التهجّم على ليلى زانا ليس اعتداءً على المرأة… بل هو اعتداء على شعب مضطهد وأمة مُستعبدة…

التهجّم على ليلى زانا ليس اعتداءً على المرأة... بل هو اعتداء على شعب مضطهد وأمة مُستعبدة...

خلال مباراة لكرة القدم بين ناديي سوما سبور وبورسا سبور في 17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ردّدت مجموعات من المشجعين هتافات وشعارات بذيئة ومسيئة بحقّ السياسية الكوردية ليلى زانا، كما تكرّرت الحادثة مرة أخرى وذلك في يوم أمس (19 كانون الأول 2025) خلال مباراة جمعت بين سارير سبور وأنقرة سبور، حيث ردّدت مجموعات من مشجّعي أنقرة سبور نفس الشعارات وأطلقوا نفس الشتائم والهتافات البذيئة ضدّ ليلى زانا، ممّا أثار موجة غضب واسعة كونها تعكس عقلية عنصرية خطيرة.

الغريب في الأمر هو أن صحافة حزب العمال الكوردستاني لم تتوقف عند هذه الحادثة ولم تنشر أي خبر عنها في اليوم الأول، لكن، وبعد أن أصبحت الحادثة موضوعًا رئيسيًا للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وأبدى الكورد ردّة فعل عنيفة تجاهها وعبّروا عن استيائهم، تحرّكت صحافة حزب العمال الكوردستاني، ولكن، ليتها بقيت صامتة ساكتة! إذ حاولت وسائل إعلام العمال الكوردستاني تصوير الهجوم على ليلى زانا وكأنه هجوم واعتداء على المرأة، لكنّه في الحقيقة ليس تهجّماً وإساءة للمرأة فحسب، بل هو إساءة وإهانة لشعب مضطهد بأكمله واعتداءٌ عليهم جميعاً.

لأن ما حدث في ملعب كرة القدم وعلى مدرجات الجماهير بحقّ ليلى زانا لم يكن مجرّد “انعدام ثقافة مشجّعين-جماهير” ولا “إثارة عابرة”؛ بل كان بمثابة صرخة رسمية من الفاشية التركية انبعثت من رحم الملاعب والرياضة. فالملعب ليس إلا مكاناً للأحداث، أما الجريمة الحقيقية فتكمن في العقلية والذهنية التي تبرر الإساءة إلى الكورد والمرأة والحرية وتتهجّم عليهم.

إنّ التهجّم والاعتداء على ليلى زانا ليس اعتداءً على امرأة أو على اسم، بل هو هجوم واعتداء على تاريخ المقاومة، وعلى لغة مضطهدة، وعلى جسد امرأة تحلّت بالشجاعة والجرأة لترفع رأسها وتصمد في وجه الفاشية التركية. هذه اللعنة ليست صدفة، بل هي نتاج سنوات من الإنكار والسجن والإساءة وأكاذيب الدولة، أولئك الذين يهتفون بهذه الهتافات ويردّدون هذه الشعارات اليوم كانوا يبنون السجون بالأمس، وسيعودون إلى عمليات القتل مجهولة الفاعل غدًا.

إن صمت المؤسّسات، وتصريحاتها اللامبالية، وتصرفاتها اللاأخلاقية… دعم علني وواضح لهذه الجريمة، والجرم الذي يبقى بلا عقاب يدوم ولا ينتهي.

لأن ليلى زانا حيّة أبية، هي رمزٌ، ولأنها لم تُدمر ولم تسقط يتمّ استهدافها والتهجّم عليها.

لم يكن هذا مجرّد إهانة لليلى زانا وإساءة إليها، بل كان إعلان حرب على كرامة الإنسانية ولغة مسمومة تعبّر عن عقلية عنصرية وفاشية تغلغلت حتى في الملاعب الرياضية، وكلّ من يسعى ويحاول ويسعى تصوير الحدث وكأنّه شيء عادي فهو شريكٌ في هذا الجرم.

لم يكن هذا الهجوم موجّهاً ضدّ ليلى زانا فحسب، ولا ضدّ المرأة كما يزعم حزب العمال الكوردستاني ويدّعي، بل كان هجوماً على الشعب الكوردي ككلّ، متجسداً في شخص ليلى زانا.

مقالات ذات صلة