العراق… تصاعد حدّة الخلافات بين السوداني وميليشيا “كتائب حزب الله”

هاجمت مليشيا “كتائب حزب الله” في العراق رئيس الحكومة الاتّحادية، محمد شياع السوداني، داعية التحالف الحاكم (الإطار التنسيقي) إلى إعادة النظر فيه، بوصفه “قائداً غير ناجح” مقرّة بعمليات التغيير الديموغرافي التي شهدتها مناطق حزام بغداد في العامين الأخيريين، ضمن ما أطلقت عليه الجماعة “مشروع طوق بغداد” والذي أسفر عن عمليات تهجير للعرب السنة خلال الفترة الماضية تحت عناوين مختلفة، وذلك في أحدث تصعيد بالأزمة المحتدمة بين المليشيا الولائية لإيران ورئيس الحكومة العراقية بعد مواجهات مسلّحة مع قوات الجيش، الأسبوع الماضي، أسفرت عن قتلى وجرحى ببغداد، إثر تدخل المليشيا لدعم مسؤول بدائرة الزراعة مرتبط بها.
التصعيد الجديد الذي تزامن مع اتّساع حدّة الجدل بملف قانون “الحشد الشعبي”، والرفض الأميركي له، وتعثّر إقراره بالبرلمان، يثير مخاوف مراقبين من انعكاساته على الاستقرار الأمني، خاصة مع التحديات الأمنية الإقليمية والضغوط الداخلية المتزايدة على الحكومة بملف الفصائل وسلاحها وقرب إجراء انتخابات البرلمان العراقي.
الخلافات بين السوداني والجماعة ظهرت بعد تداعيات المواجهات المسلّحة التي اندلعت، الأحد الماضي، في حيّ السيدية بالعاصمة بغداد بين قوات الأمن العراقية والميليشيا المسلّحة، وذلك على خلفية قرار بتغيير مدير دائرة الزراعة في جانب الكرخ من المدينة وما تبعه من تحرّك لوقف استيلاء قادة في الجماعة على أراضٍ زراعية بمواقع مهمّة وتحويلها إلى أراضٍ سكنية، ما شكّل شرارة اندلاع الأزمة.
وأصدر المسؤول الأمني لميليشيا “كتائب حزب الله” أبو علي العسكري بياناً، ليل الاثنين-الثلاثاء، قال إن “حادثة دائرة الزراعة في بغداد، وما أعقبها من تداعيات واتّهامات، لم تخل منها مناطق حزام العاصمة خلال الأعوام الاثني عشر الماضية، لا سيّما (اللطيفية والبوعيثة والمدائن والتاجيات) إذ شكّلت هذه المدن بؤراً لداعش تهدّد أمن بغداد وسلامة أمنها بعدما تحوّلت أغلب مناطق الحزام إلى طوق داعشي وهّابي يلف العاصمة، ما أدّى إلى أن نخوض ما بين عام 2003 وحتى 2014 مواجهات استخبارية وأمنية، ولقد أنجزنا الكثير وما زال المزيد ممّا يجب عمله”.
واتّهم أبو علي العسكري رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني بأنه “حديث عهد في العمل العسكري والأمني، فهو مدير ناجح ولكن لم يكن يوماً قائداً ناجحاً، ولن يكون، ومن هنا ندعو قادة الإطار إلى تحمّل مسؤولياتهم التاريخية بجدية وحزم قبل أن يسدل الستار على إرثهم السياسي”.
وتابع العسكري: “ولكيلا تعطي الذرائع للمتصيدين فرصة تشويه سمعة جهادنا، وكما يقال (غلطة الشاطر بألف)، فقد قرّرت قيادة الكتائب إيقاف عملها في مشروع (طوق بغداد)، وتسليم ما في عهدتها إلى قيادة الحشد الشعبي، مع التأكيد على أنها ستحاسب وبشدّة كلّ من يدّعي صفة العمل معها تحت هذا العنوان”.
كما هاجم العسكري الجيش العراقي في المواجهات التي حدثت ببغداد الأحد الماضي، بالقول إنه لم يصمد أمام مجموعة من الشباب (عناصر ميليشيا كتائب حزب الله) “فكيف إذا ما واجهوا مقاتلي أهل الشام ودواعش الغرب المدعومين بجيوش التكفير من التتار والإيغور وغيرهم أصحاب الخبرات القتالية الإجرامية المتراكمة؟!”.

وحول الأزمة المتصاعدة، قال الباحث في الشأن السياسي والأمني محمد علي الحكيم، لـ “العربي الجديد”، إن “الهجوم السياسي والإعلامي الأخير الذي شنّته كتائب حزب الله ضدّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يمثّل تطوراً خطيراً في العلاقة بين الحكومة والفصائل المسلّحة المنضوية ضمن الإطار التنسيقي”.
وبيّن الحكيم أن “هذه التصريحات، التي خرجت عن كونها مجرّد خلاف في وجهات النظر، تكشف عن شرخ داخلي متفاقم داخل البيت الشيعي، وقد تكون لها تداعيات أمنية وسياسية معقّدة خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع قرب انتخابات مجلس النواب، فهذه الخلافات ربّما تؤثّر على استقرار ونزاهة تلك العملية”.
وأصدر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الثلاثاء الماضي، بياناً أعلن فيه تشكيل لجنة تحقيقية للتدقيق والنظر في الشكاوى والمظالم التي تعرّض لها الفلاحون والمزارعون في منطقة الدورة وأطراف العاصمة بغداد ممّن انتزعت أراضيهم أخيراً.
وأشار المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان إلى إلقاء القبض على مدير الزراعة السابق لثبوت تورّطه بمخالفات وفساد واستقواء بالجماعات المسلّحة، مضيفاً “في ضوء ما ورد من شكاوى عديدة، أمر السوداني بتشكيل لجنة تحقيقية برئاسة نائب رئيس ديوان الرقابة المالية، وعضوية ممثلين عن هيئة النزاهة الاتحادية، ومكتب رئيس مجلس الوزراء”. وتابع البيان أن “النتائج سترفع إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي حالة تجاوز أو استيلاء على الأراضي الزراعية للمزارعين والفلاحين بغير وجه حق”.
إلى ذلك، أكّد عضو البرلمان العراقي كاظم الشمري وقوع عمليات نزع الأراضي من الفلاحين بالقوة، تنفذها مليشيات مسلّحة، وقال في تصريحات للصحافيين، الأسبوع الماضي، ببغداد، إن “هناك عمليات استيلاء خطيرة على الأراضي الزراعية. 80 فلاحاً في بغداد خيّروهم أخيراً بين سحب أراضيهم أو مواجهة مجاميع مسلّحة، كما أن هناك جماعات مدجّجة بالسلاح تهدّد الفلاحين وتفرض عليهم رفع يدهم عن أراضيهم”، وكشف عن “مقدمات تجري لتهجير أهل المدائن” لافتاً إلى أن “أطرافاً رسمية عديدة متورّطة مع عصابات بالاستيلاء على أراضي منطقة النهروان، في ظلّ وجود دائرة رسمية في المدائن ترعى العصابات التي تستولي على الأراضي”.
وأضاف أن تلك الجماعات ترتبط ببعض الفصائل والميليشيات المسلّحة.
المصدر: العربي الجديد.