من أين ينسحب مقاتلو حزب العمال الكوردستاني وأين يحتشدوا ويتمركزوا؟!

العملية التي بدأت في تركيا وباكور كوردستان-كوردستان تركيا تحت مسمى “تركيا خالية من الإرهاب” تسير بشكل مثير للدهشة، فبعد مبادرة باخجلي ودعوته أوجلان، وانصياع أوجلان في الحال والردّ عليه برسالة مكتوبة بخط اليد ملتزماً ومنفّذاً ما طلبه على الفور، كانت هناك ثلاث نقاط غاية في الوضوح في بيان أوجلان:
قال أوجلان: “سيُلقي حزب العمال الكوردستاني سلاحه. وسيعقد مؤتمره ويحلّ نفسه ويفكّك تنظيماته. والثالث، لن يتحدثوا بعد الآن عن الدولة الكوردية، أو الفدرالية أو الحكم الذاتي، أو الحقوق الثقافية. بل سنحقّق “تكاملًا-اندماجاً ديمقراطيًا”.
كان بيان أوجلان واضحًا جدًا لمن يفهم. أدلت العديد من الأحزاب السياسية وكذلك قادة ومسؤولو حكومة إقليم كوردستان بل والجميع وكافة الأطراف وبالأخص الداعية للسلام بتصريحات أعربوا فيها عن تفاؤلهم بهذه المبادرة والعملية. وأن وقف الحرب وإسكات صوت السلاح أمر إيجابي.
لكن من قيّم رسالة أوجلان بشكل محرّف ومعوج كان حزب العمال الكوردستاني وقسم من أعضاء حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî)، فعلى الرغم من انعقاد حزب العمال الكوردستاني مؤتمره وحلّ نفسه وإنهائه حربه المسلّحة، ظلّ الحديث عن حزب العمال الكوردستاني جاريًا، البعض يدلي بتصريحات كـ “مسؤولين وقادة” في الحزب! إذن فكيف تمّ حل الحزب وفسخه؟! لا أحد يعلم، فلو كان صحيحاً أنك فسخت تنظيمك حقّاً فلا يجوز لأحد أن يدلي بتصريحات تحت هذا الاسم!
من جانب آخر، في 25 الشهر الجاري، عقد القيادي البارز في حزب العمال الكوردستاني، صبري أوك، مؤتمرًا صحفيًا في إقليم كوردستان، وأعلن أن الحزب سحب عموم قواته المسلّحة من تركيا بشكل كامل، وقد أشاد الجميع بهذه الخطوة وعدّوها خطوة إيجابية نحو السلام. ولكن يا تُرى: كيف يقوم تنظيم حلّ نفسه وفسخ تنظيماته وهياكله وألقى سلاحه… بسحب مقاتليه من منطقة ما لأخرى؟! أيا تُرى: إلى أين ينقلون ويرسلون هؤلاء المقاتلين؟! يرسلونهم إلى إقليم كوردستان! نعم، ربما يُحقق هذا القرار بعض السلام في تركيا إلى حدّ ما، ولكن ماذا ستفعل هذه القوات المسلّحة في إقليم كوردستان؟ إذا استمروا في عملياتهم التي يواصلون القيام بها لغاية اليوم في إقليم كوردستان، فستُشكل هذه القوات عبئاً وتهديدًا على حكومة إقليم كوردستان وخطورة عليها.
حزب العمال الكوردستاني متعدّد الأقطاب في هذه القضية، وما يقوله أوجلان لا يرضي الجميع. بل جلّ ما في الأمر هو أنهم ذو وجهين ويتقاربون وفق تكتيكات، وستظهر آثار هذه المسألة في المستقبل. من ناحية أخرى، لا يريد حزب العمال الكوردستاني قبول حقيقة العملية التي بدأت والتصرف وفقها، فـ مصطلح “تركيا بلا إرهاب” هو اسم العملية وهدفها الوحيد، وهذا واضح جدًا. وموقف الدولة تجاه هذه العملية وحقيقتها أكثر صراحةً ووضوحًا من حزب العمال الكوردستاني. ومع ذلك، يحاول حزب العمال الكوردستاني والعديد من مسؤولي التنظيمات والكيانات والهياكل التابعة له إخفاء هذه الحقيقة واتباع سياسة خاطئة ومعوجّة.
ولا يخفى أن قنديل طالما كان تحت تأثير نفوذ الدولة الإيرانية فهو لا يستطيع اتّخاذ أي قرار مستقر وثابت، وما لم يُقادوا على طريقة كمالية يسارية، سيُمارسون السياسة في الخفاء.
فإما أن ينقاد حزب العمال الكوردستاني لأوجلان تمامًا ويبدي موقفه علناً بشكل واضح لا خفاء فيه، أو ستكون هناك استفزازات تعرقل سير هذه العملية، فأي سياسة خاطئة في هذه المرحلة ستؤدي حتماً إلى فشل الخطوات المتخذة وانهيار العملية برمّتها…