الولايات المتحدة وإيران في العراق .. ماذا بعد التحول الاستراتيجي الجديد؟
الجزء الثالث والأخير
اللواء الركن متقاعد: ماجد القيسي
المتغير المفاجئ
ان انتشار وباء فايروس كورونا يعتبر العنصر المفاجئ الذي يحتمل ان يؤثر على جميع مسارات الصراع الأمريكي الايراني والذي قد يؤدي الى تخفيف التصعيد بينهما، وبالفعل قام بعض حلفاء امريكا بسحب قواتها من العراق مثل فرنسا التي سحبت 250 جندي، وبريطانيا ايضا سحبت نصف قواتها وتخطط المانيا تقليل عديد القوات، مثلما فعلت جمهورية التشيك التي سحبت 30 جندي من العراق كما وان أحد أسباب اعادة تموضع القوات الامريكية هو انتشار الوباء.
مسارات الصراع المحتملة
حسب الأحداث الأخيرة، يبدو العراق الساحة الأكثر احتمالاً لتزايد مستوى الصراع بين واشنطن وطهران، لكن جميع المسارات تعتمد على الحسابات الإيرانية والأمريكية حول كيفية حماية مصالحهم بشكل أكبر في العراق وفي المنطقة.
الاحتمال الأول:
قيام إيران باستخدام وكلائها بالضغط المتصاعد على القوات الامريكية في العراق، تتضمن هذه الجهود استخدام الهجمات الصاروخية الانتقامية وهي المفضلة لدى الفصائل المسلحة ان هذه العمليات سوف تكون مقلقة لواشنطن وخصوصا وأنها تنفذ من جهات يتم إنكارها من قبل طهران دائما.
الاحتمال الثاني:
تجنب المقاربة العسكرية والاعتماد على استراتيجية الضغط السياسي من خلال دفع حلفاء إيران السياسيين الأكثر قوة مثل كتلة الفتح وحتى كتلة سائرون للضغط على إخراج القوات الامريكية من العراق .
الاحتمال الثالث:
القيام بهجمات محدودة تهدف الى مضايقة او ازعاج القوات الامريكية لتجنب رد انتقامي امريكي كبير مع استراتيجية ضغوط سياسية، عن طريق حلفاء إيران السياسيين في العراق (مزيج من مقاربات عسكرية محدودة وأخرى سياسية) ويعتبر هذا المسار هو الأقرب للتحقيق في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي يمر بها العراق.
الاحتمال الرابع:
ان المتغير المفاجئ المتمثل بانتشار جائحة كورونا على المستوى العالمي وتضرر الولايات المتحدة وإيران بشكل ملفت، سيحد من قدرات إيران بشكل كبير في المدى المنظور، هذا المتغير المترافق مع الانكشاف الذي بدت عليه الاستراتيجية الإيرانية في العراق الى الدفع بكلا الطرفين الى طاولة المفاوضات والوصول الى صيغة تخرج كلا الاستراتيجيتين من عنق الزجاجة، بعد ورود مؤشرات على ذلك.
التداعيات على العراق
إن العراق بوصفه ساحة الاختبار الرئيسية لكل من الاستراتيجيتين المتقابلتين يبدو الأكثر عرضة لتداعيات مسار كلا السياستين ونتيجة لذلك فانه أمام التداعيات الآتية:
تقليص فعالية التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية مساعدة العراق على محاربة تنظيم داعش حيث تم نقل المكون الدولي ضمن العمليات المشتركة الى خارج العراق بعد التهديدات والهجمات التي طالت قواعد عسكرية يتواجد فيها التحالف الدولي.
احتمال زيادة هجمات تنظيم داعش الإرهابي، هو إحدى النتائج غير المقصودة التي يمكن أن يسفر عنها تزايد التوتر بين الولايات المتحدة الامريكية وإيران وخصوصاً وان التنظيم لازال يحتفظ بخلايا نائمة وبؤر داخل العراق وعلى مقربة من حدوده مع سوريا.
اتساع الفجوة بين المكونات العراقية على خلفية الصراع الأميركي-الإيراني وقد تجلت صورته بعد غياب المكون الكوردي والسني عن جلسة البرلمان التي اقرت قانون اخراج القوات الأجنبية من العراق .
ظهور خلافات وتحول في التوازنات بين الكتل والأحزاب الشيعية والتي تمتلك الأغلبية في البرلمان حول تسمية رئيس للوزراء بعد استقالة وزارة عادل عبد المهدي يرتبط الى حد ما بغياب الجنرال سليماني والمهندس واللذان كان لهم تأثير كبير في حسم الكثير من الخلافات التي كانت تظهر سابقا عند تشكيل الحكومة.
ارتفاع مستوى التهديدات من قبل الفصائل المسلحة ليس فقط ضد الوجود الأمريكي فحسب وإنما ايضا ما يخص اختيار شخصية لتولي رئاسة الحكومة وخشيتها من وصول رئيس وزراء قوي ينزع سلاحها ويهدد مصالحها.
التحديات السياسية والأمنية والصحية قد تكون من مضاعفات لتداعيات كبيرة على استقرار العراق في ظل انسداد سياسي وتدهور اقتصادي تأثر به العراق نتيجة انخفاض أسعار النفط.