تتصاعد وتيرة الانتهاكات التي ترتكبها القوات التابعة لوزارة الدفاع السورية في محافظة السويداء، ولا سيما ما يتعلق منها بالإهانات الموجهة للمواطنين من الطائفة الدرزية، والاعتداء على كراماتهم وممتلكاتهم، في مشهد يعيد إلى الأذهان الانتهاكات التي جرت في الساحل السوري تجاه العلويين خلال آذار الماضي، وممارسات سابقة شهدتها مناطق سورية أخرى.
كما جرى الاعتداء على كوادر مراكز طبية كانت تقدّم خدماتها للمصابين، وجرى الاعتداء على المباني الحكومية.
هذا وشهدت محافظة السويداء أوضاعاً أمنية متوتّرة ونزوحاً متزايداً للمدنيين من مناطق المواجهات.
وبلغ عدد قتلى الاشتباكات والإعدام الميداني فيها منذ صباح الأحد 13 تموز، 166 قتيلا بينهم 21 حالة إعدام ميداني بينهم 3 نساء، برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية السورية.
ووثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان قيام عناصر تابعة لوزارة الدفاع بعمليات تخريب ممنهجة طالت منازل وممتلكات المدنيين في عدد من قرى وبلدات ريف السويداء، حيث أقدم العناصر على سرقة محتويات المنازل وتكسير الأبواب والنوافذ، قبل أن يعمدوا إلى إضرام النيران في بعضها، ما أسفر عن دمار واسع وخسائر مادية جسيمة.
وتأتي هذه الأفعال في سياق الانتهاكات المستمرة التي تُرتكب بحقّ أبناء المحافظة، وسط صمت رسمي، وغياب أي رادع قانوني يمنع تكرار هذه الجرائم بحق السكان المحليين.
وشهدت مدينة السويداء تطورات ميدانية متسارعة، تمثلت بانسحاب الآليات الثقيلة التابعة للقوات الحكومية السورية من داخل المدينة، وتولي قوى الأمن العام مسؤولية الانتشار في الشوارع الرئيسية، وسط حالة من الهدوء الحذر. هذا التغيير جاء بعد يومين من اشتباكات عنيفة خلفت عشرات القتلى، ودفعت نحو اتفاق على وقف إطلاق نار، أعلن عنه وزير الدفاع في الحكومة الانتقالية مؤخّراً.
ووفقاً للمصادر، فقد سُجّل انسحاب دبابات ومدرعات كانت قد انتشرت سابقاً داخل المدينة، وذلك في خطوة يبدو أنها تهدف لاحتواء الغضب الشعبي وتخفيف التوتّر، بعد أن وُجهت انتقادات واسعة لاستخدام السلاح الثقيل في أحياء مأهولة بالسكان وتسجيل انتهاكات بحق السكان.
في المقابل، انتشرت قوى الأمن العام بكثافة في عدد من النقاط الحيوية، وجرى الحديث عن فرض حظر تجوال جزئي في فترات الليل، دون صدور إعلان رسمي بذلك.
في هذه الأثناء، وثّقت تسجيلات مصورة ومقاطع نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، مشاهد نزوح جماعي لعدد كبير من العائلات من المدينة نحو القرى والبلدات الريفية المجاورة. وظهرت طوابير طويلة من السيارات المدنية المحملة بالأمتعة والأطفال، في مشهد يعكس حجم الخوف من تجدّد الاشتباكات أو الاعتقالات التعسفية في ظل التغيرات الأمنية المفاجئة.
في حين أشارت المصادر إلى إن بعض العائلات غادرت منازلها دون وجهة واضحة، متوجهة نحو ريف المحافظة الشرقي والغربي.
وحسب المرصد، فقد بلغ عدد قتلى الاشتباكات والإعدام الميداني في السويداء منذ صباح الأحد 13 تموز، 166 قتيلا وعلى النحو التالي:
67 من أبناء محافظة السويداء بينهم طفلين وسيدتين.
78 من عناصر وزارة الدفاع والأمن العام ومسلحي البدو.
21 بينهم 3 نساء، أعدموا ميدانياً برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية السورية.
الشرع يتوعّد “المتجاوزين” في أحداث السويداء… وإسرائيل تتدخّل
من جانته، كلّف الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، اليوم الثلاثاء، الجهات الرقابية باتّخاذ الإجراءات الفورية بحقّ كلّ من ارتكب أي تجاوز، مهما كانت رتبته. وذلك عقب الأحداث التي شهدتها مدينة السويداء، جنوبي البلاد، بحسب بيان رئاسي.
وشدّدت الرئاسة في البيان، على ضرورة الالتزام ومنع أي شكل من أشكال الانتهاكات في كافة الجهات العامة والعسكرية.
وفي سياق متصل، حملت وزارة الخارجية السورية إسرائيل المسؤولية الكاملة عن أحدث هجوم على جنوب سوريا وما قد يترتب عليه من تداعيات.
وأكّدت في بيان تمسّك سوريا بحقّها المشروع في الحفاظ على الأراضي السورية بكافة الوسائل التي يكفلها القانون الدولي.
كما شدّدت الخارجية السورية على حرصها على حماية جميع المواطنين دون استثناء، بمن فيهم الدروز، في ضوء التصعيد الأخير، حسب تعبير البيان.
مجزرة و “قص شوارب“
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن حدوث عمليات إعدام ميدانية نفذتها قوات الأمن السورية في مضافة بمدينة السويداء التي دخلتها في وقت سابق من الثلاثاء، بينما جرى تداول مقاطع لعمليات إذلال عبر “قص شوارب” و “ضرب وإذلال” عدد من الرجال عنوة.
وأظهر مقاطع فيديو مصورة انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي أشخاصاً يرتدون ملابس مدنية مضرجين بالدماء داخل المضافة، طرح بعضهم أرضاً وآخرون على أرائك، وبجانبهم صور لمشايخ دروز ملقاة على الأرض وأثاث مخرب ومبعثر.
كما تعرّض عدد من الأهالي لعمليات إذلال، وجرى بحسب مقاطع متداوَلة، قصّ شوارب الرجال عنوة، في مشهد أثار غضبا واسعا بين السكان.
إسرائيل تتدخّل
وشنّت إسرائيل غارات في وقت سابق من الثلاثاء على قوات سورية في جنوب غرب سوريا لليوم الثاني على التوالي وتعهّدت بإبقاء المنطقة منزوعة السلاح وحماية الأقلية الدرزية في ظلّ استمرار الاشتباكات الدامية بالمنطقة المتاخمة لها.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس إنهما أمرا الجيش الإسرائيلي بضرب “قوات النظام” والأسلحة التي تنقل إلى السويداء لاستخدامها ضد الدروز.
وأضافا في بيان أن نشر القوات السورية يعد انتهاكاً لسياسة نزع السلاح التي تمّت دعوة دمشق بموجبها إلى الامتناع عن نقل قوات وأسلحة إلى جنوب سوريا لأن ذلك يشكل تهديداً لإسرائيل.
وقالا “إسرائيل ملتزمة بمنع تعرّض الدروز في سوريا للأذى انطلاقاً من تحالف الأخوة العميق مع مواطنينا الدروز في إسرائيل”.