ليلة الـ 2 من كانون الأول الجاري، أسفر هجوم إرهابي غادر لتنظيمات داعش على قرية خضر جيجة أسفل جبل قرجوخ ضمن إدارة قضاء مخمور، عن استشهاد 10 من كوكبة بيشمركة كوردستان و 3 مدنين، الحادث خلّف وراءه ردود أفعال غاضبة في عموم كوردستان، وأصبح محطّ أنظار كافة المستويات والصعد الإدارية بإقليم كوردستان وقيادة قوات البيشمركة، كما رفع من مستوى الجاهزية الأمنية.
الحادث خلّف وراءه إدانات واسعة على الصعيد العالمي والإقليمي والداخلي، فقد أدانت الأمم المتحدة وأمريكا والدول الأوروبية والدول الإقليمية والأحزاب الكوردية في عموم أجزاء كوردستان، سوى حزب العمال الكوردستاني (PKK) فهو الحزب الوحيد الذي وظّف الهجوم الإرهابي للدعاية الإعلامية واستثماره والاستفادة منه قدر الإمكان، فأصبح الحادث نقطة انطلاق لماكينات الـ PKK الإعلامية للاستخفاف ببيشمركة كوردستان والاستهانة به وبكيان إقليم كوردستان، وتضليل الرأي العام!
وسائل إعلام الـ PKK تصف البيشمركة بـ -الشهداء- في قسم اللغة الكوردية اللهجة السورانية، وتصفهم بالـ -موتى- في قسم اللغة التركية والعربية!
نقل إعلام الـ PKK الحادث بأساليب شتى ووفق ميول متابعيها وقرّائها، فوكالة (Rojnews) التابعة للـ PKK والتي تبثّ في محافظة السليمانية بإقليم كوردستان، أرغمتها حساسية الشعب الكوردي في إقليم كوردستان تجاه البيشمركة وحبّهم المطلق لهم، على وصف ضحايا البيشمركة في الهجوم بـ (الشهداء) في قسم اللغة الكوردية -اللهجة السورانية- بينما وصفت نفس الوكالة شهداء البيشمركة بـ (الموتى) في قسم اللغة التركية واللغة الكوردية -اللهجة الكرمانجية اللاتينية- وكذلك اللغة العربية، والجدير بالذكر أن قسم اللغة التركية لهذه الوكالة يدار من قبل كادر الـ PKK المدعو (سيد أفران) وهو معروف بمنشوراته المعادية والمناوئة لإقليم كوردستان، وكان ذو باع طويل في صناعة الأنباء حول مناطق كركوك وخورماتو والتي تسيطر عليها ميليشيات الحشد الشعبي.
سيد أفران، مناضل الـ PKK وكادرها الإعلامي المولّع بالعراق
فخلال أحداث 16 أكتوبر الخيانية، ولدى احتلال كركوك، كان لـ سيد أفران دور بارز ضمن أطر الحشد الشعبي في صناعة الأخبار ونشرها، وسيد أفران هذا -المولّع بالعراق والحشد الشعبي- قد قدّم في العديد من المرات مقترحاته للحكومة العراقية على شكل أنباء! إحدى هذه المقترحات كانت لدى زيارة الزعيم الكوردي مسعود بارزاني لبغداد في تشرين الأول علم 2018، حيث نشر سيد أفران خبراً صرّح فيه بأن المحكمة الفدرالية العراقية قد أصدرت حكماً باعتقال البارزاني نتيجة إجرائه استفتاء الاستقلال، فكتب: لماذا لم يعتقل في بغداد؟! هذا الوضع سيعرّض مستقبل العراق لخطر عظيم!
فكان الخبر بمثابة مقترح من سيد أفران للحكومة العراقية باعتقال زعيم كوردي، كما وتجسّد حبّه للعراق! هذا وسيد أفران هو الوجه الحقيقي لإعلام الـ PKK، فهو يفضح فقط وجهاً من أوجه الحقد والكراهية السافرة وعداء الـ PKK لكوردستان والوطنيين المخلصين من رموز الوطن.
أوزكور بولتيكا تقتات على الموت!
تعدّ ANF إحدى وسائل إعلام الـ PKK التي لم تنشر سوى الخبر الذي نشرته في الليلة الأولى من الهجوم، ولم ترى إطلاقاً أن حادث استشهاد 13 كوردياً على يد داعش يوازي خبراً عن الدولة التركية في الأهمية! أمّا صحيفة أوزكور بولتيكا والمواقع والمنصات الإعلامية الأخرى للـ PKK في أوروبا فقد حاولت تهويل الحادث وتحريفه عن مساره!
فقد نشرت صحيفة أوزكور بولتيكا الحادث وفق سيناريو مختلف تماماً، فكوادر هذه الصحيفة البككية حاولت اتّهام البيشمركة بـ “الجبناء والفارين” فصوّرت الحادث على أن داعش هاجم البيشمركة، وأن البيشمركة فرّوا، وأن أهالي المنطقة تصدّوا للهجوم دفاعاً عن البيشمركة! ووصفت الضحايا بأنهم “ماتوا”، عليه، فإن داعش ليس متّهماً إطلاقاً، وإنما المتّهم الوحيد في القضية هو بيشمركة كوردستان!
غير أن أقوال والدة الشهداء الثلاثة في تلك القرية تدحض هذه الافتراءات التي صنعتها ماكينات الـ PKK الإعلامية ومنصاتها الدعائية، فقد أدلت اللبوة الكوردية وأم الشهداء الثلاثة (بيان عثمان) بتصريح صريح أن الهجوم استهدف منزلها بداية الأمر، وأن شهداء البيشمركة الثلاثة إنما استشهدوا لدى تصدّيهم للهجوم وحماية منزلها، في حين حاولت قوات البيشمركة الأخرى التدخّل في الاشتباك وحماية أهل القرية والبيشمركة المتواجدين في القرية فانفجرت عبوة ناسفة زرعها داعش بآليتهم ما أسفر عن استشهاد 7 آخرين من هذه القوات الوطنية البطلة.
فنقل الخبر محرّفاً كـ “لم تقدر قوات البيشمركة على الصمود ففرّت…!” في قسم اللغة الإنجليزية من صحافة الـ PKK إنما كان يهدف الازدراء والانتقاص من قيمة البيشمركة والإساءة إليه لا غير!
أوزكور بولتيكا على خطا جميل بايك ورؤاه
ادّعاءات الـ PKK بأن البيشمركة لم يقدر على القتال والتصدي، وزعمها أنها الوحيدة القادرة على المعارك والحروب ادّعاءات ليست بجديدة على الساحة، فعندما استشهد ما يقارب من 100 من بيشمركة كوردستان، في الوقت الذي كان داعش يستعدّ لمهاجمة إقليم كوردستان، كانت الـ PKK ثابتة على موقفها المعادي والمحارب لبيشمركة كوردستان على قدم وساق!
فقد صرّح جميل بايك خلال حوار مع صحيفة (فرانكفورتر العامة
(Frankfurter Allgemeine Zeitung)) الألمانية في 22- آب-2014: “سمح البيشمركة للموت بحصد أرواح آلاف الإيزيديين فقط من أجل أن تقوم الدول الغربية بدعمه وتعزيزه بالأسلحة! وأن الأسلحة التي سيحصل عليها البيشمركة ستصبح في يد داعش!!” فمنذ تلك الفترة ولغاية الآن تحاول الـ PKK خلق مثل هذه الأفكار والرؤى حول البيشمركة ولهذا تستمرّ منصاتها الدعائية وماكيناتها الإعلامية بنشر مثل هذه الافتراءات الكاذبة عن بيشمركة كوردستان.
الاتجار بدماء الشهداء خيانة
تحاول الـ PKK استثمار الموت والمتاجرة به سياسياً، فإذا مات الأطفال الكورد في أي مكان ما في كوردستان وكان حزب يرى هؤلاء الشباب على أنهم أعداءه، وبقول: أتساءل ما الذي سيحصل لي من وراء هذا الموت؟! يحاول الاستفادة منه، فهذه خيانة عظيمة!
وبصدد مقتل شباب الكورد، فالحق أن هناك تقييمات وراءها دوافع ونوايا حسنة، كما أن هناك انتقادات في بعض الأحيان، إلا أن استهتار واحتقار نضال البيشمركة ومقاومتهم خيانة وانعدام خلق أمام هؤلاء البيشمركة الوطنيين المخلصين، بل هي خيانة بحق الأمة الكوردية، فعندما تتمّ محاولة الاحتقار والاذلال بحقهم في وقت ما زالت أجسادهم الطاهرة ممدودة في ساحة المعركة ولم تجفّ دماءهم بعد، وتتمّ المتاجرة بدمائهم المراقة من أجل الوطن فهذه أعظم خيانة على الإطلاق! والـ PKK إنما تمارس هذه الخيانة البشعة على وسائل إعلامها وبشكل متناسق وممنهج!