أصدرت لجنة العلاقات الخارجية في حزب العمال الكردستاني (PKK) بياناً حول موجة الهجرة والتي أصبحت حديث الساعة للمنصّات الإعلامية، والبيان حمل في طيّاته اعترافاً صريحاً بأن الـ PKK هي السبب الرئيسي لحدوث هذه الهجرة.
فجاء في تصريح لجنة العلاقات للعمال الكوردستاني أن هجمات الدولة التركية على إقليم كوردستان هي سبب رئيسي لحدوث هذه الهجرة!
لماذا قالت الـ PKK الحقيقة؟!
خلال السنتين المنصرمتين، غيّرت الـ PKK بشكل ملحوظ من استراتيجيتها القتالية الحربية، فحاولت بشتى الوسائل نقل حروبها من على الحدود لعتبة المدن والقرى المأهولة بالسكان، وهذا ما رأيناه بأم أعيننا، فكم من قرية أخليت عن أية مظاهر للحياة منذ بداية عام 2019، والتهمتها نيران حروب الـ PKK وقصف الجيش التركي، فالحرب التي كانت دائرة في كوردستان تركيا انتقلت بالكامل لإقليم كوردستان وتدار رحاها في قرى ومدن إقليم كوردستان.
ووفق الإحصائيات الرسمية لحكومة إقليم كوردستان، أنه خلال السنتين الماضيتين هُجّرت أكثر من 50 قرية نتيجة الحروب العبثية وغير المتكافئة والشكلية للـ PKK مع الدولة التركية، وحوّلت تلك المناطق لساحات حرب ومناطق عسكرية، وألحقت خسائر طائلة بها وبالأخص القطاع الزراعي والسياحي وعموم اقتصاد إقليم كوردستان، علاوة على ما ألحقت من أضرار بليغة وخسائر فادحة بأهالي تلك القرى والمناطق بالتأكيد.
الـ PKK هو السبب الرئيسي للهجرة!
انسحبت الـ PKK -خلال السنتين المنصرمتين- من عشرات المناطق والقرى بإقليم كوردستان، وتركتها دون قتال للعساكر الأتراك والدولة التركية المحتلة، فحوّلت مساحات شاسعة من حدود محافظة دهوك لمناطق عسكرية ومستهدفة بالقصف التركي، لتنتقل اليوم لعتبة المدن والقرى القريبة والمأهولة بالسكان.
وبات عموم الشعب الكوردي يدركون حقيقة هذه اللعبة والأجندات التي تنفّذها الـ PKK، وأنها كانت المبرّر الوحيد لجذب الجيش التركي لأراضي إقليم كوردستان، فباتت أهداف الـ PKK محصورة في جذب العساكر الأتراك لأراضي الإقليم شمالاً وميليشيات الحشد الشعبي الشيعي وأذناب محور المقاومة في شنگال وجنوباً.
فالـ PKK ليست السبب الوحيد لهذه الموجة العاتية من الهجرة من إقليم كوردستان لبيلاروسيا فحسب، بل هي السبب في الهجرة داخل الوطن ونزوح عشرات الآلاف من المواطنين الكورد من المكوّن الإيزيدي منذ أكثر من 6 أعوام خلت، وعدم السماح لهم بالعودة لديارهم ومدينتهم المنكوبة (شنگال).
الـ PKK هجّرت وشرّدت الشعب الكوردي بقدر الدول المحتلة لكوردستان
نعم، فالـ PKK هجّرت وشرّدت الشعب الكوردي بقدر من هجّرتهم وشرّدتهم الدولة التركية المحتلة وباقي الدول الغاصبة والمحتلة لكوردستان، فسلبت كرامة الشعب الكوردي في غربي كوردستان -كوردستان سوريا- في عفرين وسري كانيه وكري سبي، فما حياة المخيمات هناك إلا من نتاج أفواه بنادق الـ PKK، كما فعلت ذلك بأهالي شنگال، فذاقتهم الأمرين في المخيمات منذ أكثر من 6 أعوام دون السماح لهم بالعودة لمناطقهم وقراهم والتمتّع بأبسط مقومات الحياة على أرض الآباء والأجداد.
غالبية المهاجرين واللاجئين من إقليم كوردستان على الحدود البيلاروسية البولندية هم من المناطق الخاضعة لهيمنة الـ PKK وتحت سطوتها، لهذا جاءت هذه التنظيمات لتقول بأن هجمات الدولة التركية هي السبب الرئيسي لهذه الموجة العاتية من الهجرة الجماعية
فهنا نتساءل: من الذي تستهدفهم الدولة التركية؟ ألا تستهدف تحركات ومعاقل مسلّحي الـ PKK؟! فنظراً لتواجد مسلّحي هذه التنظيمات وتوغّلهم في القرى والمناطق المأهولة بالسكان تحوّلت هذه القرى وأريافها وهذه المناطق السكنية لساحة حرب مفتوحة وقصف مستمر للأتراك المحتلين، فلا غبار على أن الـ PKK نقلت ساحة حروبها العبثية ومقاومتها المزيّفة المزعومة من كوردستان تركيا لقلب إقليم كوردستان!
ومنذ هذا التحوّل الممنهج والمنظّم لساحة حروبها، ولغاية يومنا هذا، احتلت الـ PKK أكثر من 650 قرية، بحيث يقدّر إجمالي الخسائر التي ألحقتها الـ PKK بإقليم كوردستان بأكثر من 6 مليارات دولار وفق تقارير حكومية رسمية.
40 عام من النضال المزيّف والمقاومة الشكلية والحروب العبثية… نتاجها إرغام الشعب الكوردي على الهجرة والنزوح والتشريد حول العالم
لتغطية جرائمها وممارساتها اللاأخلاقية، تأتي هذه التنظيمات اليوم وتزعم أن الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- هو السبب الرئيسي لهذه الموجة العاتية من الهجرة! والحقّ أن الـ PKK تنظيم متطفّل يستغلّ المآسي والكوارث وتقتات عليها، لهذا نراها ظهرت في هذه الفترة لتنصيع وتبييض وجهها المسوّد بقضية اللاجئين على الحدود البيلاروسية، فعوض أن تطلب وترجو العفو والصفح من شعب إقليم كوردستان على ما تسبّبت لهم من مآسي وكوارث إنسانية من تهجيرها لأكثر من 650 قرية لهم وتحويل مناطقهم لساحة حرب مفتوحة وزجّهم في ثنايا حروبها العبثية والتسبب بجحيم لهم… تأتي اليوم وتلوم حكومة الإقليم والديمقراطي الكوردستاني وتحميلهم نتاج ما جرى ويجري!!
باختصار، تسبّبت تنظيمات الـ PKK بتهجير مئات الآلاف من الشعب الكوردي في كافة أجزاء كوردستان الأربعة (كوردستان تركيا وسوريا وإيران وإقليم كوردستان) وما زالت تواصل صلافتها وحقارتها تحت مسمّى المقاومة والنضال وحفظ كرامة الشعب الكوردي وغيرها من المصطلحات والعبارات الرّنانة الفارغة! والحقّ أنها السبب الرئيسي وراء كلّ معضلة وأزمة حدثت وتحدث للشعب الكوردي، فالتأريخ أثبت أنه وخلال الأربعين سنة المنصرمة أنه متى ما تواجدت الـ PKK في أية بقعة باسم المقاومة والنضال حوّلت تلك البقعة لجحيم لا يّطاق وأجبرت أهلها على العيش في مذلة وارغمتهم على تذوّق حياة البعد عن الأوطان والتهجير والغربة وجميع معاني الاستعباد والإذلال!!!