن هذا الإجراء أن يؤدّي إلى إيقاف صرف رواتب نحو 200 ألف منتسب ضمن هيئة الحشد الشعبي والتشكيلات التابعة لها، بما في ذلك ميليشيات مسلّحة غير منضوية رسميًا ضمن الهيكل الإداري، ما يهدّد بحدوث اضطراب واسع في صفوف المسلّحين، ويعزّز المخاوف من استخدام الملف المالي للضغط السياسي والأمني في المرحلة المقبلة.

من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي محمد التميمي، إن “الولايات المتّحدة انتقلت من مرحلة التوصيات والتحذيرات إلى تنفيذ خطوات عملية ضدّ الحشد الشعبي، تبدأ بتقييد التمويل، وقد لا تنتهي عند هذا الحدّ”.

وبحسب التميمي، فإن “استهداف الرواتب ليس مجرّد عقوبة مالية، بل رسالة متعدّدة الأبعاد تتعلّق بهيبة الدولة العراقية، وارتباط بعض الفصائل بملفات إقليمية تتجاوز السيادة الوطنية”.

وأشار إلى أن “الفترة المقبلة قد تشهد مزيدًا من الخطوات الدولية، سواء عبر المؤسّسات المالية أم العقوبات المباشرة، ما لم تُبادر بغداد إلى إعادة تنظيم هذا الملف ضمن رؤية شاملة”.

ضجة وتساؤلات

وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بالتطورات الأخيرة المتعلّقة برواتب ميليشيات الحشد الشعبي، إذ انقسمت الآراء بين من اعتبرها استهدافًا موجّهًا للحشد، ومن رأى فيها خطوة ضرورية في مسار إنهاء وجود الميليشيات المسلحة الولائية في البلاد.

وترافق ذلك مع موجة رفض برلماني واسع، خصوصًا من الكتل المؤيّدة للحشد ضمن الإطار التنسيقي، والتي طالبت الحكومة بتوضيح عاجل، وهدّدت بمواقف تصعيدية داخل مجلس النواب إذا استمر التعطيل أو تكرّرت هذه الإجراءات مستقبلًا.

وقال النائب عن الإطار التنسيقي ثائر الجبوري، إن “هيئة الحشد والجهات المسؤولة في المالية والحكومة مطالبة وبشكل عاجل بتوضيح ذلك الخلل، والعمل على معالجته دون أي تأخير”.

وبيّن الجبوري في تصريح صحفي أنه “يجب التصدّي لأي ضغوطات داخلية وخارجية، ويجب أن يكون هناك توضيح رسمي ومنطقي وعاجل لكشف الحقائق أمام الرأي العام وأمام مقاتلي الحشد وعوائلهم”.

ويُعتقد أن هذا المسار قد يُمهّد لتغييرات أوسع في علاقة الدولة العراقية بالميليشيات المسلّحة الخارجة عن سلطة الدولة، وربط الدعم الخارجي بمستوى الشفافية المالية والسيطرة على حركة الأموال.

مرجعية النجف وسحب السلاح

من جهته، أكّد الدبلوماسي السابق ورئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، أن “ما يجري من إجراءات مالية ضدّ الحشد الشعبي لا يمكن فصله عن الموقف الأمريكي من الفصائل المسلّحة، ولا عن موقف مرجعية النجف التي شدّدت مؤخّرًا على ضرورة سحب السلاح من كلّ الجهات الخارجة عن سلطة الدولة، في إشارة واضحة للفصائل والميليشيات”.

وأضاف فيصل بأن “هناك أكثر من 70 فصيلًا مسلحًا في العراق، نحو نصفها يرتبط بالحرس الثوري الإيراني، ويتصرّف خارج سلطة القائد العام للقوات المسلّحة، ويملك قواعد مستقلة، بل وشاركت في نزاعات إقليمية، ما يشكّل تهديدًا لبنية الدولة ونظامها السياسي، وحان وقت معالجة هذه القضية المؤرقة بالنسبة للعراقيين”.

ولفت إلى أن “إجراءات تجفيف التمويل ليست فقط مطلبًا دوليًا، بل أصبحت أيضًا مطلبًا داخليًا ضمن مسار إصلاح الدولة، وإعادة ضبط هيكلية المؤسّسة العسكرية بما ينسجم مع الدستور العراقي الذي يحظر تشكيل الميليشيات خارج إطار الدولة”.

إيقاف بطاقات الصرف

ووفقاً لمتابعات أجرتها وكالة باسنيوز، فإن رواتب شهر يونيو/ حزيران الحالي لم تصرف لغالبية مقاتلي الحشد، مع صرف جزء محدود فقط، وسط تحذيرات من أن عدم معالجة الأزمة سيؤدّي إلى استمرار حجب الرواتب في الأشهر المقبلة.

في السياق ذاته، نقل موقع «سنترال نيوز» أن تجميد الرواتب جاء نتيجة قيام الجهات المعنية بوقف بطاقات الصرف الخاصة بالحشد، وسط مخاوف من اضطرابات داخلية في حال استمرار الوضع على حاله.

وفي تفاعلات متزامنة، كشف القيادي أبو فاطمة العراقي، عبر قنوات تابعة لميليشيات الحشد الشعبي على «تلغرام» عن أن الرواتب أُرسلت وتمّ تحميلها على البطاقات، لكنّ «طرفاً خارجياً» منع تفعيل تلك البطاقات. وأوضح أن جهوداً تُبذل حالياً لإيجاد حل في الأيام المقبلة.

يشار إلى أن الميليشيات المسلّحة بدأت بالردّ على هذا الإجراء عبر تهديدات غير مسبوقة تجاه الحكومة الاتّحادية ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مع تحركات إعلامية وتصعيد في بعض المناطق.

مقالات ذات صلة