تحولت العملية الانتخابية في العراق إلى مهزلة أثارت امتعاض الشعب العراقي والنخب المثقفة، حيث تحوّلت إلى سوق سوداء واسعة لشراء الأصوات، إذ لم يعد الأمر مقتصراً على شراء بطاقات الناخبين بالمال، بل تعدّاه إلى تقديم هدايا ومغريات غير تقليدية، بينها الأسلحة لبعض شيوخ العشائر والملابس النسائية للناخبات، في مشهد خطير يهدّد نزاهة الانتخابات ويضع العملية الديمقراطية برمتها على المحك.
وحذّر النائب السابق في البرلمان العراقي فوزي أكرم ترزي، من وجود محاولات متعمدة للإضرار بالديمقراطية في العراق، مؤكّداً أن “شراء بطاقات الناخبين لم يعد حالة فردية، بل أصبح ظاهرة متفشية، حيث تُدفع مبالغ مالية ضخمة مقابل الحصول على تلك البطاقات”.
وأضاف بأن “هذا الملف يتطلّب تشكيل لجنة تحقيق تكشف عن هوية السماسرة والجهات التي تقف وراءهم، لأن أي مساس بالعملية الديمقراطية يهدد أسس بناء الدولة”.
من جانبه، أوضح مصطفى الطائي، المختص في الشؤون الاستراتيجية بأن “الأموال السياسية المطروحة حالياً خطيرة وضخمة، ومتجذرة في الفساد والنهب” لافتاً إلى أن “هذه الأموال تشكّل خطراً كبيراً على العدالة الانتخابية، لأنها تؤثّر بصورة مباشرة على إرادة الناخبين”.
وأكّد أن “سعر بطاقة الناخب الواحدة وصل إلى أكثر من 500 ألف دينار، وهو أعلى سعر مقارنة بجميع الانتخابات السابقة، ما يعكس أن السوق السوداء للأصوات لم تعد هامشية، بل تحوّلت إلى أداة حاسمة في تحديد النتائج لصالح الأطراف الأكثر قدرة على الإنفاق”.
بدوره، حذّر النائب المستقل أحمد الشرماني من “خطر الأموال السياسية على إرادة الناخبين في الانتخابات المقبلة لمجلس النواب، خصوصاً أن هذه الأموال جُمعت في السنوات الماضية عبر صفقات الفساد وغيرها”.
وأضاف بأن “بعض الأطراف والشخصيات السياسية تعتمد كلياً على هذه الأموال لضمان استمرار نفوذها في العملية السياسية” داعياً مفوضية الانتخابات وهيئات النزاهة إلى مراقبة الإنفاق الانتخابي للأحزاب والشخصيات طوال فترة الانتخابات لكشف مصادر هذه الأموال غير المشروعة.
أما النائب علي البديري، فكشف عن ممارسات جديدة تتعلّق بشراء الأصوات، من بينها تقديم هدايا على شكل أسلحة لشيوخ عشائر، أو ملابس نسائية في بعص الاحيان للناخبات، مؤكّداً أن هذه الظواهر تكشف أن شراء الأصوات لم يعد يقتصر على المال فقط، بل اتّخذت أشكالاً معقدة تستغل البنى التقليدية والعلاقات الاجتماعية لتحقيق مكاسب انتخابية.