في تحليلٍ استراتيجيٍّ جديد، حذّر معهد ‹أغسي› الأمريكي المرموق من تداعيات استمرار الضغوط المالية التي تمارسها الحكومة الاتّحادية في بغداد على إقليم كوردستان، مشيراً إلى أن هذه السياسة لا تقوّض استقرار العراق فحسب، بل تمسّ بالمصالح الحيوية للولايات المتّحدة في المنطقة.
ويكشف التقرير الصادر عن المعهد ذي السمعة الدولية كيف تحوّلت الأزمة المالية إلى سلاحٍ بيد بغداد، حيث تتعرّض حكومة إقليم كوردستان لحملةٍ منهجية تشمل حجب الحصص المالية وتأخير رواتب الموظفين، في محاولةٍ لإجبار أربيل على الرضوخ للسياسات المركزية في ملفات النفط والغاز. ويُبرز التقرير كيف وجدت هذه الإجراءات غطاءً قانونياً من خلال أحكامٍ قضائية اتّحادية، ما زاد من حدّة الأزمة وأضعف الاستقلال المالي للإقليم بشكلٍ غير مسبوق.
المقلق في الأمر – بحسب خبراء المعهد – هو أن هذه التطوّرات تهدّد شراكةً استراتيجيةً أمريكية-كوردية كانت حجر الزاوية في الحرب ضدّ الإرهاب، حيث لعبت كوردستان دوراً محورياً في هزيمة داعش وحفظ الاستقرار الإقليمي. كما يحذّر المحللون من أن تدهور الوضع الاقتصادي في الإقليم قد يفتح الباب على مصراعيه لتعزيز النفوذ الإيراني، في سيناريوٍ يعقّد المشهد الجيوسياسي الهشّ أصلاً.
في مواجهة هذا التصعيد، يوصي التقرير بأسلوبٍ أكثر حكمة يعتمد لغة الحوار بدل العقوبات المالية، مؤكّداً أن كوردستان القوية والمستقرة تشكّل ضمانةً أساسية ليس فقط لأمن العراق، بل أيضاً للمصالح الغربية في منطقةٍ تشهد تنافساً دولياً محموماً.
ويأتي هذا التحذير في وقتٍ تشهد فيه العلاقات بين بغداد وأربيل أسوأ مراحل التوتّر حول ملفات النفط والموازنة، فيما تبدو واشنطن حريصةً على حماية إرثها الاستراتيجي في الإقليم الذي كلّفها استثماراتٍ بشريةٍ وماديةٍ هائلة على مدى عقدين من الزمن.
ويُعتبر معهد ‹أغسي› للاستراتيجيات الدولية أحد أبرز مراكز الأبحاث الأمريكية المتخصّصة في الشؤون الدولية، حيث يقدّم تحليلاتٍ معمّقة لقرارات السياسة الخارجية، مع تركيزٍ خاص على الشرق الأوسط والقضايا الأمنية الحيوية لمصالح الولايات المتحدة.