من هو مراد قره يلان؟

الشخصية الخامسة الأكثر تأثيراً ونفوذاً في عمق حزب العمال الكوردستاني بكك، بعد الشخصيات الأربعة المعروفين بـ مجموعة أنقرة (جميل بايك، مصطفى قره سو، علي حيدر كايتان، ودوران كالكان).

وُلد قره يلان في 5 يونيو/ حزيران 1955 في منطقة بلَجيك بـ رها، تخرّج من معهد الهندسة الميكانيكية في رها، قبل انضمامه إلى حزب العمال الكوردستاني، كان ينشط في التهريب بين كوباني وبرسوس. وبسبب عمله ونشاطه في التهريب أصبح شخصية ذكية فطنة في المجال الجغرافي والأمني. انضمّ إلى رفوف حزب العمال الكوردستاني بكك عام 1979 وانتقل إلى جبهة لبنان عبر الحدود عام 1980، ولقيامه بأعمال التهريب عبر الحدود كان يقيم في كوباني ويواصل نضاله عبر الحدود تحت قيادة عبد الله أوجلان.

كان قره يلان ذكيًا ورفيقًا لأوجلان من أبناء مدينته. وهذا ما تسبّب بصعوده وارتقائه على مستوى التنظيم وكسب ثقة أوجلان. نفّذ مهامًا مهمة ونضالاً هاماً في سوريا وأوروبا.

لكن ما جعل قره يلان قره يلاناً هو تعيين أوجلان له قائدًا لـ (ARGK- جيش التحرير الشعبي الكوردستاني) في ربيع عام 1992، وبقائه في منطقة حفتنين. كانت جبهته أكثر الجبهات ضراوة وتأثيراً في حرب حزب العمال الكوردستاني بكك ضدّ الحزب الديمقراطي الكوردستاني عام 1992، ومنذ ذلك الحين، أصبح القائد الأول للشؤون العسكرية لحزب العمال الكوردستاني طيلة هذه الـ 33 عاماً.

مجموعة أنقرة تعادي قره يلان…

كان الأعضاء الأربعة لمجموعة أنقرة بعيدين كلّ البعد عن الكفاءة القتالية وشؤون الحرب وإدارتها، ولم يشاركوا في القتال والمعارك قط، ولأن قره يلان أوصل نفسه لمستواهم، فقد كانوا مستائين ممتعضين منه.

عام 2004، ازداد عداؤهم تجاه قره يلان، فبدأ أوجلان بفتح تحقيق تجاه مجموعة أنقرة وعيّن مراد قره يلان قائدًا لمنظومة المجتمع الكوردستاني (KCK)، وانقسم أعضاء حزب العمال الكوردستاني إلى مجموعتين: أنصار جمال (قره يلان) وأنصار جميل. وانضمّ شخصيات مثل بسي هوزات ورضا آلتون وصبري أوك إلى كفّة جميل بايك في هذا الصراع والعداء.

ورغم المقاومة الشاقة لـ قره يلان في هذا الصراع الداخلي المميت، إلّا أنه انهزم وانهار أخيراً، عام 2013، أقاله أوجلان وعزله وعيّن جميل بايك مكانه.

بعدها، تمّت إعادة قره يلان مرة أخرى إلى الخدمة العسكرية وأُبعد عن السياسة. وبهذه الخطوة، أصبح جميل بايك الشخصية الثانية في العمال الكوردستاني بكك بعد أوجلان.

قائد الجبال المهزوم… مراد قره يلان

من الناحية العسكرية، يُعدّ قره يلان قائدًا مهزوماً، فخلال قيادته العسكرية التي استمرت 33 عامًا، لم يحقّق حزب العمال الكوردستاني أي انتصار في استراتيجيته العسكرية.

من عام 1992 إلى عام 1998، كان قره يلان مسؤولًا عن منطقة بوتان. وتحت قيادته، تمّ إخلاء أكثر من 1000 قرية في بوتان وتهجير مئات الآلاف من الناس من ديارهم وقراهم، أصبحت بوتان خاوية، تكبّد الگريلا خسائر فادحة في هجماتهم على قرقولات عساكر الأتراك الأعداء، عام 1998، أُجبر قره يلان على مغادرة بوتان وتركها كقائد مهزوم متخاذل.

في عام 2004، عندما أراد أوجلان استئناف الحرب، أصر قره يلان على الدفاع عن قرار أوجلان، وضمن قرار الحرب في الأول من حزيران خلال المؤتمر الثاني للحزب، ورغم أنه كان رئيساً لـ (KCK)، إلا أنه يستحوذ ويُسيطر على قوات الدفاع الشعبي (HPG) بشكل تدريجي يومًا بعد يوم.

وإدراكًا منه بأنهم سيكونون ضحايا لتكتيكات القوات المسلّحة التركية، أرسل آلاف الگريلا إلى جبال باكور كوردستان-كوردستان تركيا، وفقد هؤلاء جميعًا أرواحهم. فرمى قره يلان مقاتلين أمثال عادل بلك، وآبي حوس، وآتاكان ماهر، وآلاف آخرين، في نيران العدو لمجرّد أن يُقال بأن الحرب مستمرة!

عام 2015، عندما دمّرت حرب الخنادق والأنفاق باكور كوردستان وعقّدت أوضاع شعب باكور كوردستان ووضعتهم في أزمة كبيرة وخانقة، كان مراد قره يلان آنذاك قائداً لقوات الدفاع الشعبي. كانت فكرته تأسيس منظمة تُدعى وحدات الدفاع المدني-وحدات حماية المدنيين (YPS) لخوض حرب الأنفاق، تلك الحرب التي دمّرت مدن باكور كوردستان.

كثيرًا ما ظهر على شاشات التلفاز وروّج لهذه الحرب قائلًا: “لقد طوّرنا تكتيكات جديدة، وبنينا أنفاق الحرب”، ولكن في رسالته بتاريخ 27 شباط اعترف أوجلان واقر أخيرًا بالهزيمة العسكري لحزب العمال الكوردستاني بكك، ـ فـ قره يلان يعدّ القائد المهزوم لـ “استراتيجية حرب الشعب طويلة الأمد” وكذلك لـ “استراتيجية الدفاع المشروع” لحزب العمال الكوردستاني بكك، في آنٍ واحد.

قره يلان المسؤول عن كلّ الخسائر والانتكاسات…

رغم أنه اكتسب محبة شعبية كبيرة لكونه الشخصية الوحيدة في مجموعة أنقرة، الذي يتحدّث اللغة الكوردية ويعرف الشعب، لكنّه كان صياداً عديم الرحمة لمناضلي وقادة حزب العمال الكوردستاني. ولم يتردّد في قتل الناس في الأنشطة والعمليات التي نظمها وأدارها فقط من أجل إظهار قوته. فقد آلاف الگريلا أرواحهم وقضوا حياتهم تحت إمرته وبأمره.

وفي الوقت نفسه، كان قاتلاً محترفاً في عمليات التصفية الداخلية داخل حزب العمال الكوردستاني بكك. فقد قُتلت شخصيات مثل محمد شنر وناصر (فاروق بوزكورت) بأوامره وتخطيطه.

قره يلان يستغلّ صحبة البارزانيين وصداقتهم…

في العقد الأول من هذا القرن، رأى قره يلان أن بايك يحظى بدعم إيراني. ولكسب التأثير والنفوذ ضدّ بايك، تقرّب قره يلان من حركة البارزاني. وسعى جاهداً أن يُعرّف عن نفسه كـ كوردي وطني مخلص أمام أنظار أبناء باشور كوردستان-إقليم كوردستان، لكنّه مع ذلك، خطّط سرًا أيضًا ضدّ إقليم كوردستان واستغلّ صداقة حركة البارزاني واستثمرها، بعد عام 2015، أدار فوهات بنادق الگريلا نحو صدور بيشمركة كوردستان، وأوصل عداءه لمستوى غير مسبوق حتّى قال: “سأقف مع الآبوجيين في جميع أنحاء العالم في مهاجمة البارزانيين…” أصدر أوامره للگريلا باستهداف البيشمركة فأوقع منهم 12 شهيداً، من بينهم غازي صالح آليخان ومحمد ميرزا سندي.

اضطلاع قره يلان ومشاركته الفعالة في هذا العداء المقيت للحزب الديمقراطي الكوردستاني أضعفه أمام جميل بايك.

هذا، ولا يزال قره يلان شخصية هامّة ومؤثّرة في حزب العمال الكوردستاني بكك. وأوجلان هو من سيحدّد مصيره من الآن فصاعدا مرة أخرى…

مقالات ذات صلة