مؤسّسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD): سياسة السلاح والميليشيات تحلّ محلّ صناديق الاقتراع في العراق…

مؤسّسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD): سياسة السلاح والميليشيات تحلّ محلّ صناديق الاقتراع في العراق...

حذّرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) وهي مركز أبحاث أميركي مختصّ بشؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية، من أن العراق يعيش مرحلة تحوّل سياسي خطير وسط تصاعد نفوذ الميليشيات المسلّحة وغياب فاعلية الدولة في مواجهة العنف السياسي، مشيرةً إلى أنّ ما يجري من اغتيالات لمرشّحين وتهديدهم، وتفجيرات، مع الهجمات المتكرّرة على المنشآت النفطية في إقليم كوردستان، يعكس انهياراً تدريجياً لسيادة القانون وتراجع دور الحكومة في فرض الاستقرار.

وأشارت المؤسّسة في تقرير لها إلى أنّ العراق يشهد تحولاً سياسياً خطيراً، حيث تستمر عمليات تقويض القانون وتوسّع نفوذ الميليشيات المسلّحة، الأمر الذي أسفر مؤخّراً عن حوادث عنف واغتيالات، من بينها اغتيال صفاء المشهداني الذي وقع في خضم احتدام المنافسة الانتخابية، مرجّحاً أن تحاول بعض الأحزاب السنية تعزيز نفوذها السياسي في مواجهة الجماعات الشيعية المدعومة من إيران.

وأوضح التقرير أن حادثة اغتيال المشهداني التي وقعت في 15 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، تمّ تنفيذها بواسطة عبوة مغناطيسية لاصقة وضعت أسفل مركبته، وهو أسلوب لطالما استخدمته الميليشيات العراقية منذ سنوات، مشيراً إلى أن إيران وفّرت تلك التقنيات والأسلحة للميليشيات منذ عام 2010. كما أشار إلى حادثة استهداف مكتب المرشّح مثنى العزاوي، التي أسفرت عن إصابة اثنين من أفراد حمايته بجروح.

وأضاف التقرير بأن هذه الاعتداءات ضدّ المرشحين السنّة تمثّل محاولة لتأجيج صراع سياسي داخلي بهدف إخضاع القوى العربية السنّية وإضعافها، مؤكّداً أن هذه الأعمال تندرج ضمن “مرحلة جديدة من التصعيد السياسي الذي يُراد من خلاله ترويع المكونات السنية في العراق”.

وحذّر التقرير من أن العنف السياسي المتزايد يكشف عن ضعف سلطة الدولة وغياب سيادة القانون، وأن “سياسة السلاح باتت تحلّ محل صناديق الاقتراع”.

وأشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أصدر أوامر فورية بالتحقيق في حادثة اغتيال المشهداني، وأعلنت السلطات اعتقال خمسة مشتبه بهم، إلا أن المؤسّسة الأميركية أكّدت أن السوابق القضائية السابقة لا تبعث على التفاؤل، موضّحة أن بغداد ما زالت تمارس دوراً مزدوجاً بين “الشرطي الجيد والشرطي السيئ” الأمر الذي زاد من قدرة الميليشيات على تنفيذ عملياتها بحرية أكبر في العراق وفي المنطقة.

كما أعاد التقرير التذكير بحكم قضائي صدر عام 2023 ضدّ المتهم بقتل الباحث العراقي هشام الهاشمي، قبل أن يتمّ التراجع عنه لاحقاً، في سابقة اعتبرها التقرير “مثالاً واضحاً على الإفلات من العقاب في العراق”. وأشار إلى أن هذا المسار يعيد إلى الأذهان الاتّهامات الموجهة إلى كتائب حزب الله في تنفيذ عمليات اغتيال وخطف، من بينها قضية الباحثة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف، التي أُفرج عنها لاحقاً تحت ضغط الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب.

وفي جزء آخر من التقرير، تطرّقت المؤسّسة إلى الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي استهدفت البنية التحتية للطاقة في إقليم كوردستان، مؤكّدة أن الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي تقف وراء تلك الاعتداءات، فيما اتّهم التقرير الحكومة الاتّحادية في بغداد بالتغاضي عنها وتجنّب إدانتها.

ورأت المؤسّسة الأميركية أن العراق، رغم محاولاته دمج الميليشيات في الأجهزة الأمنية الرسمية، لا يزال عاجزاً عن السيطرة عليها، مشيرة إلى أن العقوبات الأميركية المفروضة على قادة تلك الفصائل لم تؤدِّ إلى تحجيم نفوذهم، بل استمروا في ممارسة دورهم السياسي والعسكري.

واختتم التقرير بالقول إنّ العراق يمرّ بـ “منعطف سياسي حرج” مشيراً إلى أن الانتخابات المقبلة قد تمثّل نقطة تحول حقيقية لمصلحة الجماعات والميليشيات الموالية لإيران مثل منظمة بدر وحلفائها في الإطار التنسيقي، محذّراً من أن استمرار الاغتيالات والتصعيد السياسي سيبرهن على أن الحكومة غير جادة في ضبط الميليشيات المسلحة.

المصدر: (FDD: Foundation for Defense of Democracies)

مقالات ذات صلة