الحكومة السورية تندّد بمخرجات مؤتمر الحسكة وتعلن انسحابها من مفاوضات باريس

الحكومة السورية تندّد بمخرجات مؤتمر الحسكة وتعلن انسحابها من مفاوضات باريس

أصدر مصدر حكومي سوري مسؤول، تصريحات مفصّلة ردّاً على مؤتمر الحسكة الذي نظمته قوات سوريا الديمقراطية “قسد” أمس الجمعة، محدّداً موقف الحكومة في عدة محاور رئيسية.

ونقلت وكالة “سانا” الرسمية للحكومة السورية المؤقتة عن المصدر قوله، إن “الحكومة السورية تؤكّد على أن حقّ المواطنين في التجمع السلمي والحوار البنّاء، سواء على مستوى مناطقهم أو على المستوى الوطني، هو حقّ مصون تضمنه الدولة وتشجع عليه، شريطة أن يكون في إطار المشروع الوطني الجامع الذي يلتف حول وحدة سوريا أرضا وشعبا وسيادة”.

وأضاف أن الحكومة “تؤكّد أن للمجموعات الدينية أو القومية كامل الحقّ في التعبير عن رؤاها السياسية وعقد اجتماعاتها وتأسيس أحزابها ضمن الأطر القانونية الوطنية، شريطة أن يكون نشاطها سلمياً، وألّا تحمل السلاح في مواجهة الدولة، وألا تفرض رؤيتها على شكل الدولة السورية”.

وتابع أن “شكل الدولة لا يُحسم عبر تفاهمات فئوية، بل عبر دستور دائم يقرّ عبر الاستفتاء الشعبي، بما يضمن مشاركة جميع المواطنين على قدم المساواة، ويحق لأي مواطن طرح رؤاه حول الدولة، لكن ذلك يتمّ عبر الحوار العام وصناديق الاقتراع، لا عبر التهديد أو القوة المسلحة”.

وقال المصدر إن “ما جرى في شمال شرق البلاد لا يمثّل إطارا وطنياً جامعاً، بل تحالف هشّ يضمّ أطرافاً متضررة من انتصار الشعب السوري وسقوط عهد النظام البائد، وبعض الجهات التي احتكرت أو تحاول احتكار تمثيل مكوّنات سوريا بقوة الأمر الواقع، وبالاستناد إلى دعم خارجي تلجأ هذه الأطراف والجهات لمثل هذه المؤتمرات هروباً من استحقاقات المستقبل، وتنكراً لثوابت الدولة السورية القائمة على جيش واحد، حكومة واحدة، وبلد واحد”.

ولفت إلى أن “الحكومة تدين بشدّة استضافة شخصيات انفصالية ومتورطة في أعمال عدائية، في خرق واضح لاتفاق 10 مارس، وتحمّل قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وقيادتها المسؤولية الكاملة عن تداعيات ذلك، وتعتبر الحكومة أن هذا المؤتمر محاولة لتدويل الشأن السوري، واستجلاب التدخلات الأجنبية، وإعادة فرض العقوبات، وهو ما تتحمّل “قسد” تبعاته القانونية والسياسية والتاريخية”.

وذكر أن “هذا المؤتمر شكّل محاولة لعرض طروحات تتعارض مع اتفاق 10 مارس، سواء بالدعوة إلى تشكيل “نواة جيش وطني جديد” أو إعادة النظر في الإعلان الدستوري، أو تعديل التقسيمات الإدارية، رغم أن الاتفاق نصّ بوضوح على دمج جميع المؤسّسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن مؤسّسات الدولة، وضمان الحقوق على أساس الكفاءة لا الانتماء”.

وأشار إلى أن “المؤتمر يمثّل تهرباً من تنفيذ استحقاقات وقف إطلاق النار ودمج المؤسّسات، واستمراراً في خرق الاتفاق، وهو في الوقت ذاته غطاء لسياسات التغيير الديمغرافي الممنهج ضدّ العرب السوريين، تنفذها تيارات كوردية متطرّفة تتلقى تعليماتها من قنديل”.

وقال إن الحكومة “تؤكّد أن هذا المؤتمر شكّل ضربة لجهود التفاوض الجارية، وبناء على ذلك فإنها لن تشارك في أي اجتماعات مقرّرة في باريس، ولن تجلس على طاولة التفاوض مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام البائد تحت أي مسمى أو غطاء، وتدعو قوات سوريا الديمقراطية “قسد” للانخراط الجاد في تنفيذ اتفاق 10 مارس، كما تدعو الوسطاء الدوليين لنقل جميع المفاوضات إلى دمشق باعتبارها العنوان الشرعي والوطني للحوار بين السوريين”.

والمؤتمر الذي عقد أمس الجمعة في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا تحت اسم “وحدة موقف المكوّنات” دعا إلى “إنشاء دولة لا مركزية، ووضع دستور يضمن التعدّدية العرقية والدينية والثقافية” وشارك فيه وجهاء عشائر وشخصيات دينية بارزة في المنطقة.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وقّعت اتفاقاً مع الحكومة السورية في 10 مارس 2025، ينصّ على دمج قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ضمن مؤسّسات الدولة السورية مع الحفاظ على وحدة الأراضي ورفض أي تقسيم أو فدرلة.

ويفترض أن يتمّ تطبيقه ضمن إطار زمني محدّد، لكن تطبيق الاتفاق يواجه تحديات كبيرة بسبب التباينات بين الطرفين، خصوصاً حول شكل الدمج وحقوق الإدارة الذاتية في مناطق شمال شرقي سوريا.

مقالات ذات صلة