يتعرّض المسيحيون في العراق لعمليات استيلاء ممنهجة على أراضيهم من قبل مافيات الأراضي وميليشيات الحشد الشعبي، وعلى رأسها ميليشيا “بابليون” التابعة للميليشياوي الإرهابي ريان الكلداني، في وقت تقف فيه الحكومة الاتّحادية في بغداد مكتوفة الأيدي عاجزة عن اتّخاذ خطوات عملية لإعادة هذه الأراضي إلى أصحابها وتقف موقف المتفرج.
المسيحيون في سهل نينوى، الذين يتألفون من (الآشوريين، الكلدان والسريان) بالإضافة إلى الكورد المتواجدين هناك، يُعدّون من أقدم سكان العراق وكوردستان. وأكبر تجمعاتهم تتركّز في بلدات الحمدانية وخصوصاً في (بغديدا وقره قوش) برطلة، تلكيف، كرمليس وألقوش.
منذ عام 2003، ومع الانفلات الأمني في نينوى وسط هيمنة الجماعات والميليشيات المسلّحة، بقيت أراضي المسيحيين تحت تهديد مستمر بالاستيلاء، ما دفع كثيرين منهم إلى الهجرة، فيما تعرّضت ممتلكاتهم وأراضيهم للمصادرة.
الخارجية الأمريكية: استيلاء ممنهج على ممتلكات المسيحيين
ووفق تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في 22 آب/ أغسطس 2025 بعنوان (The Status of Land Seizures in Iraq Targeting Minority Communities)، جرى التأكيد على أن المكونات الدينية والقومية في العراق، وبينها المسيحيون، تتعرّض لعمليات استيلاء على الممتلكات الخاصة والعامة والدينية والثقافية.
وأوضح التقرير أن المشكلة ما تزال قائمة، حيث تواصل ميليشيات تابعة للحشد الشعبي الاستيلاء على أراضي المسيحيين الزراعية والتجارية والسكنية، خصوصاً في سهل نينوى، بل وحتى في بغداد وبعض المناطق خارج إقليم كوردستان.
ميليشيا “بابليون” تستولي على أراضي المسيحيين
وبحسب تقارير دولية، فإن ميليشيا “بابليون” التابعة لـلميليشياوي ريان الكلداني ضالعة في الاستيلاء على ممتلكات المسيحيين، حيث تقوم ببيعها لجهات أخرى لصالح مصالحها المالية وإرضاء مجموعات أخرى من الحشد الشعبي وحتى إيران.
ووفق تقرير لـ (UK Visas and Immigration) صدر في 27 أيلول/ سبتمبر 2024، فإن اللواءين 30 و50 التابعين للحشد الشعبي متورّطان في الاستيلاء على ممتلكات المسيحيين، كما يمنعون عودتهم إلى مناطقهم ويفرضون قيوداً على حريتهم في التنقل.
بدورها، أكّدت الأمم المتّحدة في تقرير صدر في أيلول/ سبتمبر 2024 استمرار هذه التجاوزات.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أشارت في تقريرها لعام 2022 إلى أن المسيحيين في بغداد، البصرة، كركوك ونينوى يشكون من استيلاء متواصل على ممتلكاتهم بعد دحر داعش.
الكنائس تدق ناقوس الخطر
وبحسب تقارير الخارجية الأمريكية، فقد رفعت الكنائس وممثّلو المسيحيين شكاوى متكرّرة حول محاولات لتغيير ديموغرافية المناطق المسيحية في سهل نينوى. ورغم أن القضية طُرحت داخل البرلمان العراقي، إلا أن أياً من الإجراءات الفعلية لم تُتخذ.
بعض الكنائس أعربت عن قلقها من أن ممتلكات ومنازل مدمّرة خلال فترة داعش، جرى شراؤها أو بيعها بطرق مشبوهة، ما خلق مشكلات قانونية تحول دون استعادة أصحابها لحقوقهم.
الاستيلاء على أراضي المسيحيين مخالف للدستور
دستور العراق لعام 2005 نصّ على ضمان حقوق جميع المكونات، بما يشمل حماية ممتلكاتهم باعتبارها جزءاً من هوية المكون. ورغم أن المحكمة الاتّحادية أصدرت قرارات تؤكّد على منع التغيير الديموغرافي وحماية حقوق المكونات، إلّا أن هذه القرارات لم تُطبق على أرض الواقع بل بقيت حبراً على ورق.
الحكومة الاتّحادية متقاعسة
وعلى الرغم من النصوص الدستورية والتشريعات الداخلية في العراق، وشكاوى الكنائس وخاصة الكنيسة الكلدانية، والتقارير الدولية المتكرّرة، لم تتّخذ الحكومة الاتّحادية أي خطوات عملية لمعالجة المشكلة. واكتفت بطلب تقديم استمارات شكوى دون وضع حلول لإعادة الأراضي والممتلكات، ما جعل المسيحيين يشعرون بعدم الأمان في المناطق الخاضعة لسلطتها.