حراك مسيحي في سهل نينوى لإنهاء نفوذ مليشيا بابليون عن مناطقهم قبل الانتخابات

حراك مسيحي في سهل نينوى لإنهاء نفوذ مليشيا بابليون عن مناطقهم قبل الانتخابات

كشفت صحيفة “العربي الجديد”، أن الميليشياوي المدرج على لائحة العقوبات الأمريكية، ريان الكلداني، قائد ميليشيا بابليون التابعة للحشد الشعبي، قد أدرك أنه يفتقر إلى القاعدة الشعبية بين المسيحيين، لذلك بدأ بحملة ضغط، حيث أجبر عناصر ميليشياته على جلب ما بين 10 إلى 25 بطاقة اقتراع لكل منهم.

ووفقاً لتقرير الصحيفة، فقد بدأت الميليشيات جهودها لتزوير الانتخابات بالفعل، وفي هذا الإطار أطلقت ميليشيا بابليون التابعة لميليشيات الحشد الشعبي حملة واسعة النطاق.

وكشف التقرير أنه صعّدت فعاليات شعبية ودينية مسيحية في منطقة سهل نينوى، بمحافظة نينوى شمالي العراق، خلال الفترة الأخيرة، من حراكها الداعي إلى إنهاء نفوذ الجماعات والفصائل المسلّحة التابعة لميليشيات الحشد الشعبي، وفي مقدّمتها ميليشيا “بابليون” بزعامة الإرهابي، ريان الكلداني، في مناطقهم قبل حلول موعد عملية الاقتراع للانتخابات التشريعية العامة في البلاد، والمقرّرة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، في سادس عملية انتخاب يشهدها العراق منذ حرب تحرير العراق عام 2003.

ومنطقة سهل نينوى ذات الغالبية المسيحية، الممتدة على طول شرقي مدينة الموصل وشمال شرقيها باتّجاه عاصمة إقليم كوردستان-أربيل، وتشمل إلى جانب أكثر من 10 بلدات، 4 أقضية إدارية، وهي الحمدانية، وتلكيف، ومخمور، والشيخان، إضافة إلى ناحية بعشيقة التابعة لمدينة الموصل، وعشرات القرى الصغيرة. وتعرّضت هذه المنطقة إلى جرائم وانتهاكات خطيرة إبان سيطرة تنظيم داعش على محافظة نينوى منتصف عام 2014، ما أدّى إلى هجرة كلّية لمسيحيي سهل نينوى، وعلى الرغم من انتهاء حقبة التنظيم واستعادة بغداد السيطرة على كامل الأراضي العراقية، لكن نسبة قليلة للغاية عادت من مسيحيي سهل نينوى، بينما الغالبية ما زالت متردّدة بالعودة.

ويعزو مراقبون ومواطنون ذلك إلى هيمنة المليشيات المسلّحة التابعة للحشد على مناطقهم، ومن أبرزها مليشيا “بابليون”، بزعامة ريان الكلداني، والمدرج على لائحة العقوبات الأميركية، إلى جانب مليشيات أخرى أبرزها “حشد الشبك”، و”كتائب حزب الله” و”عصائب أهل الحق”.

ونظّم ناشطون في بلدة الحمدانية الأحد الماضي، وقفة دعوا فيها إلى “إبعاد السلاح عن الانتخابات”، وقالوا في رسالة وجهوها للحكومة، إن “التمثيل للمكوّن المسيحي في البرلمان المقبل، لا يجب أن يكون بطابع عسكري” في إشارة إلى مليشيا “بابليون” التي تُقدّم نفسها ممثّلاً سياسياً ومسلّحاً عن المسيحيين العراقيين.

من جهته، وجّه “التحالف المسيحي”، الذي يضمّ قوى سياسية ودينية عراقية مسيحية عدّة، في وقت سابق، نداءً مشتركاً للحكومة، طالب فيه بالتدخل في “سحب” المليشيات المسلّحة من مناطق سهل نينوى، وإسناد الملف الأمني إلى أبناء المنطقة، ويضمّ هذا التحالف كلاً من “المجلس القومي الكلداني”، و”حركة تجمع السريان”، و”الاتحاد الديمقراطي الكلداني”، و”الجمعية الأرمنية”، و”الرابطة الكلدانية العالمية”، و”تيار شلاما”، و”الهيئة الإداريّة لطائفة الأرمن الأرثوذكس”.

وقالت هذه القوى في البيان المشترك إن “المليشيات والفصائل المسلّحة تقوم باستغلال المال الفاسد الناتج عن عمليات التهريب، والإتاوات، والاتّجار غير المشروع في الذهب، والمخدرات، والعملة، إلى جانب توظيف الرواتب الوهمية، لشراء الذمم والأصوات وترويع القيادات الكنسية والسياسية الأصيلة”.

وفي السياق، حذّر النائب في البرلمان العراقي، يونادم كنّا، ممّا وصفها بتداعيات خطيرة، في حال استمرار مصادرة حقوق المسيحيين السياسية من جهات تدّعي تمثيل المكوّن المسيحي، وتمتلك السلطة، والنفوذ، والسلاح، والمال.

وقال كنا لـصحيفة “العربي الجديد” إن “المشكلة الكبيرة التي تواجه المسيحيين في العراق حالياً، أنّ جهات متنفذة باتت تستولي من خلالها على تمثيل ومقاعد المسيحيين مستغلة نفذوها” في إشارة إلى ميليشيا “بابليون” بزعامة ريان الكلداني.

وأوضح أن “ما يحصل اليوم هو أن الكوتا الخاصة بالمكوّن المسيحي تمنح الحقّ بتصويت جميع العراقيين من مختلف الطوائف عبرها، وعدم حصر التصويت للكوتا لأبناء المكوّن من أجل ضمان وصول ممثليهم، والحصول على استحقاقهم ومشاركتهم في إدارة مناطقهم وإدارة البلاد، مؤكّداً ضرورة تعديل القانون الخاص بالكوتا، وجعل التصويت فيه حصراً للمسيحيين، لأنّ بعض الجهات المتنفّذة باتت تملأ مقاعد المسيحيين بأصوات من محافظات ومناطق غير مسيحية، وبالتالي يعني هذا غياب التمثيل الحقيقي للمسيحيين في العملية السياسية العراقية”.

بدوره، قال الناشط المدني المسيحي لؤي صليوا، إن “جماعة الكلداني (مليشيا بابليون) صادرت إدارة المكوّن المسيحي منذ 8 سنوات، إذ استغلت نفوذها وقربها من الأحزاب والفصائل في بغداد للسيطرة على المقاعد البرلمانية المخصّصة لكوتا المسيحيين، إضافة إلى سيطرتها على الوزارة الوحيدة المخصّصة عُرفاً للمكون المسيحي في الحكومة العراقية، وهي وزارة الهجرة”.

وأضاف أن “مليشيا بابليون فرضت على كلّ منتسب في اللواء 50 بالحشد الشعبي، إحضار ما بين 10 و25 بطاقة انتخابية، وبسبب نفوذها الإداري في قضائي الحمدانية، باتت تضغط على الموظفين للتصويت لصالح مرشحيها الذين يشاركون في الانتخابات البرلمانية”.

واعتبر صليوا أنه “لا جدوى من مشاركة المسيحيين في الانتخابات المقبلة، لأنها ستكون كالانتخابات السابقة، من حيث غياب التمثيل الحقيقي للمكون، وسيطرة وسطوة الكلداني على المقاعد، سواء عبر السلاح، أو المال السياسي، أو التهديدات الإدارية”.

أما المحامي والسياسي العراقي يوحنا يوسف، فرجّح مقاطعة أكثر 80% من أبناء المكون المسيحي الانتخابات، بسبب هيمنة ميليشيا “بابليون” على المشهد بالقوة في المناطق المسيحية”.

وأضاف بأن “أبناء المكون المسيحي أمام خيارات ثلاثة لإنهاء حالة التهميش السياسي التي تواجههم، الأولى أن يقاطعوا الانتخابات تماماً، والثانية أن يجري تغيير قانون الكوتا ليضمن مشاركة فعلية وحقيقية للمسيحيين، عبر تنافس أصوات أبناء المكون فقط على المقاعد الخاصة بكوتا المكون من خلال سجلات خاصة بهم، أما الخيار الثالث فهو إلغاء نظام الكوتا نهائياً ليكون التنافس على المقاعد والتمثيل المسيحي في البرلمان كباقي العراقيين”.

ولفت إلى أن هناك إرادة متنفّذة لمنع تمثيل المسيحيين، وحصولهم على حقوقهم في العراق، مؤكّداً أن رئيس كنسية السريان الكاثوليك في الموصل (يونان حنو) طالب بوضوح رئيسَ الوزراء محمد شياع السوداني، بالعمل على ضمان تمثيل حقيقي للمكون المسيحي في العملية السياسية والانتخابات، إلا أن أي ردود لم تصل من بغداد تجاه هذا الطلب.

وفي السياق، أوضح الخبير بالشأن السياسي العراقي مجاهد الطائي، أن “ما يحصل من حراك شعبي لفعاليات مسيحية تطالب بإفساح المجال لتمثيل حقيقي لهم، هو نتاج هيمنة جماعة بابليون على مناطقهم سياسياً وادارياً وعسكرياً”.

وأضاف أنه “يأخذ شكلاً من أشكال اختطاف التمثيل، باستغلال السلاح وقوة المليشيات.

وقال الطائي: إن “الصوت المسيحي بات مصادراً، بسبب خضوع مناطقهم لقوة السلاح وحكم المليشيات، واستغلال القوى والفصائل الشيعية المتحالفة مع حركة بابليون لنظام الكوتا، الذي يجعل العراق دائرة انتخابية واحدة بالنسبة لتمثيل الكوتات”.

وأضاف: أنه “رغم الخطأ والخطر من تطبيق نظام الكوتا الحالي، والذي تسبّب بمصادرة صوت وحقوق وتمثيل المسيحيين، إلا أن الجهات المتنفّذة تستغل هذا النظام للحصول على المقاعد البرلمانية بطرق قانونية وشرعية”.

وبيّن أن نفوذ السلاح والمليشيات في العراق عمد في مرحلة ما بعد داعش إلى تحويل سهل نينوى والأقليات القاطنة فيه إلى أقليات مسلّحة، كما تحاول أن تفعل مليشيات الشبك وبابليون، وذلك من أجل ضمان الكسب السياسي، ومواجهة إقليم كوردستان والعرب السنّة في نينوى، محذّراً من خطورة تلك المساعي على مستقبل المجتمع في سهل نينوى، ومستقبل محافظة نينوى وعموم العراق.

جديرٌ بالذكر، كان “معهد واشنطن” قد أكّد في وقت سابق، أن المدعو ريان الكلداني زعيم “حركة بابليون” المصنّف ارهابياً يتهيأ لتكرار التكتيكات نفسها التي مكّنته من السيطرة على مقاعد الكوتا المسيحية في الانتخابات البرلمانية لعام 2021 وانتخابات مجالس المحافظات لعام 2023.

مقالات ذات صلة