ولد علي حيدر كايتان المعروف أيضاً باسمه الحركي (فؤاد ديرسم) في ديرسم بباكور كوردستان-كوردستان تركيا عام 1952، التقى عبد الله أوجلان وتعرّف عليه أثناء دراسته للعلوم السياسية في جامعة أنقرة. تقوّت الأواصر بينهما وحصل تقارب جيد بينهما فكانا يسكنان في نفس المنزل حيث تأسّست المجموعة الأولى والتأسيسية لحزب العمال الكوردستاني بكك، عُرف كايتان بأسلوبه الخطابي القوي وروحه الشاعرية.
عام 1975، اصطحب كايتان فتاة سمراء من ديرسم إلى مجموعة حزب العمال الكوردستاني. كان مغرمًا بها وأرادها بالقرب منه، كانت هذه الفتاة هي كسيره يلدريم، التي عُرفت فيما بعد باسم “فاطمة” داخل أطر حزب العمال الكوردستاني. كان أوجلان يعلم جيداً أن كايتان يحبّ كسيره ومغرم بها، لكنه رغم هذا طلب منها الزواج! ممّا أجبرها على الزواج من أوجلان، استاء كايتان وسخط من ناحية خسارته لـ فاطمة، لكنه من ناحية أخرى وجد نفسه مضطراً للتحضير والاستعداد لزاجهما، بعد ذلك، كان علي حيدر كايتان مترددًا متذبذباً ذو وجهين داخل حزب العمال الكوردستاني، فمن ناحية، كان يتحرّك وفق أوامر وتعليمات أوجلان ومن ناحية أخرى، كان يحمل في قلبه غيظاً وحقداً كبيرين تجاه أوجلان، لكنّه لم يجرؤ أبدًا على الكشف عن شخصيته الحقيقية، لذلك أصبح سيفاً مسلّطاً في يد أوجلان متى ما أراد واضطرّ استخدمه لتصفية أقرانه ومحيطه…
في أوائل سبعينيات القرن الماضي، هاجم كايتان على تنظيمات ديرسم الأخرى باسم حركة الآبوجيين، وخوّن كايتان حركات وتنظيمات مثل (آيدنلك ورييا ئازادي-طريق الحرية إلخ…)، واغتيل وقُتل العشرات من ثوار ديرسم على يدي كايتان وتلطّخت بدمائهم.
المرة الثانية، كان كايتان قد أصبح سيف أوجلان في لبناو ولولان، غضب كايتان واستاء من مواقف أوجلان في محاولته أن يجعل من نفسه الرجل الأول في حزب العمال الكوردستاني بكك، فأراد الانشقاق من الحزب، لكنّه لم يستطع فعل ذلك، فاستسلم لأوجلان مرّة أخرى، وأصبح هذه المرة أيضاً أن يكون سيف أوجلان المسلّط على رقاب المخالفين والمعارضين.
فمن ناحية كان أوجلان يحفز كايتان على محاربة خصومه ومعارضيه، كما لعب دورًا فاعلًا وبارزاً في عمليات التصفية والقتل التي ارتكبت في مخيم لولان وسهل البقاع. في الوقت نفسه، ولأن كايتان كان ديرسمياً وعلويًا، فقد جعل حزب العمال الكوردستاني اغتيال وقتل كوادر ديرسم مقبولاً مشروعاً من خلال علي حيدر كايتان، فعندما قُتل أشخاص مثل جتين گونگور “سمير” وآيتن أوزدمير، والدكتور باران “مسلم دورگون” وعيسى “أورهان إلباي، وكمال زاب حيدر ألباسلان، عندما قُتلوا برّر كايتان قتلهم وشرعها، بل وصل خيانة كايتان ونقضه الوفاء تجاه رفاقه إلى درجة أنه عندما كانت الفتاة التي تزوجها عام 1987 أي “جميلة مركيت-سحر ديرسم” تتعرّض لصنوف التعذيب على يد حزب العمال الكوردستاني بكك، كان كايتان يجلس بجانبها دون إبداء أي موقف. فلم يكن خائناً تجاه رفاقه فحسب، بل كان أيضاً عديم الوفاء والرحمة، وعديم الضمير تجاه أطفاله أيضاً، لدرجة أنه ألقى بطفله الرضيع في النار فقط ليثبت نفسه لأوجلان! نعم أحرق كايتان طفله الرضيع من أجل أوجلان!
وعلى الرغم من هذه الممارسات، لم يكن أوجلان راضيًا عنه أبدًا. طُرد من عضوية حزب العمال الكوردستاني بكك عام 1988، توجّه إلى ألمانيا وسُجن هناك. وبعد إطلاق سراحه، قال له أوجلان بأنه سيمنحه فرصة أخرى لإثبات نفسه وذلك في عام 1995، وأرسله إلى زاب، ووظّفه أوجلان لمحاربة ومهاجمة مكتسبات وإنجازات إقليم كوردستان وتنفيذ قفزة 15 آب الثانية بصفته قائداً، وكان مسؤولاً عن مهاجمة 35 نقطة لبيشمركة كوردستان في ليلة واحدة. وبتعليمات من كايتان نُفذت هجمات على قرية سيدا في ريكان وتسع قرى في ولاتژێري، وتحت مسؤوليته تمّ حرق قرى تيلي، شينگر، بابسيفا، داوودكا وسيلكي، لكن هذه الجرائم والممارسات لم تكن كافية من أجل أن يثبت كايتان نفسه لأوجلان أيضاً، فكان يُنظر إليه على أنه شخص فاشل مهزوم، وتمّت إدانته ومحاكمته، بعد هذا التحول وهذه العملية، لم يشغل كايتان منصب المسؤول الأول لأي منصب هامّ داخل حزب العمال الكوردستاني على الإطلاق، كانت له مهمة واحدة فقط ألا وهي تزيين أقوال وعبارات أوجلان بأسلوبه الخطابي القوي وجعل هذه الأفكار والأقوال محلّ لدى الناس، فكان تائهاً لدرجة أنه قال ذات مرة: “قبل أن أتعرّف على القائد آبو، كنت مثل لقيط تمّ رميه أمام باب مسجد!” كان فاقداً للشخصية عديم المبادئ لا رفاق درب له لدرجة أنه قال: “أريد أن أكون كلباً مسعوراً أمام باب حزب العمال الكوردستاني بكك!” أفعاله القاتمة الشريرة وممارساته الخبيثة هذه أخافت من حوله. ولم يصبح يوماً ما شخصاً محبوبًا قط، بل كان الجميع يتجنّبونه ويحمون أنفسهم منه لأنه لم يكن معلوماً من سيهاجم ومتى وأين!
هذا الوجه المظلم القاتم، الموت، التعذيب، الخيانة وعدم الوفاء أحدث زلزالًا هائلًا في نفسيته وشخصيته، بعد عام 2014، بدأت نهايته. في عام 2018 كان يهذي ويهلوس، ووفقًا لرفاقه، كان في كهفٍ بجبل گاره كشخص شبه سجين، كان يتذّكر رفاقه الذين قُتلوا على يديه فكان يسبّ ويشتم نفسه، ساءت حالته النفسية يوماً بعد يوم، أصدر جميل بايك قرار قتله ونُفّذ القرار تحت مسؤولية مراد قره يلان، أخفى حزب العمال الكوردستاني بكك نبأ اغتياله ومقتله طيلة 7 أعوام، وبعد دعوة أوجلان في 27 فبراير/ شباط، وعندما كان من الضروري إسكات الناس مجدّدًا، كُشف النقاب عن وفاته وتمّ الإعلان عنه!
واليوم، يبدو كايتان كشخصية متكاملة، تتمّ الدعاية له، يقولون إن كايتان كان كـ مريدٍ ودرويشٍ وبير، لكنّهم لا يكشفون النقاب عن سبب موته وكيفية قتله! اختصار قصة كايتان هو أنه كيف تمكّن شاعر أن يتحوّل لقاتل لا يرحم وكيف قُتل بلا رحمة! كان كايتان وشريكًا ورائداً لرفاق دربه، يجب محاكمة حزب العمال الكوردستاني بكك في شخص علي حيدر كايتان كما يجب محاكمة كايتان في شخص حزب العمال الكوردستاني بكك…