الميليشيات المسلّحة في العراق باتت تتصدّر جدول الأعمال داخلياً وخارجياً على حدّ سواء؛ نظراً لآثارها السلبية على العراق شعباً وحكومة وأرضاً وسيادة…
حيث حذّر خبراء أمنيون، هذه المرّة، من أن استمرار انتشار مخازن الأسلّحة التابعة للميليشيات العراقية الولائية داخل المدن والأحياء السكنية بات يشكل عبئاً أمنياً متزايداً ومخاطر جدّية على حياة المواطنين.
ومع ارتفاع درجات الحرارة وحلول فصل الصيف اللاهب، تُثار مخاوف من تكرار الانفجارات التي أودت بحياة عشرات المدنيين العراقيين خلال السنوات الماضية.
وبحسب مصادر مطّلعة فإن الحكومة العراقية طلبت، ضمن إجراءاتها الأخيرة، من عدد من الفصائل والميليشيات المسلّحة نقل أو إعادة توزيع بعض مخازنها الموجودة داخل مناطق مأهولة دون استجابة إيجابية من هذه الميليشيات.
وأشارت إلى أن بعض الجماعات والفصائل المسلّحة رفضت الطلب، بينما أبدت أخرى تحفظها وطلبت التريث، معتبرة الأمر (غير مستعجل) أو أنه يستوجب التنسيق السياسي المسبق.
وأوضحت هذه المصادر أن “وزارة الداخلية وجّهت مذكرات رسمية إلى جهات أمنية مرتبطة بالفصائل، تتضمّن توصيات بإفراغ المخازن من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ونقلها إلى خارج المدن، تحسباً لأي طارئ، إلا أن الاستجابة لم تكن بالمستوى المطلوب، وهناك جهات ما زالت ترى أن هذه المخازن تمثل جزءاً من قوتها”.
وأضافت بأن “الدوائر الأمنية رصدت خلال الفترة الماضية عدة مواقع حسّاسة تحتوي على مخازن ذخيرة غير مؤمنة بشكل جيد، بعضها قريب من مجمعات سكنية ومدارس وأسواق شعبية، خصوصاً في أطراف بغداد، ومحافظة بابل، ومناطق في غرب الأنبار”.
وتنتشر مخازن الأسلحة التابعة للفصائل والميليشيات العراقية المسلّحة الخارجة عن سلطة الدولة في مناطق متفرقة من العراق، وفقاً لمصادر وتقارير ميدانية، أبرزها في العاصمة بغداد، ومدينة سامراء، وقضاء القائم غربي الانبار، وناحية جرف الصخر جنوب بغداد، فضلاً عن مناطق أخرى في محافظات نينوى وصلاح الدين والبصرة.
بدوره، قال الخبير الأمني حميد العبيدي إن “الإبقاء على مخازن الفصائل داخل المدن هو تهديد مباشر لأمن المدنيين، ويخالف أبسط معايير السلامة، خصوصاً بعد تكرار حوادث الانفجار بسبب سوء التخزين أو الحرارة أو القصف الخارجي”.
مضيفاً أن “العراق شهد أكثر من 30 انفجاراً لمخازن سلاح تابعة للفصائل خلال السنوات الماضية، بعضها أدّى إلى سقوط قتلى من السكان، كما حصل في مدينة الصدر 2018، وفي النجف 2021، وفي واسط 2022”. مؤكّداً أن “هذه الحوادث لم تكن استثنائية، بل تكشف إهمالاً مستمراً وفوضى أمنية”.
وتتوزّع هذه المخازن بحسب مناطق النفوذ، حيث تُعرف كتائب “حزب الله” بسيطرتها على بعض المواقع في جرف الصخر، وعلى الحدود مع سوريا، في حين تنتشر “سرايا السلام” في مدينة الصدر وسامراء.
وتتركّز مواقع ميليشيا عصائب أهل الحق في الزعفرانية والمشتل والبلديات شرقي بغداد، فضلاً عن مناطق جنوبي العاصمة.
وتُخزن هذه الفصائل مختلف أنواع الأسلحة، من قذائف هاون إلى صواريخ كاتيوشا وراجمات ثقيلة، وغالباً ما تكون تلك المخازن داخل مبانٍ مهجورة، أو داخل مجمعات سكنية.
ورغم صدور أوامر سابقة من حكومات متعاقبة، بإخراج هذه المخازن من المدن، فإن تلك التعليمات لم تُفعّل بشكل شامل، وبقيت المخازن على حالها، وسط غياب الرقابة.
ويخشى مختصّون من أن استمرار هذا الوضع دون معالجات فعلية، قد يؤدّي إلى تكرار سيناريو مرفأ بيروت في انفجار 2020، إذا ما تعرّض أحد المخازن لانفجار ضخم في منطقة مأهولة.