في الساعات الأولى من مقتل كادرها في السليمانية، اتّهمت الـ PKK الدولة التركية بالوقوف وراء مقتله، متوعّدة بالرّدّ وأخذ الثأر، دون معرفة حقيقة ملابسات الحادث أو معرفة المنفّذ للعملية…
فمن هو شكري سرحد؟ ولماذا استهدفته الدولة التركية؟
قصة حياة “ياسين بولوت” والملقب باسمه الحركي (شكري سرحد) والذي يعدّ من قدامى كوادر تنظيمات حزب العمال الكوردستاني الـ PKK والتي تحدّث عنها عدة مصادر بل والذي وصفتها بعض هذه المصادر بقيادي الـ PKK، ليست كذلك إطلاقاً، فبمجرّد بحث خفيف ومتابعة طفيفة سيتّضح أن “شكري سرحد” لم يكن قيادياً في الـ PKK كما لم يكن كادراً ذو تأثير أو نفوذ قطعاً.
فرغم قدمه في صفوف تنظيمات الـ PKK والتحاقه بها، لم يتسنّم المذكور أية مناصب رفيعة أو ذات تأثير في صفوف هذه التنظيمات، بل لم يكن هذا الشخص يتمتّع بمصداقية الـ PKK بتاتاً، كونه مسنّاً له مشاكل صحية جمة، بل كانت توظّفه في لجان فرعية في بعض مؤسّساتها، فلم يكن سرحد قيادياً ميدانياً كما لم يكن قيادياً تنظيمياً قوياً.
ليست هناك أسباب معقولة أن تطلق الدولة التركية عملية خاصة لاستهداف شخص كهذا، في حين يقطن العديد من كبار مسؤولي الـ PKK في مدينة السليمانية، كذلك مسؤولي حزب الحياة الحرة الكوردستاني (PJAK) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) علاوة على المؤسّسات والقادة التنفيذيين لمنظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) ومنظومة المرأة الكوردستانية وغيرهم العديد من كبار الشخصيات الرفيعة، وكذلك العديد من كوادر الـ PKK وبالأخص الإعلاميين منهم الذين يتجولون بحرية تامة في الماركيتات والأسواق والكافيات والأماكن السياحية! فالسؤال المطروح هنا هو: ألم يكن هناك من هو أولى منه بالاستهداف والاغتيال؟! ألا غرابة في القضية؟
زعمت بعض الأطراف المعروفة في السليمانية وادّعت أن سبب اغتيال شكري سرحد ليس سياسياً، وأن الحقيقة ستنكشف لا محالة.
مسيرة الـ PKK في الاقتيات والاستفادة من الأموات!
ما ليس بمحلّ قبول إطلاقاً هو اغتيال مسنّ في الـ 64 من العمر في زقاق محافظة السليمانية، مهما كانت الأسباب، فحق الحياة مقدّس، غير أن ما هو أبشع من هذا وأسوأ منه إطلاقاً هو الاستفادة من الأموات والاقتيات على جثثهم! فهذه ممارسة في غاية الصلافة وانعدام الصمير والإنسانية واللاأخلاقية!
فعندما كان شكري سرحد حيّاً يُرزق، كانت تنظيمات الـ PKK تراه حملاً ثقيلاً على أكتافها، ولم تكن تعرف أين توظّفه، أمّا الآن فهي تحاول الاستفادة من حادث اغتياله إلى أبعد الحدود، وتسخير القضية كوسيلة إعلامية خاصة.
غير أن الحقيقة هي أنه وفي حياته كان سرحد حملاً ثقيلاً على أكتاف قادة الـ PKK في حين يسخّرون مسألة اغتياله لمصالحهم ويذرفون دموع التماسيح عليه!
أوّل ما تحاول الـ PKK فعله وراء مقتل شكري سرحد هو أخذ التعويضات من الاتحاد الوطني الكوردستاني، فتحاول خلق اتهام هكذا على الاتحاد “في عهد لاهور لم تكن تحصل هذه الأحداث، فلمّا صفّت تركيا حسابات لاهور جنكي بدأت هذه الأحداث…”
نعم بالفعل، في عصر لاهور لم يكن مثل هذه الأحداث تحصل، بل كان كبار قادة الـ PKK يُغتالون…
كما ونقلت وكالة روزنيوز التابعة للـ PKK حديث لاهور الذي تحدّث به في خيمة العزاء بشكل خاطئ ومختلف تماماً، فقد قال لاهور: “أبارك للقوات الأمنية التي ألقت القبض على القتلة بهذه السرعة” ولم يقل “يجب على القوات الأمنية الكشف عن القتلة بأسرع وقت!” كما نقلت روزنيوز!
وبهذا، أرادت وسائل إعلام الـ PKK تعظيم لاهور في أعين الكورد الذين لا يعرفون التحدّث باللهجة السورانية! في حين إظهار غيره من قادة الاتحاد على أنهم سيئين!
ماذا قال مام جلال بصدد الـ PKK؟
بداية، الـ PKK مسؤولة عمّا يحدث في السليمانية من الفوضى والأحداث جميعها، فالقوة الوحيد والتي توجّه السليمانية نحو الفوضى واللااستقرار هي الـ PKK، وكان المرحوم مام جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكوردستاني قد قال عام 1998 بحقّ هذه التنظيمات: “سنفعل كلّ ما يلزم لإخراج الـ PKK من السليمانية، بل حتى إن وصل الأمر إلى حمل السلاح واستخدامه، فهذه التنظيمات متى ما تمركزت في منطقة انعدم فيها الأمن والاستقرار ولن يقدر أحد على العيش فيه!”.
وكان المرحوم مام جلال ينفّذ ما يقوله فكان بحقّ صاحب كلمته، وقد أبعد الـ PKK عن حدود محافظة السليمانية سياسياً وعسكرياً، والشيء الوحيد القادر على جلب الأمن والاستقرار للمحافظة في الوقت الراهن هو إبعاد الـ PKK عنها، من مركز المدينة ومحيط المحافظة كون هذه التنظيمات لا تعترف لا بقانون ولا سيادة كما لا تنسجم مع أجواء الأمن والاستقرار!
فالـ PKK حركة فوضوية، ولو تابعتم قضية اغتيال شكري سرحد عن كثب لوجدتم أن الـ PKK وحدها مستفيدة من هذا الحادث.