حتى تضع الحرب أوزارها… سكان قرى حدودية بإقليم كوردستان يأملون في استئناف حياتهم الطبيعية…

حتى تضع الحرب أوزارها... سكان قرى حدودية بإقليم كوردستان يأملون في استئناف حياتهم الطبيعية...

على مدار سنوات بل وعقود طويلة، ألحق تمركز وتواجد حزب العمال الكوردستاني بكك أضرارًا كبيرة بمناطق واسعة من إقليم كوردستان، لاسيما القرى الواقعة ضمن حدود محافظة دهوك وإدارة سوران المستقلة ضمن حدود العاصمة أربيل، حيث حُرم سكان هذه القرى من أبسط مقومات الحياة، وظلّوا مهدّدين على الدوام بين سندان نيران مقاتلي الحزب ومطرقة قصف الجيش التركي، ناهيك عن مئات القرى التي باتت مهجورة تمامًا وأخليت عن الحياة بالمرّة.

فمنذ أكثر من أربعة عقود مريرة من الزمن، يتمتع حزب العمال التركي بكك بوجود قوي في المناطق الحدودية الجبلية الوعرة داخل إقليم كوردستان، محولاً هذه المناطق إلى ساحة مفتوحة لصراعه الشكلي والمزيّف مع الجيش التركي.

ونفّذ الجيش التركي 1678 هجوماً وقصفاً على أراضي إقليم كوردستان خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي فقط، وأسفرت هذه العمليات عن استشهاد 3 مدنيين وإصابة 6 آخرين بجروح، كما تقول منظمة فرق صناع السلم المجتمعي (CPT) الأميركية، في إحصائية لها، فما بالك بأربعة عقود؟!

وأخيراً، يبدو أن هذه الأجواء المعتمة في طريقها إلى الزوال، وذلك إثر قرار العمال الكوردستاني بكك الاستسلام وإلقاء السلاح وحلّ الحزب وفسخه استجابة لأوامر زعيمه القابع في إمرالي قبل مطلع الألفية الثانية بعام، فمن شأن القرار كما يرى خبراء أن يؤدي إلى انخفاض كبير في الاشتباكات المسلّحة في إقليم كوردستان، خاصة في مناطق ضمن حدود محافظتي دهوك والعاصمة أربيل.

كما ويمكن أن يقلّل من الغارات الجوية في مناطق قنديل وشارباژير والسليمانية، التي يتمتع فيها الحزب بحضور قوي.

فقد تسبّب الصراع الشكلي بين دولة الاحتلال التركي وصنيعتها حزب العمال الكوردستاني خلال السنوات الماضية بنزوح الآلاف من مواطني إقليم كوردستان من قراهم وبلداتهم، وأصبحت نحو 700 قرية في إقليم كوردستان إما خالية تماماً من سكانها أو معرّضة لخطر الهجمات.

فقد تعرض أهالي القرى التي ظلت لسنوات تحت سلطة الحزب لأضرار مزدوجة؛ من جهة حوّل الحزب قراهم إلى مقار ونقاط عسكرية وساحة حربٍ له، ومن جهة أخرى تعرّضت هذه القرى لعشرات عمليات القصف الجوي التركي، ما أسفر عن خسائر بشرية ومادية جسيمة. لذلك، يأمل السكان بانتهاء القتال، ليتمكنوا من العودة إلى قراهم واستئناف الزراعة والحياة الطبيعية.

وبحسب محلّلين سياسيين أتراك، إذا نفّذ حزب العمال الكوردستاني بكك انسحابًا شاملاً وسحب سلاحه من إقليم كوردستان، فلن يكون هناك مبرّر لبقاء القوات التركية، وسيتعيّن على أنقرة إخلاء تلك المناطق، باستثناء وجود عسكري محتمل في منطقة الموصل.

العاصمة أربيل… 200 قرية ضمن حدود العاصمة أُخليت وتضرّرت بسبب القتال

اعتبر محافظ العاصمة أربيل أوميد خوشناو، يوم أمس السبت، أن تسليم حزب العمال الكوردستاني بكك السلاح، فرصة سانحة لإعادة إعمار المناطق الحدودية لإقليم كوردستان واستئناف الحياة في القرى المتضررة مجدداً.

أوميد خوشناو، قال: إنّ “حوالي 200 قرية ضمن حدود محافظة أربيل قد أُخليت وتضرّرت بسبب القتال بين PKK وتركيا، ومعظم هذه المناطق سياحية أو زراعية وتعتبر بمثابة سلة غذاء”.

وأضاف: “إذا عادت الحياة إلى هذه المناطق، فسيقل الضغط على المراكز الحضرية، وستحدث هجرة عكسية من المدينة إلى القرية”. مردفاً بالقول: “بالإضافة إلى ذلك فقد استشهد المئات من المدنيين الأبرياء خلال الثلاثين عامًا الماضية جراء الحرب بين PKK وتركيا في تلك المناطق”.

وأوضح “إذا نفّذ PKK قراره وغادرو تلك المناطق التي يتواجدون فيها ولم يكن هناك تهديدات للسكان، فسنبذل قصارى جهدنا لإعادة إعمار هذه المناطق وإعادة تأهيل القرى وإعادة ساكنيها النازحين وتقديم الخدمات لها، وستعود الحياة إلى هذه المناطق التي دمرتها الحرب”.

وختم بالقول “ستستغرق تطهير هذه المناطق من الألغام والمخلّفات الحربية بعض الوقت، قبل إعادة البدء بإعمارها في أسرع وقت”.

لذلك فإن أي محاولة لإنجاح عملية السلام ستفتح الطريق والأمل أمام القرويين النازحين من مناطقهم ليعودوا مرة أخرى إلى أراضيهم، وليُعاد إعمارها من جديد، وتُوفر لهم الخدمات الأساسية التي لم تستطع حكومة إقليم كوردستان تقديمها لهم سابقا بسبب هذه الحرب.

عودة الحياة إلى أكثر من 400 قرية في حدود محافظة دهوك…

وبحسب محافظة دهوك، فإن أكثر من 400 قرية تابعة لها لا تصلها الخدمات بسبب وجود عناصر حزب العمال الكوردستاني. واليوم، مع بدء الحزب سحب مقاتليه من بعض المواقع، يُطرح السؤال: هل ستُعاد هذه القرى إلى الحياة؟

فقد أكّد محافظ دهوك علي تتر، في وقت سابق، دمار ثلث قرى المحافظة وخلوها من السكان، جرّاء الصراع المسلّح بين حزب العمال الكوردستاني والجيش التركي، مؤكداً أن محافظته، أشدّ المناطق تضرّراً في إقليم كوردستان من هذا الصراع.

حيث قال تتر إن “محافظة دهوك تعدّ الأكثر تضرراً في إقليم كوردستان إثر الصراع المسلّح الدائر بين حزب العمال الكوردستاني والجيش التركي، ونحو 30% من قرى المحافظة أصبحت مدمرة وخالية تماماً من سكانها، والسبب الرئيس وراء عدم عودة سكان هذه القرى إلى مناطقهم يعود هي السياسات التي ينتهجها حزب العمال الكوردستاني، حيث أن هناك مواطنين لم تطأ أقدامهم أراضي قراهم منذ أكثر من 38 عاماً بسبب استمرار التوترات الأمنية والانتشار المسلح في المناطق الحدودية”.

ودعا تتر آنذاك، مسلّحي العمال الكوردستاني، إلى إخلاء القرى والجبال التي يتمركزون فيها ليتسنى للأهالي العودة إلى بيوتهم ومزارعهم واستئناف حياتهم الطبيعية، معتبراً أن هذا الأمر يمثل “أولوية إنسانية وتنموية في آن واحد، مرحباً بأي خطوات نحو التهدئة ووقف إطلاق النار، مؤكّداً دعم إدارة محافظة دهوك لجهود السلام بين أنقرة وحزب العمال الكوردستاني، وداعياً إلى إكمال العملية السلمية بما يضمن استقرار المنطقة وعودة الحياة الطبيعية إلى القرى الحدودية.

وأضاف: “باشرت حكومة كوردستان، فعلياً في تنفيذ بعض مشاريع إعادة الإعمار في المناطق المتضرّرة من بينها تعبيد طريق وادي بالند الواصل إلى منطقة نيروه وريكان، إلى جانب استكمال هذه المشاريع في مناطق أخرى مثل القرى الواقعة على سفوح جبلي گاره ومتينا، لكن مناطق دوسكي زوري، وريكان ما يزال إعادة إعمارها مرهوناً بالتقدّم في العملية السلمية بين الجانبين”.

مقالات ذات صلة