من يحرّف أجندة إقليم كوردستان… وما هي الحرب الهجينة؟

يشهد الشرق الأوسط تطوّرات وتحوّلات سريعة وجذرية. ويُسمع قرع نظام جديد، أنظمة ستسقط وحدود وخرائط ستتغيّر، والكورد في قلب هذه الأحداث بل وأهمّ الأطراف الفاعلة في هذه العملية والتحولات والأحداث، فهم في وضع بإمكانهم تحديد مصير الشرق الأوسط وتغيير مصيرهم وقدرهم.

فرصة قد لا تتكرّر ثانية، لكن، هناك بعض الأطراف في سعي حثيث ومستمر لمحاولة عرقلة الأجندات الكوردية واحرافها عن مسارها وطريقها الصحيح حتى يفوّتوا على الكورد استغلال هذه الفرصة الذهبية، وخصوصًا، المساعي والمحاولات الرامية إلى إشغال وإلهاء إقليم كوردستان بقضايا كالرواتب.

ولتحقيق هذه الغاية وهذا الهدف، تُخاض حرب هجينة ضدّ إقليم كوردستان منذ عام 2012.

العراق تخوض حربًا هجينة ضدّ إقليم كوردستان

استخدم فرانك هوفمان مصطلح “الحرب الهجينة” لأول مرة في عام 2007، فالحرب الهجينة هي شكل جديد من أشكال حروب الجيل الجديد، حيث يتم فيها استخدام أساليب وأنماط الحروب التقليدية وغير النظامية وغير المتكافئة.

ويتّضح من خلال تقييم دقيق وعن كثب، فرض كافة أساليب الحرب الهجينة على إقليم كوردستان.

أهمّ ما في الحرب الهجينة وما يميزها عن الحرب الميدانية هو القدرة على الضغط على الخصم دون إعلان الحرب. في مثل هذا الصراع، قد لا يتمكّن الطرف المُهاجَم-الذي يتعرّض للهجوم- من إثبات تعرّضه للهجوم. القوى التي تشنّ الحرب الهجينة هي القوات الخاصة والميليشيات-القوات غير النظامية- والحرب الاقتصادية وحرب الظلّ والهجمات السيبرانية والدبلوماسية. والأهم من ذلك، يتمّ تفعيل القوى المحلية الداعمة للفوضى والاضطرابات.

فلو نظرتم إلى عموم هذه الإحصائيات سترون أن جميعها تُستخدم ضدّ إقليم كوردستان. حيث تخوض الحكومة المركزية العراقية حربًا هجينة متعدّدة الجبهات ضدّ الكورد منذ عام 2012 ولغاية الآن.

لكن تُخاض هذه الحرب بطريقة تجعلهم يصورون هجماتهم وراء ستار المؤسّسات الرسمية كالقانون والقضاء والوزارات وغيرها، وكأنها حماية لسيادة القانون والنظام الإداري؟!

كوردستان تتعرّض لحرب مستمرة منذ عام 2012…

منذ عام 2012، أُشعلت قضية الرواتب، وتمّ تجويع الشعب بطريقة متعمّدة، وبدأوا حربًا اقتصادية، فعلوا كلّ هذا تحت غطاء الدستور. أي أن هناك حربًا اقتصادية تُدار ضدّ الكورد منذ 13 عامًا.

تسعى الدولة العراقية للاستيلاء على موارد الكورد الحلال مثل حليب الأم، وكذلك أراضيهم وثرواتهم السطحية والجوفية ومدنهم وقراهم… يحتل العراق كوردستان ببطء وبشكل تدريجي، تمّ انتزاع كركوك وشنگال-سنجار من الكورد، لكن تحت مسمّى فرض النظام وسيادة الدولة!

عن طريق مرتزقتهم وجحوشهم في بغداد، أحرقوا مكاتب الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعلم كوردستان في بغداد، شنوا حرباً نفسية ضدّ الكورد، لكنّهم غطوا الهجوم بزعم أنه كان ردّ فعل مدني جماهيري!

قدّموا دعماً مالياً لا محدوداً لجحوش الكورد وشركائهم لإنشاء مواقع إلكترونية وتحشيد جيوش إلكترونية وتنظيم المظاهرات تحت غطاء (مظاهرات المعلمين) وتصويرهم كـ “معارضة”.

وزيرة الهجرة ووزيرة المالية في الحكومة العراقية تحاربان الكورد ومستقبلهم كمحاربين يحملان سيفيهما ودرعيهما.

أي أن العراق يخوض حربًا هجينة خفية ضدّ الكورد، وهي بمستوى من الخفاء بحيث لا يمكن للإنسان وصفها بالحرب! وبلا شك، فهناك أيضاً صراع مسلّح موازي لها أيضًا منذ عام 2014، حيث يتعرّض إقليم كوردستان للهجوم، وتُبذل محاولات للقضاء على كيانه الدستوري.

ففي البداية هاجم داعش، ثمّ تلتها هجمات مرتزقة ميليشيات الحشد الشعبي بالمسيّرات المفخّخة، كما هاجم حزب العمال الكوردستاني بكك في إطار هذا المشروع أيضاً، ثمّ هاجمت الدولة الإيرانية. أمّا الدولة التركية، فقد هاجمت هي أيضاً بذريعة محاربة حزب العمال الكوردستاني بكك والقضاء عليه.

صمدت العاصمة أربيل وحافظت على كرامتها وعزّتها ومكانتها في ظلّ هجمات المسيّرات والصواريخ. والآن، تستمرّ هجمات المسيّرات المفخّخة على حقول النفط، تلك التي لم تتمكّن الدولة العراقية من إثباتها وتحديد مرتكبيها! رغم أن الكلّ يعرفهم، أي، أنه لم يتمّ إسكات صوت السلاح تجاه كوردستان خلال السنوات الإحدى عشرة الماضية.

والآن، ورغم هذه الحرب، يُقال هناك مشاكل بين أربيل وبغداد! ولكن، كان ينبغي على الشعب الكوردي ومثقفيهم وصف ممارسات وسلوكيات بغداد بأنها حرب العراق على إقليم كوردستان.

نعم، فرغم أن مسألة الرواتب تؤثّر على حياة الجميع، لكنّ المشكلة أكبر بكثير من مجرّد قطع الرواتب، فدعوة بعض العراقيين العنصريين المعادين المناوئين لكوردستان لتسليم الإيرادات إلى العراق هي دعوة للكورد للخضوع والاستسلام. فحكومة كوردستان متقدّمة بفارق كبير على سلطات بغداد في مجال العدالة والتقدّم والازدهار… ولو أن العراق كان يدير أربيل، لما كانت هناك مشاكل للعراق مع الإقليم.

بل حتى لو استسلم الكورد، فإن بغداد عديمة الضمير لدرجة أنها ستأتي وتستولي على ممتلكات الكورد، وسيتولى المدراء العرب مؤسّساتنا ودوائرنا.

السلطات العراقية ذات فكر سقيم ومتخلف، ومستقبل العراق غامض مجهول، فلماذا يجب أن يستسلم الكورد لهذا النظام المجهول المصير؟! لماذا يجب أن نُسلّم حقوقنا المشروعة ووارداتنا ومواردنا الحلال لنا كحليب أمهاتنا لفوضى العراق؟! على الكورد أن يُعيدوا حساباتهم وأن يكونوا على أهبة الاستعداد لعملية التغيير التي تعصف بالشرق الأوسط. فبهذه الطريقة فقط يُمكننا كسر الظلام المُفروض علينا، وإفشال هذه الحرب الهجينة اللعينة.

 

مقالات ذات صلة