ممّن التمس عبد الله أوجلان الصفح واعتذر؟

عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكوردستاني، بكك الذي حلَّ تنظيمه الذي قاده لمدة 47 عامًا. خلال تلك الأعوام الـ 47، اعتذر والتمس الصفح والعفو مرتين. بعد 47 عامًا من حرب طاحنة لعينة جلبت دماراً كبيراً وخراباً هائلاً على كوردستان. فيا تُرى: ممّن التمس عبد الله أوجلان الصفح واعتذر؟

الالتماس الأول للصفح-الاعتذار الأول

أول اعتذار مسجّل لعبد الله أوجلان كان في 1 يونيو/ حزيران 1999 خلال محاكمته في إمرالي.

خلال محاكمته، خاطب عبد الله أوجلان عائلات قتلى الجنود الأتراك في المعارك. فقال:

“أمهات الشهداء العسكريين الأتراك، أريد أن أختصر كلامي، أشارككم آلامكم ومآسيكم من كلّ قلبي، كما أعبّر عن حزني العميق من منطلق مسؤوليتي في هذا الموضوع”.

الالتماس الثاني للصفح-الاعتذار الثاني

قدّم أوجلان اعتذاره الثاني في نهاية كتابه “دفاعاً عن شعب” الذي نُشر عام 2004، فقال أوجلان:

بسبب ثقافة الصيد والطبيعة المفترسة في جيناتي منذ الطفولة، جعلتني اصطاد العصافير وقطع رؤوسها بلا رحمة أو خوف، وللحيوانات التي اصطدتها وقتلتها بحكمة… ألتمس منهم السماح واعتذر منهم. وهكذا أبدأ حياة جديدة.

فـأوجلان اعتذر مرة لعائلات قتلى الجنود الأتراك، ومرة للحيوانات والطيور التي افترسها واصطادها بيديه، ولكن هل قدّم أي اعتذار للكورد الذين ضحّوا بالكثير وعانوا الأمريّن في هذه الحرب الطاحنة المدمّرة التي استمرت 47 عامًا؟ كلّا…

في رسالة نُشرت بتاريخ 27 شباط/ فبراير 2025، وأعلن فيها عن حلّ حزب العمال الكوردستاني بكك، قال أوجلان: “بعد تسعينيات القرن الماضي، تجاوز حزب العمال الكوردستاني معناه وأصبح يكرّر نفسه بشكل متزايد” أي أن الحرب بعد التسعينيات لم تكن ضرورية، ولكن رغم هذا، فعلى مدار تاريخ حزب العمال الكوردستاني بكك، فقد 50 ألف عضو من الحزب حياتهم جميعهم تقريباً لقوا حتفهم بعد عام 1990، لذلك، لم يكن من الضروري أن يخسر 30 ألفاً من أعضاء ومقاتلي وكوادر بكك حياتهم بين عامي 1990-1999، وفي الأول من حزيران عام 2004، أعلن عبد الله أوجلان حرب أخرى من جديد راح ضحيّتها 20 ألف گريلا، أي أن 50 ألف إنسان خسروا حياتهم عبثاً وسدى بلا سبب، فيا تُرى: هل اعتذر عبد الله أوجلان من عوائل هؤلاء الشهداء من أبناء الكورد وبناتهم وأطفالهم الذين قدّمهم أوجلان ضحايا وقرابين على مذبحته ومن أجل شخصه وخياله المُظلم القاتم؟ كلّا…

هل اعتذر أوجلان للقرى والناس الذين هُجّروا ورُحّلوا من قراهم بعد حرب 1990؟ كلّا…

أغتيل حوالي 2000 من أعضاء وكوادر حزب العمال الكوردستاني بأوامر من أوجلان. قُتل العشرات من كبار قادة الحزب من بينهم جتين گونگور وأنور عطا وأمر الله كومرال، ومحمد شنر، وفاروق بوزكورت، وبارزان دوره، وكاني يلماز، وشابور بوديشافا، وآلاف آخرون بسبب انتقاداتهم السياسية لأوجلان. نعم، اعتذر أوجلان للعصافير التي اصطادها في صغره، لكنه للأسف لم يعتذر لرفاق دربه الذين اغتالهم…

بناءً على أوامر أوجلان، قُتل الكورد من حركات سياسية أخرى لمجرد أنهم لم يكونوا أعضاء في حزب العمال الكوردستاني بكك. قُتل العشرات من الشخصيات القيادية البارزة كـ فريد أوزون، حكمت فيدان، مصطفى جامليبل، ومصطفى تانگونر على يد العمال الكوردستاني بكك. فهل اعتذر أوجلان منهم؟ كلّا…

في عام 1992، أعلن حزب العمال الكوردستاني حربًا على إقليم كوردستان-جنوب كوردستان بأوامر مباشرة من أوجلان. في هذه الحرب، أُحرقت قرى إقليم كوردستان واحتلّت وسقط أهالي المنطقة ضحايا وقرابين… استشهد أكثر من ألف من بيشمركة كوردستان في هذه الحرب وتلك المعارك، فهل اعتذر أوجلان من شعب إقليم كوردستان وقوات البيشمركة؟ كلّا…

نعم، اعتذر أوجلان من الجنود الأتراك والعصافير، ولكن بعد حرب طاحنة مدمّرة لـ 47 عاماً لم يعتذر أوجلان من الكورد قط. بل على العكس من ذلك، اتّهم في رسائله بعد حلّ حزبه وتفكيك تنظيماته شخصيات مثل الشيخ سعيد وسيد رضا بالعمالة والخيانة. ووصف أوجلان الثقافة واللغة الكوردية بالمزبلة والمقبرة…

فـ بداية، يجب على عبد الله أوجلان أن يخرج ويعتذر من الكورد دون مماطلة أو تسويف أو حجج…

مقالات ذات صلة