تمرّ اليوم الإثنين 37 سنة على بداية آخر مراحل جرائم الأنفال سيئة الصيت، وهي مرحلة أنفال بادينان، بينما لم تتمّ حتى الآن إعادة رفات أي من الضحايا.
ففي مثل هذه الأيام، يستعيد أهالي منطقة بادينان في محافظة دهوك واحدة من أكثر الصفحات إيلاماً في تاريخهم الحديث، وهي المرحلة الثامنة من حملة الأنفال التي نفّذها نظام البعث المقبور بين 25 آب و6 أيلول 1988، وأسفرت عن إبادة آلاف المدنيين وتدمير مئات القرى.
بدأت حملة أنفال بادينان في (25 آب 1988) وانتهت في (6 أيلول) من تلك السنة، وشملت الحملة مناطق دهوك وزاخو وكاني ماسي وديرلوك وسرسنك ودينارته وآكري وزاويته وزيوه وشيخان وشيروان مزن، التي هوجمت معاً من 11 جهة.
بدأت أنفال بادينان كسائر مراحل الأنفال بهجوم بالأسلحة الكيمياوية في 24 آب استهدف قرية (سبيندار) على سفح جبل گاره باستخدام قنابل عنقودية.
وخلال 13 يوماً من حملة الأنفال في بادينان، تمّ استخدام السلاح الكيمياوي 19 مرة، منها ست مرات في يوم 25 آب وحده.
قاد حملة أنفال بادينان قائد الفيلق الأول في الجيش العراقي، اللواء الركن سلطان هاشم، وقائد الفيلق الخامس، اللواء الركن يونس محمد الذرب، وقائد الفيلق الثاني اللواء الركن كامل ساجد، وكلّ من وزير الدفاع آنذاك الفريق الأول الركن عدنان خير الله، ورئيس أركان الجيش الفريق الركن نزار الخزرجي، ومسؤول لجنة شؤون الشمال لحزب البعث المنحلّ علي حسن المجيد المعروف بـ علي كيمياوي.
وتشير وثيقة تحمل توقيع قائد الفيلق الخامس اللواء الركن يونس محمد الذرب، موجّهة إلى القيادة العامة للجيش، تمّ خلال أنفال بادينان اعتقال 13553 شخصاً، بينهم 3373 امرأة و6964 طفلاً.
وتعرف أنفال بادينان بالمرحلة الثامنة من الأنفال، وشملت مساحة 10360 كيلومتراً مربعاً، وهي المرحلة الوحيدة من الأنفال تمّ تنفيذها بعد وقف إطلاق النار في الحرب العراقية الإيرانية.
وكان عدد المسلّحين الذين شاركوا في تنفيذ حملة أنفال بادينان ما يقارب 200 ألف مسلّح من الجيش العراقي والحرس الجمهوري والجحوش (مرتزقة كورد كانوا يقاتلون لصالح النظام العراقي).
وتشير الإحصائيات إلى إعدام أكثر من 5000 مواطن مدني ميدانياً خلال أنفال بادينان، هذا باستثناء الذين تم اعتقالهم.
ويشير بيان لمنظمة العفو الدولية صدر في (16 حزيران 1990) إلى أن أنفال بادينان تسبّبت في نزوح 55 ألف شخص إلى باكور كوردستان-كوردستان تركيا والأراضي التركية.
وإلى جانب القتول الجماعية، تمّ خلال أنفال بادينان تدمير نحو 600 قرية وتشريد قرابة 60 ألف مواطن باتوا بلا مأوى، وقصف العديد من القرى بالسلاح الكيمياوي بينها 60 قرية مسيحية و81 قرية إيزيدية.
التقرير الذي يحمل الرقم (28/ 2) الصادر في (3 أيلول 1988) عن الفيلق الخامس للجيش العراقي وبتوقيع اللواء الركن يونس محمد الذرب، يشير إلى أنه كان لقيادات الفرق (4، 7، 25، 29، 41) والقوات (38، 41، 45) وقيادات الجحوش مشاركة فعالة، وكان مجموع القوات المشاركة 29 لواء وسبع كتائب دبابات وسريتين وأربع كتائب مدرعة و24 كتيبة صدام والحرس الجمهوري و171 فوج جحوش.
في المرحلة الثامنة من الأنفال (أنفال بادينان) وإلى جانب الضربات الكيمياوية استخدم البعث البائد عمليات إعدام جماعية في عدد من قرى بادينان من بينها قرية (كوريمي) التابعة لقضاء آميدي-العمادية.
وخلال ثمان مراحل لعمليات الأنفال استشهد نحو 182 ألف مواطن من إقليم كوردستان، وبدأت مرحلة أنفال كرميان ضمن الحملة في (14 نيسان 1988) واتّخذ ذلك اليوم كذكرى للحملة يتمّ استذكارها سنوياً في إقليم كوردستان.
وفي (14 نيسان 2008) أقرّ مجلس النواب العراقي عمليات الأنفال كجريمة إبادة جماعية، وقد تمّ إعدام عدد من القيادات العسكرية في عهد نظام صدام البائد من بينهم علي حسن المجيد المعروف في العام 2010.